سواليف
لا تتوقف السفيرة الأمريكية في عمان أليس ويلز عن مشاغلاتها ومشاكساتها ولا عن أسئلتها الغريبة لبعض السياسيين وتتهيأ الآن لترسيم تقريرها بخصوص الإنتخابات البرلمانية المقبلة التي يستعد لها الأردن حكومة وشعباً.
مؤخراً عادت السفيرة ويلز من واشنطن وسط اعتقاد بانها ستبقى معنية بالملف الأردني في إدارة الرئيسة الجديدة هيلاري كلينتون.. بالنسبة للوسط النخبوي في الخارجية الأردنية هذا «خبر سيئ» لا ينطوي على ترحيب.
في آخر الروايات التي يتداولها السياسيون والمختصون بمجرد عودتها – أي السفيرة – طلبت مقابلة شخص يبتعد تماماً عن الأضواء ويشارك فقط في مشاورات محلية الطابع عن الإنتخابات لمرشحين في شمالي المملكة وهو رئيس مجلس الأعيان الأسبق عبد الرؤوف الروابده.
لم يتضح بعد لماذا طلبت السفيرة زيارة الروابده تحديداً بعدما ظهرت في عمق مدينة معان جنوبي البلاد تلتقي فعاليات محلية وهو ما لم يفعله كثير من المسؤولين الكبار بإستثناء وزير الداخلية القوي سلامه حماد الذي نجح ببساطة وذكاء وفي زيارة واحدة بنزع فتيل إحدى أزمات المدينة.
عموما الروابده وهو لاعب مثير ومهم على الصعيد التشريعي في الأردن كان آخر مسؤول بارز في إدارة الدولة والحكم يفقد موقعه المهم في صدارة وظائف الصف الأول في الدولة بسبب «قانون الإنتخاب « الجديد وفقاً لإجماع المحللين فتعيين الرجل رئيساً للأعيان لم يتجدد والموقع تحول لنظيره فيصل الفايز بعد عبارة مشهور في أحد الإجتماعات سأل فيها الروابده عن غياب»الأب الشرعي» لقانون الإنتخاب.
لاحقا اثارت عبارة روابده جدلاً واسعاً فرد عليها وزير التنمية السياسية آنذاك ورئيس هيئة الإنتخاب المستقلة حاليا الدكتور خالد كلالده مؤكداً بان حكومته ليست غائبة وهي والدة القانون ومسؤولة عن شرحه.
تبين ان استفسار الروابده علق في الأذهان بالمستوى الإعلامي فقد سئل عن الموضوع بعد نحو اربعة اشهر قبل ايام وزير التنمية السياسية الحالي موسى المعايطة فقال ان قانون الإنتخاب الحالي له «أب وأم وأخ وأخت» في عبارة يبدو انها ترد ايضاً على الروابده الغائب.
وبقي موقف روابده الذي كرره مرة واحدة في ندوة علنية رتبها المخضرم الدكتور ممدوح العبادي من المواقف المتقدمة في نقد قانون الإنتخاب الحالي الذي يخشى المحافظون بأن يقفز بالإخوان المسلمين للصدارة مجدداً.
يبدو ان هذا الموقف المناكف إستقطب وجذب سفيرة واشنطن الفضولية مجدداً فطلبت زيارة الروابده.
بعد مشاورات وإتصالات تنسيقية قرر الروابده إستقبال الضيفة الأمريكية وتعهد بان يكون حذراً قدر الإمكان معها وإن كان بكل الأحوال من أفصح السياسيين ورؤساء الوزارات في تاريخ الأردن المعاصر.
الرواية التي نقلتها مصادر مطلعة تتحدث عن أربعة أسئلة محورية طرحتها السفيرة الفضولية على المخضرم الروابده ولها علاقة بملف قانون الإنتخاب وأسباب مغادرته لموقعه شخصياً لموقعه في رئاسة مجلس الأعيان وتقييمه لتطبيقات قانون الإنتخاب والأهم تقديره لمسألة «التعددية الحزبية».
تركت السفيرة في منزل الروابده إنطباعاً بأنها متفاجئة لأنها تيقنت من أن في الأردن حزباً سياسياً واحداً فقط منظماً وتنطبق عليه المعايير الحزبية وهو حزب جبهة العمل الإسلامي الممثل للإخوان المسلمين..ذلك رغم وجود 52 حزباً مرخصاً في وزارة الداخلية ولاحظت السفيرة ان تصريحات المسؤولين الحكوميين لها طالما تحدثت عن أحزاب في الأردن وليس عن حزب واحد.
واضح تماماً ان سفيرة واشنطن لم تحصل على مواقف أو معلومات أو اتجاهات مناكفة من الروابده من النوع المثير فقد أجاب الرجل بدبلوماسية على كل هذه التعليقات المتذاكية وبقي مغرداً داخل سرب الدولة والخطاب الملكي ولم يمنح ضيفته الأمريكية ما بحثت عنه من رجل دولة غاضب او منزعج غادر موقعه البارز مؤخراً كما كانت تقدر .
مشاعر الروابده الشخصية لم تحكم نقاشاته مع سفيرة واشنطن كما لاحظ مطبخ القرار المتابع لاحقاً وحصيلة السفيرة من اللقاء كانت غير ملائمة لإستعمالها في مناكفات أمريكية متلاعبة دبلوماسياً ضد الحكومة الأردنية لإن الروابده خذل توقعات الضيفة وتحدث كرجل دولة وقال رأيه بصراحة في قانون الإنتخاب.
عن القدس العربي