احترس فالسائق مفترس

احترس فالسائق مفترس

د.رياض ياسين
مع اقتراب #رمضان المبارك شهر #الخير والرحمة والعبادة تسود #حالة_غريبة طارئة في مجتمعنا، عنوانها التسرع والعصبية وانفلات زمام #الاخلاق لدى العديد من الناس وكأننا امام موسم خاص يشهد تصعيدا في جمر الخطاب الذي يبدو انه يلسع كل من لديه خلق رفيع وأدب جم.

أزمات سير خانقة تشهدها العاصمة عمان هذه الأيام ولا يوجد مباريات لكأس العالم ولا معارض لبيع احدث الأسلحة او اختراعات طائرات نفاثة أو زراعات لأنواع جديدة من النبات أو اكتشافات أثرية جديدة، وكل ما في الأمر أن اقتراب شهر رمضان المبارك تزامن مع نزول الرواتب للموظفين واستشعار موجة غلاء حامية قادمة كما يفهم من كثير من التحليلات المرتبطة بالأزمات السياسية العالمية وخاصة أزمة روسيا أوكرانيا ونذور الحرب العالمية التي يبدو أنها ستكون هذه المرة اقتصادية الطابع رغم أن الظاهر منها عسكري تقليدي.

احترس فالسائق مفترس ،عبارة مكتوبة على ناقلة عمومية متوسطة كتبت بالاحمر لتلفت النظر،وعلى ما يبدو فإنها تحاكي مقولة “خير وسيلة للدفاع هي الهجوم”،هذه العبارة على سذاجتها تحمل ذات الدلالة لكنها كتبت بلغة أقرب الى لغة يفهمها من ينظرون لقيادة السيارة على أساس الاستقواء وكان الطريق هو حلبة مصارعة،فنحن لاننكربأنه يوجد بيننا ما زال يتعاطى مع منطق حلبة المصارعة في قيادة المركبات على الطرقات ،وربما من باب مقاربة مسلكيات مجتمعية معينة تدخل العبارة المشار اليها في سياق حيازة الطريق وعدم الاقتراب من هذه المركبة وفسح المجال أمام سائقها ليمخر عباب بحر شوارعنا على طريقته الخاصة دون اعتبار لغيره من السائقين ودون اعتبار لنظام السير على الشوارع ومراعاة الاداب العامة،وهذه الملاحظة قد تصدق على بعض سائقي المركبات العالية والشاحنة أكثر من المركبات الخصوصية ،فهؤلاء المستهترون لايتورعون عن قيادة سياراتهم أحيانا بطريقة قد لايجرؤ احد منا نحن سائقي السيارات الصغيرة والمتوسطة مزاحمتهم أو مجاراة سرعتهم في بعض الاحيان وهذا يحدث داخل شوارع المدن فما بالنا إذا كان الحديث عن شوارع خارج المدن قد تكون غير مشمولة بمراقبة الرادار،وهنا عندما يكون فرصة لعتاب هذا المتغول فإنك لاتضمن عواقب نقدك له او لومه او نصحه لأنه سيبادرك بالشتم والسب وكيل الكلمات النابية أو الاعتداء المفاجئ بالضرب كل ذلك من باب أنه يريد أن يتفشش فيك ويفرغ فيك طاقاته المكبوتة وكأنك اخي السائق الغلبان مكتوب عليك ان تدفع فاتورة غضبه نتيجة إخفاقه في موقف في حياته اليومية الاجتماعية والاقتصادية او نتيجة عقد النقص التي تحوله في لحظة ما الى عنتر زمانه!

ثقافة السائق في الشارع عند البعض منا للأسف لم ترتق للتهذيب المطلوب الذي يليق بقيمنا العميقة وأصالة مجتمعنا وروحه الاهلية الدافئة،فتجد من يسبك ويشتمك لمجرد انك التزمت بنظام المرور بشكل حرفي احيانا، وأحيانا تجد من يخرج لك يده ويلوح بحركات غير آبه بضرر فعله النفسي ليس فقط على سائق بعينه بل قد يعود مسلكه بالضرر على أكثر من سائق وأكثر من سالك او مقيم في ذلك الشارع.وقد يتعرض أحدنا لعطل في سيارته فلايستطيع التصرف بسرعة بإبعاد مركبته عن قارعة الطريق فيتعرض للشتائم وسيل الكلمات النابية بدل ان يجد من يقوم بعرض المساعدة والعون له هذا في حال كان رجلا، أما إذا تعطلت سيارة إحداهن فتجد جيشا منا تطوع وعرض كل ما يملك واستحضر فهلوته حتى يصل لجده السابع ليخدم حركة السير طبعا انا هنا حسن النية!

نحن مازلنا غير قادرين على التعامل مع الطريق وفق نظام المرور وإن كنا بدأنا مع جدية ادارة السير ونشاطها نلمس قيمة الطريق والسير عليه واحترام قواعد المرور التي تحتم علينا أن نتعامل مع بعضنا فقيادة المركبة كما يقولون في شعارات المدارس لها هي فن وذوق وأخلاق،فهي تفترض أن هناك ثقافة للتعامل مع الشارع والناس وليس فقط الجلوس مثل الروبوطات خلف المقاود.

ليس من السهل منع المتطاولين على السير ونظام السير والسائرين على الطرقات محملين المركبات اومشاة،ولكن يمكن الحد من هذه الظواهر،وبات لزاما علينا جميعا
ان نتذكر أن هذا الطريق ملك للجميع وليس فقط لسالكه في تلك اللحظة،متحلين بالاخلاق الاجتماعية التي نتغنى بها كمجتمعات لها حضارة عريقة فيها من القيم الشاملة ما يجعلها تمتاز على سواها بهذا الغنى بما يقزم كل الممارسات السلبية من شتم وسوء تصرف أحيانا بين بعضنا. فالمواطنون مسؤولون ودورهم هو الاهم تجاه التخفيف من مظاهر سلبية يجدونها من ممارسات خاطئة بابلاغ الاجهزة المعنية بها مدركين بان هناك فرقا بين أن نضع العصي في دواليب حركة أجهزتنا الأمنية حينما نسيء الى خططها وتوجهاتها وتعليماتها بالتحايل عليها ونحن لانشك للحظة انها مصممة لراحتنا وامننا،وبين أن نكون مسؤولين كمواطنين شركاء في الصالح العام،فنحن كثيرا رددنا بيننا بان كل مواطن هو شرطي،ولكن بالمعنى الايجابي أي من باب القيام بمسؤوليتنا تجاه انفسنا ومجتمعنا بما ينعكس على وطننا بنهاية المطاف.

ندفع بكل ثقلنا نحو المضي قدما الى ثقافة التعامل مع بعضنا في قيادة المركبات بعيدا عن العصبية والشتم وتعظيم قيم التأخي والايثارفي مواقف نستشعر فيها ان الاولوية لغيرنا، واعذروني ربما اكون حالما أكثر من المطلوب فكثيرمن الممارسات في الشارع من قبل السائقين ما زالت بعيدة عن الطموح وأقرب الى الافتراس منها الى الاستئناس،ونتأمل من مجالس البلديات وامانة عمان الجديدة أن يضعوا أولويات المرور في خططهم وعملهم ، فالأزمات والفوضى في المرور والنقل من اسباب إعاقة التنمية وانخفاض الناتج المحلي والقومي.

رافقتكم السلامة وكل عام وانتم بخير

rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى