استعادة الوعي

استعادة الوعي
د. هاشم غرايبه

في عالم اليوم الذي أصبح فيه الإعلام تجارة مجزية، فتجد متابعة لكل حدث مهما كان تافها، بل وصنع قبة من حبة خردل، تدهش حينما تجد حدثا خطيرا مثل اغتيال الداعية المعروف يوسف إبن الداعية الإسلامي الهندي الأصل (د. أحمد ديدات) الأشهر في العصر، هذا الحدث لم ينل أية تغطية، ولم يطلق عليه المسمى الخطير: عمل إرهابي بل مررته وكالات الأنباء خبرا هامشيا في أقل من سطر ليوم واحد، وكأنه حادث سير مؤسف ، فلم يعلق عليه المعلقون ولا حلل تبعاته المحللون.
لقد كان المستهدف بالإعتداء الآثم داعية إسلاميا، لم يعرف عنه ولا عن والده من قبله الدعوة للعنف، لكنهما كانا يمثلان في جنوب أفريقيا شوكة في حلوق معادي الإسلام، فقد كانا بعلمهما الذي فتحه الله عليهما، وبمنطقهما المقنع، يشكلان أرقا لأتباع العقائد الزائغة، وللبعثات التبشيرية الغربية، التي تستخدمها الإمبريالية العالمية لفتح الطرق أمام غزوها السياسي والإقتصادي لأفريقيا كونها منطقة غنية بالثروات.
حالة غريبة تستدعي المقارنة: هب أن الضحية لم يكن مسلما.. سوف يتعالى العويل والتباكي على الحريات وحقوق الإنسان، وإن كان المغدور مسيحيا أو يهوديا وقتل على خلفية معتقده، سيتم فورا اتهام المسلمين كافة بالإرهاب، وسيتخذونها ذريعة لاعتقال المئات من الذين كانوا لهم غائظين، ولم يقدروا عليهم لعدم وجود مبرر قضائي، فظلوا بهم يتربصون .
أما لو كان المغدور رجل دين من غير المسلمين، فسيهب زعماء العالم بلا استثناء (وعلى رأسهم الزعماء العرب) للتباري فيمن يقدم أشد صيغ الإستنكار والشجب لهذا العمل الإرهابي الشنيع، وقدد تتحرك الأساطيل وتوضع القاذفات الإستراتيجية على أهبة الإستعداد لشن هجوم عقابي على القطر الإسلامي الذي ينتسب إليه القاتل.
ما من شك أن التواصي بالصمت على حالة الإغتيال هذه، دليل على التواطؤ، وتعبير عن مباركتها، لأنها نتيجة منطقية لإفلاس المحاجج المعادي لمنهج الله، والذي حينما تسقط براهينه أمام المنطق والعقل، يلجأ الى الغدر، فيضيق على حامل هذا الفكر ويحاصره، كما حدث مع الداعية الهندي الآخر “د. ذاكر نايك”، أو يعتقله ويحتجزه بلا محاكمة كما في الدعاة والعلماء في الجزيرة العربية، وعندما لا تفلح كل هذه الوسائل يكون اغتيال حامل الفكر.
هذا النفاق ليس أمرا مستغربا في ظل التحيز الواضح ضد الإسلام، ولم يعد من ورقة توت تستر أولئك الذين دوخوا العالم بقصة الإرهاب وأرعبوا الناس من خطورته، فقد ظهر أن كل قصة الإرهاب ما هي إلا ذريعة للعدوان على المسلمين، وإحدى أحدث الجهود المعادية للإسلام، لتحقيق الهدف القديم الحديث: “وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا” [البقرة:217] .
لذلك يجب أن يفيق المسلمون ويستعيدوا وعيهم السليب، فوجود بعض المتطرفين في فهمهم للدين بينهم، لايبرر هذه الحملة الشعواء على الإسلام كمنهج.
لقد تمكن تحالف محاربي العقيدة المتكون من أعداء الأمة التاريخيين والمنافقين من داخلها من عبور الخندق هذه المرة بخديعة الحرب على الإرهاب، فباتوا داخل الحصون.
لهذا، لنتفحص جيدا دعاة محاربة الإرهاب، ولننظر في أفعال أولئك الذين يكيل لهم الغرب التقدير والثناء على حسن بلائهم في الحرب على الإرهاب…سنجدهم الأشد عداوة لله ولرسوله!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى