اشحنونا والا…

اشحنونا والا…
جمال الدويري

يصيبنا الضجر والاحباط عندما ندرك فراغ هواتفنا من الشحن، ونسارع لمدها بالطاقة كيفما وأينما كنا، ارواحنا وأنفسنا المأزومة المحمّلة بالأعباء والهموم، الفارغة من كل امل ونور، من يشحنها وكيف؟
ومن يبدد عتمة انتظارها على قارعة الاحباط والخوف من الغد وعلى الغد؟
من يجعل بعض الزيت في فوانيس ذواتنا التي تاهت بين المأمول والمستحيل، والطموع والقليل؟
ومن يحضّر لنا وجبة من الطمأنينة على مستقبل الوطن، وينفث في مفاصل مواويل الصبر والجلد، بعضا من ايمانا بالمعجزات والعجائب؟
من يقنع ادراكنا ووعينا بأن الغول والعنقاء والخل الوفي، اشياء موجودة بالفعل على رأس المنعطف القريب؟ ومن يقنع اطفالنا، ان اغنية القناعة واسطوانة اللحاف وطول الأرجل متوازية حقيقية قابلة للتطبيق، وصالحة للجميع وتحكم عيش الفقير والأمير؟
ومن ابناء وبنات وطني، يدركنا بمجس حرارة دواخلنا قبل ان يتكرم علينا بميزان حرارة ليزري حديث، يقف على حال اجسادنا المرتعشة من الكورونا؟
من يوجه لاوعينا ان وعينا مخطئ بالحسابات، وأن حواسيب شخصياتنا قد اصيبت بفيروسات اليكترونية ظلمت رهط الفساد وشوهت سمعة اولاد الكلاب وبرامكة العصر دون وجه حق؟
من يواسينا ويلملم شظايا ارواحنا وادراكنا ويبلسم جروحنا ويمد كل فرد فينا منا بأيوب صغير لا ينفذ صبره؟
اقنعونا ايها السادة العبيد، وأبناء الأنابيب ومساخيط الظلام ودنس الأرض وغثاء المجرورات النتنة، بأن الغد افضل من الأمس، وبأن موجودات الوطن من الأوكسجين والكرامة، ما زالت تكفي لثلاثة مصائب وثلث، تحث الخطى نحونا لا محالة، ليس اكبرها ولا اخطرها صفقعة النذالة والعهر،
لتدركون ما تريدون، ولتدّعون وتدلّسون وتمترون وتفترون كما يحلو لكم،ولكن ايماننا الراسخ المتجذر غير القابل للعزل، بأن الخبز لا يعادل الكرامة، وأن التراب والوطن ليست للقسمة والاهداء، وأن الهوية الوطنية ليست سلعة للمتاجرة وشراء الرضا، هي الثابت الوحيد الذي لا يدركه الفناء الا مع زفير النفس الأخير للحياة فينا.
قولوها…ونأمل لكم الجنة، والا فانما عليكم اثم الأريسيين والطغاة وكل الخطّائين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى