اتفاقية الغاز مع “إسرائيل” جريمة اقتصادية / عبد الفتاح طوقان

اتفاقية الغاز مع إسرائيل جريمة اقتصادية

على مدار عام ٢٠١٥، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حوارات سياسية صعبة للتغلب على الكنيست والمعارضة العامة لاقتراح بيع الغاز للأردن ضمن كونسورتيوم – امريكي إسرائيلي – قبل أن يدفع أخيرًا اتفاقًا معدلًا عبر الحكومة في أيار ٢٠١٥ يحصل من خلاله على موافقة الكنيست باعتبار الاتفاقية تصب في مصلحة إسرائيل الاقتصادية وامنها القومي الذي يضع دول الجوار تحت بنديرة إسرائيل باستخدام سلاح الطاقة.

في مساء العاشر من شهر نيسان من عام ٢٠١٦، أعلن الرئيس نتنياهو للقناة الإسرائيلية العاشرة:” هذا هو معلم مهم في تعزيز العلاقات والشراكات الاستراتيجية بين إسرائيل والأردن والمنطقة بأسرها ويضمن الامن القومي لإسرائيل “.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة Delek Drilling، يوشي أبو ، إن الصفقة كانت “يومًا تاريخيًا” وفقًا لموقع NRG باللغة العبرية. وقال إن الاتفاقية “تؤسس حقل ليفياثان النفطي كلاعب جاد في خريطة الطاقة”. انتهي الاقتباس مع ملاحظة التصريح الذي مفاداه “تؤسس” لان قبل المصادقة على الاتفاقية لا وجود لتصريح تنقيب عن الغاز.

مقالات ذات صلة

كان أحد شروط الحكومة الإسرائيلية لمنح الموافقة الحصول على عقود شراء وكانت الأردن أولها بناءا على اتصال من وزير خارجية امريكي ربما لم ينتبه اليه د.عبد لله النسور واضطر فقط للتعامل معه، في وقت لم توافق او توقع كل من اليونان او قبرص – والي الان – قبل التأكد من التصاريح والموافقات وجدية الإنتاج ونوعية الغاز وسيولته وكثافته ومكوناته الرئيسية ، و الاتفاق علي من يقوم بتمديد الخطوط تحت الماء و كلفتها و غيرها من الأمور التعاقدية

في المقابل، اتفاقية الغاز لم تعرض على مجلس النواب الأردني قبل التوقيع، وعندما أثيرت مؤخرا تصدر رئيس الوزراء د. عبد الله النسور الدفاع عنها، مجددا وهو خارج السلطة، وصرح بعدم احقية مناقشتها والموافق عليه او رفضها في مجلس النواب الأردني باعتبارها وقعت من قبل شركة خاصة. أنما يطلع عليها. “أي شم ولا تذوق”.

” وزاد في دفاعه ما سبق وان صرح به لشبكة السي ان ان في ٣ نيسان ٢٠١٥: ” “ما تقوم فيه الحكومة لجهة الوصول الى أمن الطاقة” مشيرا إلى أن “هناك دولتين عربيتين تصدران الغاز وهما قطر والجزائر وقد فكرنا ان نشتري الغاز من الجزائر فكان الجواب عندهم أنه لا يوجد لديهم غاز للبيع لان جميع انتاجهم متعاقد عليه

.”

وفيما يتعلق بمواصلة استيراد الغاز من مصر أوضح د.عبد الله النسور “أن حقول الغاز المصرية أصبحت ضحلة حسب التقديرات ومصر التي كانت تصدر الغاز للأردن وإسرائيل اليوم تعمل على توقيع اتفاقية لشراء الغاز من اسرائيل”. انتهي الاقتباس.

و التساؤل الأهم هنا : هل يحق للكنيست الإسرائيلي مناقشة و تعديل اتفاقية مع الأردن توقعها شركات خاصة، و لا يحق لمجلس النواب الأردني ذلك؟، و هل الشركات الخاصة تعمل في الأردن بعيدا عن قرارات و تشريعات و لها حرية العمل خارج أي نطاق حكومي و كأنها بمعزل عن سياسة الدولة؟ ، و لماذا استيقظ المجلس النيابي فجأة بحرد و زعل بعد ان هددت الوصاية الهاشمية علي المقدسات الإسلامية و كيف تغاضي الحديث عن شركة اخري لها اتفاقية مشابهه هي ” شركة برومين الأردن ؟، و متي علمت الحكومة أن مصر ضحلة بغازها ؟

أيا كان، الموافقة التي صدرت عن الحكومة الأردنية، ووقعها رئيس للوزراء د. عبد الله النسور بناء علي تنسيب مفترض ودراسة ومراجعة مستفيضة قانونية و امنية و سياسية مفترضة من وزير الطاقة والثروة الأردنية ابراهيم حسن مصطفي سيف و الباحث في كارينيجي الذي عمل في البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة العمل الدولية و يعي تماما معني الاتفاق و شروط التعاقد و أهمية البحث في التفاصيل ، وهو ما لا يعفيه من المسؤولية التي عادت بالضرر علي اقتصاد المملكة الأردنية تستوجب التحقيق و الوقوف امام محكمة امن الدولة بجرم اقتصادي نتيجة الشرط الجزائي و غيره مما ورد في الاتفاقية

واقصد مسؤولية ” الإهمال ” الحكومي بدراسة الشروط هي حكومية كاملة ليست فقط مناطه بالوزير – الذي كان ينفذ تعليمات و انصاع للتوجيهات – وان كان هو أساسها، وبسببها تحقق ضرر اقتصادي بقيمة مليار ونصف دولار وهو ما يجعلها قضية اقتصادية تمس الوطن وتقع ضمن اختصاص محكمة امن الدولة ان كانت حكومة الرزاز جادة في المحاسبة، والمجلس النيابي قادر عليها.

من أصل 15 مليار دولار سيدفعها الأردن مقابل الغاز على مدى السنوات الـ 15 المقبلة، سيتم دفع 8.4 مليار دولار إلى دولة إسرائيل، وسيغطي 1.7 مليار دولار تكاليف الحفر والتشغيل، و4.9 مليار دولار ستذهب إلى الشركات المعنية. وهذا يعني أن ما يقرب من 56 ٪ من مدفوعات الغاز الأردني ستذهب إلى الدولة الإسرائيلية – 559 مليون دولار كل عام.

من الأموال التي ستذهب إلى الشركات في الكونسورتيوم ، ستذهب 1.93 مليار دولار إلى شركة نوبل للطاقة الأمريكية ، و 2.93 مليار دولار ستذهب إلى الشركات الإسرائيلية ، ديليك للحفريات.

اليس كل ذلك يستحق البحث كيف ولماذا وقعت الاتفاقية خصوصا مع تغيير الشراكات مؤخرا، وينعكس على شروط كل الاتفاقيات التعسفية من “اتفاقية الكازينو” الي اتفاقية “وادي عربة وغيرها؟، الا يماثل هذا الإهمال إضاعة ملايين من ضرائب مستحقة في قضية “عوني مطيع” والتي هي امام محكمة الدولة؟، ام انه يحق لزيد ما لا يحق لغيره؟

شاهدنا اهمال وزيره السياحة في قتل أطفال أبرياء في البحر الميت ثم مكافأتها خلال اقل من خمسه أشهر بتعينها سفيرة في اليابان بتدخل من اعلي المستويات، فما هي مكافأة وزير الطاقة والثروة المعدنية يا تري خلال الأشهر القادمة؟ عن التغافل عن الشرط الجزائي بمليار ونصف.

واضيف ان الشرط الجزائي وغرامة التأخير في العادة على المورد و ليس المشتري يا سادة يا مسؤولين كما ورد في الاتفاقية، واستغرب كيف اعفي ضمنيا المورد الإسرائيلي من الكميات الكاملة حسب العقد و سمح له بالتقليل منها و التعويض عنها كما يحلو له دون التعويض الاتفاقي، و غياب شرط جزائي كامل عليه في حال اخلاله بالتزاماته او تأخر في تنفيذه مما يستوجب المسألة.

إذا ارادات الحكومة فعليا الخروج من تلك الازمة فأول الخطوات نشر الاتفاقية كاملة وليس فقط الشرط الجزائي والذي فهم منه انه محاولة للضغط على الرأي العام للقبول بها من باب ” زذا تم الاتفاق على الأردن دفع مليار ونصف”.

الشعب ليس ساذجا أيها الحكومة.، فهناك حل قانوني واجرائي ينقذ الموقف ويوقف ” نقرشة اللصوص والمنتفعين،” ان وجدوا.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى