سواليف – طالب تقرير حول أوضاع اللاجئات السوريات المقيمات في الأردن، بتوفير آليات لحمايتهن من أي انتهاكات قد يتعرضن لها، خصوصا جراء فقدانهن لوثائقهن الثبوتية، وتعرضهن لعنف قائم على النوع الاجتماعي، ومؤكدا على ضرورة معاقبة مرتكبي العنف وتسهيل وصول الضحايا للعدالة، لنيل حقوقهن.
وطالب التقرير، الذي أعدته منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)- العون القانوني، وقدمته للتحالف الأردني، لإعداد تقرير الظل الخاص بتنفيذ الأردن لبنود اتفاقية القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة (سيداو)، بـ”فتح الباب للحصول على التعليم أمام اللاجئين في الأردن، بخاصة النساء والفتيات، وتأمين رعايتهن الصحية بالمجان، بغض النظر عن أوضاعهن المادية، أو عدم حيازتهن للوثائق اللازمة”.
وقال التقرير: “ما تزال اللاجئة في الأردن وبغض النظر عن جنسيتها، تعاني وبصبغة مشتركة جراء التمييز القائم على أساس اللجوء، ما يؤدي لفقدان حقوقها الأساسية، يضاف لذلك التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي، والذي تعاني منه المرأة في الأردن على نحو عام، لكن الأمر يتفاقم سوءا بالنسبة للاجئات”.
وتتجاوز نسبة اللاجئات السوريات في الأردن 50.7 % من نسبة العدد الكلي للاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهن ما يزلن عرضة للانتهاكات وانتقاص الحقوق، في ظل ما يواجهنه من تحديات، تتعلق بانخفاض حمايتهن الفعالة، وتعرضهن لأشكال من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتقع ضمنها قضايا ملحة كالزواج القسري أو المبكر.
التقرير لفت إلى أن العديد من اللاجئات السوريات لا يحُزن على كثير من الأوراق الثبوتية المهمة، كالهوية الشخصية وعقود زواج وشهادات ميلاد سليمة للأطفال، بحيث “يحول ذلك دون وصولهن إلى خدمات مهمة، كالمساعدات الإنسانية والتعليم والصحة والعمل”.
وبين ان ذلك يدفعهن لـ”الانخراط في ممارسات وتعاملات عادية كالزواج والطلاق، دون توثيقها على نحو قانوني سليم، ما يعرضهن لفقدان الحقوق، وبالتالي يصبحن ضحايا لانتهاكات جسيمة”.
وقال إن “غياب الآباء الحقيقيين دفع بأمهات أطفال حديثي الولادة، الى تزوير زواجهن من أشخاص آخرين غير آبائهم الحقيقيين، لضمان حصولهن على مساعدات وخدمات، ما أدى لانتهاز رجال فرصة انتهاك حقوقهن، إذ وصل الأمر إلى تعرض بعضهن، ممن وقعن ضحية هذه الممارسات، لاغتصاب متكرر، تحت تهديد فضح أمرهن”.
وأضاف التقرير أن مثل ذلك “دفع بهن للصمت وعدم التبليغ عما تعرضن له من انتهاكات، استمر بعضها لأعوام، كما ترتب عليه، تهديد أعداد كبيرة من أطفالهن، بأن يصبحوا عديمي الجنسية، ما يسهم بتدمير عائلات كاملة ويؤثر على النسيج الاجتماعي السوري بأكمله”.
من جهة أخرى، بين التقرير أن “الكلفة المادية المترتبة على تثبيت عقود الزواج بطريقة قانونية واستصدار شهادات ميلاد للمواليد من اللاجئين السوريين باهظة، ما دفع بلاجئين للعزوف عن تصحيح أوضاعهم، وبالتالي استمرار الانتهاكات بحق النساء”.
وأشار الى أن الحكومة “وعند إدراكها لحجم المشكلة، فتحت الباب أمام كافة اللاجئين في الأردن لتصويب أوضاعهم، بإزالة الغرامات المرتبطة بتسجيل عقود الزواج غير الرسمية على مدى فترتين، الأولى خلال تشرين الأول (أكتوبر) 2014، والثانية في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) 2015”.
وبين انه جرى “قبول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين لتصحيح أوضاعهم، ما ساهم إلى حد كبير بالحد من المشكلة وتوفير الحماية للاجئات سوريات حصلن على الحماية تحت مظلة قانون الأحوال الشخصية الأردني، كما جرى حماية أعداد كبيرة من أطفالهن من غياب الجنسية عن وثائقهم”.
ولفت التقرير الى مشكلة الزواج المبكر، مبينا انها “ليست بحد ذاتها ظاهرة عرضية”، فهي ممارسة شائعة قبل اندلاع الحرب في سورية، لكن وضع اللجوء وما صاحبه من تحديات اقتصادية ومادية، أثقلت كاهل اللاجئين، وأدت للجوء مزيد من الأسر إلى تزويج بناتهم في سن مبكرة، للتخفيف مما يقع على كواهلهم من أعباء، بذريعة انهم يحمون فتياتهم بذلك.
وبين التقرير ان هذه المشكلة آخذة بالتصاعد، اذ بلغت نسبة الزواج المبكر بين اللاجئات السوريات في الأردن 35% من مجموع الزيجات التي كانت أحد أطرافها لاجئة سورية، وفقا لاحصائيات دائرة قاضي القضاة للعام الماضي مقارنة بـ18% للعام 2012، مسجلة بذلك ارتفاعا ملحوظا.
وأشار الى ان هذا لا يتعارض مع المادة رقم 16 من اتفاقية (سيداو) وتوصية اللجنة العامة رقم 21 حسب؛ بل إنه أيضا يتعارض مع نص القانون الأردني الذي يحدد عمر الزواج بـ18 عاما.
وفي مجال توفير الخدمات الصحية، بين التقرير انه في الوقت الذي تبذل الحكومة والمفوضية السامية والمنظمات الدولية العاملة في المخيم، مجهودات كبيرة لتوفير الخدمات الصحية لمخيمات اللجوء السوري، ما يزال 80% من القاطنين خارج المخيمات، يواجهون صعوبات جمة في الحصول على الخدمات الصحية”.
وأظهر تقرير نشرته منظمة العفو الدولية مطلع العام الحالي، أن العقبات المادية والإجرائية، أبرز العوائق التي تحول دون مقدرة اللاجئين السوريين للحصول على هذه الخدمات.
وكانت بطاقة اللاجئين السوريين الصادرة عن وزارة الداخلية بمنزلة وسيلة يستخدمها اللاجئون للحصول على الخدمات الصحية من المؤسسات الصحية العامة بالمجان، الى أن غيرت الحكومة عام 2014 سياساتها المتعلقة بالخدمات الصحية للاجئين السوريين، بحيث لم تعد تقدمها مجانا، فأصبح اللاجئون السوريون يعاملون كالأردنيين غير المؤمنين.
وفي هذا الإطار، تواجه اللاجئات السوريات، خصوصا اللاتي يقمن خارج المخيمات صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية، وهي أحد حقوق الإنسان الأساسية.
وبين التقرير أن مسحا لاستخدام القطاع الصحي بين اللاجئين السوريين يفيد بان نحو 50% من اللاجئات السوريات لم يتمكن من الحصول على رعاية ما قبل الولادة، بسبب ارتفاع التكاليف المرتبطة بذلك.
واشار الى أن مشكلة الزواج المبكر، ترتبط على نحو وثيق بقضية الوصول للرعاية الصحية، وخصوصا رعاية ما قبل الولادة، بحيث أظهرت أرقام مجموعة عمل قطاع الصحة التابعة لمفوضية شؤون اللاجئين ارتفاع نسبة الولادات لمن هن دون سن الـ18 من 5% عام 2013 إلى 8.5% عام 2014 من مجموع الولادات المسجلة بين اللاجئات السوريات لتلك الأعوام على الترتيب.
أما بالنسبة لحق النساء والفتيات في التعليم، والمنصوص عليه في المادة 10 من (سيداو)، فما تزال اللاجئات في الأردن يعانين من صعوبة الالتحاق بالمدارس، بحيث بين تقرير نشرته “هيومن رايتس ووتش” أن ثلث الأطفال السوريين (أكثر من 80 ألف) في الاردن، ممن هم في سن المدرسة، لم يحصلوا على تعليم رسمي العام الماضي، بحيث تواجه الفتيات في هذا الإطار، عقبات إضافية جراء قلق الأهل حول سلامتهن (خصوصا الأكبر سنا) في الطريق إلى المدرسة.
من جهتها، قدمت الحكومة تعهدات خلال مؤتمر لندن للمانحين، بإلحاق كافة الأطفال اللاجئين السوريين بالتعليم في الماضي والحالي، مقدرة حاجة الأردن لمليار دولار على مدى 3 اعوام لاستيعاب الضغوط التعليمية جراء اللجوء.