#احتجاجات_جامعة_كاليفورنيا…ماذا تعني ؟
الأستاذ #عقيل_العجالين
قام بهذه الاحتجاجات طلبة هذه الجامعه وبعض الاساتذه فيها بمناسبة العدوان الاسرائيلي على غزه وحرب الاباده الجماعيه كما حصلت هذه الاحتجاجات في جامعات اخرى ليس في الولايات المتحده فقط وانما في جامعات دول اخرى ايضا.
وسيتم تناول ظروف هذه الاحتجاجات ودوافعها باختصار وخلال ذلك يتم التطرق الى تصريحات وزير خارجية أمريكيا حول صفقه تبادل الاسرع بين اسرائيل وحركه المقاومه حماس عندما قال بانه يجب على حماس القبول بهذه الصفقه؛ ثم سيتم تناول مسالة وجود القانون الدولي على ارض الواقع ام انه نظريه غير قابله للتطبيق واذا كان بالامكان الاستفاده من احكامه باي شكل من الاشكال.
*٠ بالنسبه لما يجري في الجامعات من احتجاجات فانه بالطبع هناك الكثير في هذه الجامعات من الدارسين لشتى انواع العلوم من علوم قانونيه وغيرها ويعلم هؤلاء الدارسون أن قواعد القانون الدولي المعترف بها من قبل الجماعه الدوليه ككل تحرص على حق تقرير المصير للشعوب وان الانسان كفرد لا يمكنه الوصول الى كرامته وحقوقه الاساسيه دون ان يتم تقرير المصير للشعب الذي ينتمي اليه وبذلك فان تقرير المصير للشعب هو الوعاء الذي يستطيع كل فرد الحصول على كرامته وحقوقه الاساسيه كانسان من خلاله وبغير هذه الحقوق الاساسيه لا يستطيع الانسان التمتع بأادميته التي كرمه الله عز وجل بها وميزه بها عن سائر الكائنات الاخرى فلا يمكن حصول ذلك طالما ان الشعب تحت الاحتلال الاجنبي والهيمنه الاجنبيه.
انني اعتقد ان الدارسين للعلوم القانونيه في هذه الجامعات قد رأوا انه ليس هناك مجال للتطبيق في عالم السياسه وان الإبتكارات العلميه بالنسبه للتخصصات الاخرى ستوظف في طريق إبادة وفناء البشريه دون رحمة او شفقه مما اشعرهم بانسداد في الافق ودفعهم الى الاحتجاج في سبيل التعبير عن رسالة العلم التي تحمل رسالة الانسانيه بكل تاكيد.
ان تصريحات وزير خارجية أمريكيا هي مثال واضح على إنكار حق الشعوب عندما طلب من حركة المقاومه الموافقه على الصفقه فكيف له ان يطلب ذلك من شعب لن يصل الى تقرير مصيره وحقوقه الاساسيه؛وتنتهك حقوقه بشكل جسيم لم يسبق له مثيل في حروب العالم التي سبقت ؛ ويرزح تحت الاحتلال وهيمنته ونظامه العنصري منذ عقود؟!.
ان هذه الدعوه هي مساومه للشعب على كرامته وحقوقه وأادميته.
*-اما عن احكام القانون الدولي المتعلقه بهذا الحق للشعوب ومسألة وجود هذا القانون على ارض الواقع ام لا فان استعراض تاريخ هذا الحق يكشف عن صراع بين الحق والباطل فالمفكرين وخبراء القانون الدولي من اصحاب العقول النيره والضمير النابض بالشعور الانساني يسعون دوما الى هدف وهو ايصال الحقوق الى اصحابها ومستحقيها لذلك فان مساعيهم تتعارض مع مصالح الدول ذات المطامع الخاصه على حساب الشعوب المستضعفه لذلك مر هذا الحق بمراحل عديدة على النحو التالي:-
تم تقنين مبدا تقرير المصير للشعوب والحقوق الاساسيه للانسان وكرامته في ميثاق الامم المتحده في عام 1945 وتم ذلك في ديباجة هذا الميثاق والماده الاولى منه بضرورة احترام هذه الحقوق من قبل اعضاء الجماعه الدوليه.
بعد النص على ضرورة احترام هذا الحق وهذا المبدأ نص الميثاق في المادتين 55 و 56 منه على ضرورة كفالة هذا الحق من قبل المجموعه الدوليه واعطائه للشعوب المستضعفه وليس احترامه فقط مما يعني ان على المجموعه الدوليه ردع اي اعتداء او عدوان على حق الشعوب في تقرير مصيرها وذلك في سبيل نيل الانسان الفرد في هذه الشعوب حقوقه الانسانيه الاساسيه.
لم يقف ميثاق الامم المتحده عند هذا الحد بل انه نص في الماده 103 منه على بطلان اي اتفاق او معاهده دوليه تتعارض مع مقاصد واهداف الامم المتحده وبالطبع من بينها مقصد تقرير المصير للشعوب وحقوق الانسان الاساسيه وبالتالي نجم عن هذا النص الاخير ما يسمى بقواعد النظام العام الدولي او قواعد القانون الدولي العرفي وهي التي لا يجوز مخالفتها وتسمو على اي قواعد قانونيه دوليه اخرى.
بالرغم مما تقدم من نصوص واضحه في احكامها وملزمه للدول الا ان الدول الاستعماريه الكبرى لم تستجب لهذه الاحكام؛ والمثال الواضح على ذلك والمعروف لدى الجميع الاستعمار الفرنسي للجزائر والذي استمر في هذا البلد العربي متحديا النصوص القانونيه السابقه الوارده في ميثاق الامم المتحده.
بسبب هذا الوضع قامت الجمعيه العامه للامم المتحده بدورها ومهامها واصدرت العديد من القرارات والتوصيات مضمونها ان على الاستعمار ان يرحل فورا عن البلدان المستعمره دون قيد او شرط ودون ابطاء او اي ذرائع.
بالرغم من كل ذلك لم تستجب اغلب الدول الاستعماريه ومنها فرنسا حيث لم تنل الجزائر استقلالها الا بعد كفاح طويل مسلح قدم فيه هذا البلد اكثر من مليون شهيد نالت بعده استقلالها في عام 1962 اي بعد حوالي عقدين من وجود ميثاق الامم المتحده ونصوصه السابق ذكرها وبعد حوالي 132 عاماً من الاستعمار والاحتلال الفرنسي.
إزاء هذا الواقع وهذه التحديات العنيده لحق الشعوب في تقرير مصيرها قام المشرع الدولي بخبرائه ومفكريه وما تمليه عليهم ضمائرهم قاموا بتطوير قواعد القانون الدولي المتعلقه بهذا الموضوع وكان ذلك في عام 1977 بموجب الملحق الاول باتفاقيات جنيف الأربع وفي هذا الملحق تم النص على حق الشعوب في النضال المسلح في سبيل تقرير المصير والتخلص من الاحتلال الاجنبي والهيمنه الاجنبيه والانظمه العنصريه وهذا ما نص عليه الملحق في الفقره الرابعه من الماده الاولى منه.
لقد كان المشرع الدولي واقعيا عندما وضع هذا النص ذلك ان شعوب العالم لم تحصل على هذا الحق في اغلب الاحيان الا بالكفاح المسلح قال تعالى في محكم كتابه العزيز:( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) سوره البقره أايه رقم 190.
وبالنتيجه فإن قواعد القانون الدولي تتحكم بها الدول الكبرى المستقويه على الشعوب المستضعفه وبالتالي فان اعتماد الشعوب على نفسها هو السبيل في اغلب الاحيان للتخلص من هذه الهيمنه.وفقا لما تنص عليه الفقره الرابعه من الماده الاولى من ملحق اتفاقيات جنيف.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته