اجازة على رصيف التفكر في الحياة…

#اجازة على #رصيف_التفكر في #الحياة
ا.د حسين محادين
(1)
اعتراف؛
انا لست مهما بمنطق الحياة والوعي معاً ،إلا في الاعمال التي لن تتم مطلقاً الا بحضوري الشخصي فقط، وهي علاقتي الشرعية مع زوجتي لاغير .
(2)
ان تكون انسانا متنورا، عليك التمتع باجازة دورية ما، بعيدا عن احساسك المتضخم انك انسان فاعل ومثقف، او أنك ملهم فذ كما يعتقد جُلنا لاسيما اصحاب السلطة والمال والألقاب. إجازة بعيدا عن
توهمك/ي المبالغ فيه كأب او أم مثلا؛ بأنك مهم جدا جدا، ولن يتسنى لافراد اسرتك القيام بادوارهم الحياتية والعاطفية الطبيعية دون وجود “كحكيم” بينهم ،
و أن تأخذ اجازة بعيدا ايضاً عن اعتقادك الباذخ انك/ي قائداً لهم في حياتك وانهم بدونك سيفقدون بوصلة الصواب الذي تفترض انت انه لديك دونهم ، او حتى اعتقادك بانك مميز في اختصاصك المهني والوظيفي والسياسي الاعلامي في ايً من حقول العمل مهما كان نوعه، وهذا الوهم سائد في تفكيرنا الفردي غالبا.
(3)
اقول خذ/ي اجازة من عقلك الصارم غالبا، ومن هذه المسلمات الهشة لديك، كي تتمتع بوعيك وبعناوين يومياتك المريحة وان تتنفس بكلتا رئتيك فعلا وهذا هو جوهر الوعي في الحياة ، بدليل انك عندما تغادر في اجازة طوعية سنوية مثلا لمدة محددة يستمر العمل الطبيعي في مكان عملك اثناء غيابك، او ان تؤخذ في اجازة أبدية “الموت”ستستمر الحياة عند افراد اسرتك ومكان عملك ايضا ؛ لذا تيقن فكرا وسلوكا بأن منظومة العمل والإعمار في الحياة لا تقبل الفراغ، او حتى الاخلال بانتظامها الابدي منذ ان وجد الانسان صاحب العمر القصير على هذه الارض فجيل يُسلم جيلاً بعده العلما .
لذا هون عليك من
غرورك/كِ ايها الانسان ايّ كانت مكانتك وسلطتك ومسمايتك الوظيفة والسياسية والمالية في فسحة هذه الحياة اللُغز وتنظيماتها .
( 4)
الاجازة تعني ان تغادر روتينك في الوعي والكتابة العمل ومواعيد النوم ، وان تتمرد على ادوارك المكررة اثناء انتظامك في عملك، وأن تتحرر من ادمانك لتكرار اللقاءات مع الاصدقاء والاماكن، والاطعمة التاريخيين في حياتك، بحثا عن المُختلف الذي يمنحك خاصية التمتن، والتجدد المطلوبة، كي تتمكن من الاستمرار والابداع بنهم، وكي تمتلك جرأة ان تكون مبادرا في تحديث؛ نبضك ،قلملك، وصولاً لافكارك وهذه مربط التحدي النجاح او الاخفاق معاً.
فهل يُعقل ان ما اعتقدت بصحته “فكرة، حزب، كاتب، امرأة،رجل، ايدلوجيا..منهج او نظرية..الخ، وانت يافع مثلاً سيبقى صالحا لتوجيهك طول الحياة بعد ان بلغت من التجارب والعمر والاوجاع عِتيا..؟.
(5)
اخيرا…ما أجمل ان تملك القدرة الواثقة على أن تأخذ اجازة كلية من كل مسلماتك التاريخية، واصدقائك، وافكارك، ومكان ميلادك ، ووجبتك المفضلة، ومواعيدك المجترة، ومن تذوقاتك النمطية للاشياء..الخ.
وان تعود اليها لاحقا، بعد أن تغتسل فعلاً بنور الايمان والسفر في العلم، وبتفهمك الناجز لقانون التغير الحضاري والابداعي للأفراد والأمم في نواميس الوعي، وخضرة المعاني في غابات الحياة، وليس في شجرة الروتين الواحدة التي تحتلنا عادة في هذه الحياة البهاء…فمتى يمكن أن نكون مجازين طوعاً..قبل ان نكون مكرهين..؟سؤال مفتوح على معان التأويل وبوابة والاحتمال.
*قسم علم الاجتماع-جامعة مؤتة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى