
وثق #المرصد_الأورومتوسطي لحقوق الإنسان شهادات مقلقة تفيد بقتل #الجيش_الإسرائيلي شابًّا مدنيًّا في قطاع #غزة على خلفية رفضه التعاون مع #جهاز_المخابرات_الإسرائيلي.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي استهدف الشاب ” #محمد_إياد_طباسي ” (24 عامًا)، وهو عامل نظافة في المستشفى الميداني في بلدة الزوايدة وسط قطاع #غزة، بشكل مباشر صباح أمس الثلاثاء، بقصف من طائرة مسيرة إسرائيلية قرب خيمة نزوحه وسط قطاع غزة.
وبحسب عائلة الضحية، فإنه على مدار ما يقرب من شهر قبل استهدافه، أجرى جهاز المخابرات الإسرائيلي عدة اتصالات مع “طباسي” طلب فيها التخابر معه.
وقال أحد أفراد العائلة (يتحفظ المرصد الأورومتوسطي على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية): “قبل شهر من الآن، تواصل مع محمد رقم غريب، لم يكن رقمًا فلسطينيًّا، وكان رجلًا قال له “بدنا نساعدك في زواجك ونعطيك نقود لأنو إحنا بنعرف أن ظروفكم المعيشية صعبة ووالدك عاطل عن العمل، وأنت بتصرف على الدار. وظيفة عامل نظافة في المستشفى لا تلبي احتياجات عائلتك اليومية، ونحنا بدنا تتعاون معنا وتمدنا بالمعلومات اللي بنطلبها منك.”
تلقى محمد اتصالًا على هاتفه النقال، وخرج من الخيمة بعد أن أخبرها أنه سيعود بعد أن ينهي المكالمة. يبدو أنهم استهدفوه بسبب رفضه التخابر معهم
أحد أفراد عائلة الشاب “محمد إياد طباسي”
وأضاف: “اعتقد محمد في البداية أن ذلك كان صديقه في مصر يحاول أن يمازحه، فبدأ يضحك معه ويستفزه، فأجاب الرجل: “معك ضابط مخابرات يا حيوان.” حينها، ارتجف محمد وأغلق الخط في وجهه”
ووفق الإفادة، تلقى “طباسي” اتصالًا آخر من الرقم ذاته بعد أسبوع، فلم يجب، ثم عاد ذات الرقم واتصل به مرتين يوم الإثنين الماضي (قبل استهدافه بيوم واحد)، فلم يجب.
وأضاف الشاهد: “اليوم صباحًا (الثلاثاء)، حوالي الساعة 11:00، طلب محمد من أخته تجهيز طعام الفطور، وحين عادت أخته بالطعام، تلقى محمد اتصالًا على هاتفه النقال، وخرج من الخيمة بعد أن أخبرها أنه سيعود بعد أن ينهي المكالمة.
يبدو أنهم استهدفوه بسبب رفضه التخابر معهم”
وقال أحد جيران العائلة في مخيم النزوح: “رأيت محمد يمشي أمامي باتجاه تلة رمل مقابلة للمخيم بينما كان يتحدث على الهاتف. وبعد قرابة دقيقتين من وصوله إلى أعلى التلة، سمعنا صوت صاروخ نزل على المنطقة وأحدث انفجارًا عنيفًا جدًا. حين خرجنا من الخيمة، وجدنا دخان الصاروخ يتصاعد من أعلى تلة الرمل، فذهبنا هناك مسرعين، وإذ بمحمد ملقى على التلة ونصفه الأسفل قد تحول إلى أشلاء، وكان هاتفه مهشمًا ومحروقًا”
وأضاف أحد أفراد عائلته: “وجدنا محمد في المستشفى الأردني الميداني غرب خان يونس، وكان مقطعًا إلى أشلاء، ونصفه الأسفل ليس به معالم. كان عبارة عن عظم ولحم مهروس”
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه –وفقًا للمعطيات التي جمعها فريقه— فإن إقدام الجيش الإسرائيلي على قتل الشاب المدني بهذا الشكل يُعد جريمة إعدام خارج نطاق القضاء وانتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن الشاب “طباسي” مدني ولا يملك أي صفة عسكرية أو أمنية، ويعمل في وظيفة بسيطة كعامل نظافة في المستشفى الميداني وسط قطاع غزة، ما ينفي وجود أي مبرر عسكري لاستهدافه، ويُظهر أنّ قتله جاء بدافع انتقامي بحت.
وأضاف أن استهداف شاب مدني على خلفية رفضه التعاون مع جهاز المخابرات أو تقديم معلومات عن محيطه الاجتماعي يكشف عن نمط خطير تستخدم فيه السلطات الإسرائيلية القتل كوسيلة عقابية ضد من يرفض الخضوع للتخابر، في انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني ولمبدأ الحماية الخاصة للمدنيين في أوقات النزاع.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ هذه الحادثة ليست معزولة، فقد تلقى سابقًا إفادات من عائلات ضحايا تعرضوا للقتل العمد أو استُهدف أفراد من عائلاتهم، بعد رفضهم التعاون مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وكان الأورومتوسطي وثق إفادات ميدانية تفيد بأنّ عددًا من المعتقلين الفلسطينيين الذين رفضوا التعاون مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية تعرّضوا لاحقًا للقتل العمد خارج إطار القضاء بعد الإفراج عنهم، فيما طالت اعتداءات انتقامية أفرادًا من أسر معتقلين آخرين، في انتهاك صارخ وممنهج لقواعد القانون الدولي.
كما أبلغ معتقلون مفرج عنهم (طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم) فريق المرصد الأورومتوسطي بتعرّضهم خلال التحقيق لتهديدات صريحة بقتل أفراد عائلاتهم إن لم يتعاونوا معهم، فيما عُرضت عليهم صور مفبركة أثناء التحقيق، توحي باستهداف ذويهم، ليتبيّن بعد الإفراج عنهم أنها كانت وسيلة تضليل نفسي لإرغامهم على التخابر تحت وطأة الخوف والإكراه.
ونبّه الأورومتوسطي إلى أنّ الإفادات الميدانية تفيد بأنّ أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي تمارس ابتزازًا ممنهجًا بحق المعتقلين الفلسطينيين خلال فترة احتجازهم أو بعد الإفراج عنهم، من خلال مساومتهم على حريتهم أو حياتهم وحياة عائلاتهم مقابل التخابر، في انتهاك سافر للقواعد القانونية والأخلاقية الدولية ذات العلاقة، وفي نمط واضح من العقاب الجماعي والقتل خارج نطاق القانون، الذي لا يستند إلى أي سلوك فعلي يُشكّل تهديدًا، بل يُرتكب تحديدًا بسبب رفض التخابر.
وأشار إلى أن هذه الأفعال المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين تُشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتشمل القتل، والتعذيب، والاضطهاد، والأفعال اللاإنسانية التي تُلحق معاناة شديدة، فضلًا عن إرغام أشخاص مشمولين بالحماية، بمن فيهم الأسرى والمدنيون، على الخدمة أو التعاون مع قوات دولة معادية، في انتهاك صريح لأحكام القانون الدولي الإنساني.
وقال إن هذه الجرائم، بما في ذلك القتل العمد، والإكراه على التخابر، والتعذيب النفسي واستهداف العائلات، تُدرج ضمن السياق الأوسع للجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، والتي تعكس نمطًا متصاعدًا من السياسات والممارسات الهادفة إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني وتدمير مقومات وجوده، كجزء من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي كافة الدول والجهات المعنية بإجراء تحقيق فوري ومستقل في هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة ومحاكمة قادة الاحتلال المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، والتحريض عليها، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
ودعا الأورومتوسطي النيابات العامة والمحاكم المختصة في الدول التي تعتمد الولاية القضائية العالمية إلى فتح تحقيقات جنائية فورية في الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، ومباشرة الإجراءات القانونية بحق المسؤولين عنها. كما طالب حكومات هذه الدول بضمان استقلال القضاء، وتوفير الدعم اللازم لتسهيل سير العدالة دون عوائق سياسية أو دبلوماسية. وفي السياق ذاته، دعا المنظمات الحقوقية المحلية في هذه الدول إلى الاضطلاع بدورها في دعم العدالة والضحايا، وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لتحريك الشكاوى أمام السلطات القضائية المختصة.
كما دعا جميع الدول إلى الضغط لتمكين دخول لجان التقصي والتحقيق الدولية والأممية إلى قطاع غزة، بما في ذلك “لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية وإسرائيل،” عملا بقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وإجراء التحقيقات الدولية الفورية والمستقلة والنزيهة اللازمة في كافة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
كما طالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بضمان تعويض الضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم وإنصافهم، وجبر الضرر الناجم عن الجرائم الخطيرة والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل ضدهم، وذلك وفقا لقواعد القانون الدولي.