سواليف – فادية مقدادي
تسويف وتأجيل ومحاولات حكومية للتهرب من عرض اتفاقية الغاز الصهيوني على مجلس النواب ، منذ عام 2017 ، رغم مطالبات نيابية عديدة خلال هاتين السنتين للحصول على نص الاتفاقية والاطلاع عليها ومعرفة بنودها وشروطها ، إلا أنه ومن خلال متابعة تصريحات اعضاء لجنة الطاقة النيابية لدورتين نيابيتين ، نلاحظ أن أعضاء اللجنة لم يطلعوا بعد وحتى الآن على بنود هذه الاتفاقية ،… !! فلماذا كل هذا الغموض وهذا التكتم الحكومي على الاتفاقية وعدم السماح لمجلس النواب ممثل الشعب بقراءة بنودها ومعرفة شروطها ؟
في عام 2017 ، وبالتحديد في شهر آذار ، أرسلت الحكومة الاتفاقية باللغة الإنجليزية إلى مجلس النواب ، بعد سلسلة مطالبات واعتصامات شعبية تطالب مجلس النواب برد الاتفاقية وكشف سريتها، وبعد شهر تقريبا اي في شهر نيسان عام 2017 كشفت مصادر من داخل مجلس النواب، عن أن رئيس المجلس عاطف الطراونة، تسلم النسخة المترجمة للغة العربية من اتفاقية الغاز المبرمة مع الاحتلال الاسرائيلي .
ولكن …
وبعد أيام من استلام ترجمة الاتفاقية ، أكد رئيس لجنة الطاقة النيابية في دورة 2107 النيابية ، علي الخلايلة، إنه اطلع على نسخة مترجمة من الاتفاقية التي وقعتها شركة الكهرباء الوطنية لاستيراد الغاز من الاحتلال الصهيوني، قبل أن يعيدها إلى رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة طالبا اعادة ترجمتها “ترجمة قانونية”.
وأضاف الخلايلة حينها في تصريحات صحفية إن الترجمة التي اطلع عليها كانت “ركيكة”، الأمر الذي دفعه لطلب إعادة ترجمتها لدى مكتب ترجمة معتمد وبما يحفظ سرّية بنودها، حيث أرسلها الطراونة للأمانة العامة لغايات العمل على ترجمتها بشكل دقيق.
وقال الخلايلة إنه سيقوم بعد ذلك بتزويد أعضاء اللجنة بنسخة مترجمة إلى العربية، ليصار عندها انجاز تقرير شامل حول الاتفاقية يعرض أمام جميع النواب مع النسخة المترجمة.
وأشار الخلايلة إلى أن الاتفاقية تحوي بنودا تنافسية يضرّ اعلانها على الملأ بمصالح شركة الكهرباء الوطنية، ولا يجوز للنواب افشاؤها ، دون أن يوضح المزيد.
بينما عارضه عضو لجنة الطاقة النائب المحامي قيس زيادين ، والذي أكد منذ سنتين على ضرورة أن لا تبقى الاتفاقية وبنودها حكرا على أعضاء اللجنة، مشددا على حقّ جميع النواب بالاطلاع عليها بصفتهم ممثلين للشعب الأردني.
وحتى الآن ما زالت الاتفاقية دون توضيح وسرية وغامضة ولم تعرض على اكثر من 90% من النواب ، ومن عرضت عليه ، يلتزم الصمت ولا يصرح حولها بشيء .
وفي نفس العام 2017 وفي شهر ايلول تحديدا ، قال رئيس لجنة الطاقة النيابية، علي الخلايلة، إن عملية ترجمة اتفاقية الغاز الاسرائيلية انتهت منذ فترة، مبينا أنه سيتم عرضها على اللجنة خلال الدورة العادية القادمة ، أي في دورة 2018 النيابية العادية .
وأضاف الخلايلة حينها أن الاتفاقية موجودة في ادراج رئاسة المجلس بعد تسلمها من مكتب الترجمة، لافتا إلى أن اللجنة ستقوم بطلبها حال انعقاد الدورة المقبلة.
وجدد الخلايلة تأكيده على انه لم يطلع على بنود الاتفاقية حتى اللحظة، رغم تسليمها للمجلس من قبل مكتب الترجمة الذي تم اعتماده. … وأيضا ما زالت السرية هي سيدة الموقف والغموض هو المسيطر على المشهد .
وفي شهر نيسان من عام 2018 اتهم النائب المهندس موسى هنطش (عضو كتلة الاصلاح النيابية والاخوان المسلمين) ، رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة باخفاء ترجمة اتفاقية الغاز مع اسرائيل في أدراج مكتبه.
وقال هنطش إن رئيس مجلس النواب يرفض عرض ترجمة اتفاقية الغاز مع إسرائيل على مجلس النواب، كما يرفض اطلاع النواب عليها، ويتحجج إنها لم تترجم حتى الان ، رغم ما تم نشره منذ أشهر نن الاتفاقية تمت ترجمتها وتسليمها لرئاسة مجلس النواب .
وأوضح هنطش خلال جلسة حوارية شاركه فيها النائب المحامي اندريه العزوني مع قواعد انتخابية في دائرة عمان الاولى انه قام شخصيا بسؤال المسوؤلة عن الترجمة في مجلس النواب عن نص الاتفاقية، واخبرته انها انجزت ترجمتها وسلمتها لرئيس مجلس النواب.
وبقيت المطالبات النيابية بعرض الاتفاقية مناقشتها تراوح مكانها حتى أوائل العام الحالي حين أعلن رئيس لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية النائب المهندس هيثم الزيادين ان اللجنة ستناقش اتفاقية الغاز بين الأردن و إسرائيل وذلك في اول شهر كانون الثاني الماضي .
وقال الزيادين إن اللجنة ستبدأ مناقشتها لاتفاقية الغاز المبرمة بين الأردن وإسرائيل والتي تم إرسالها بعد ترجمتها
للغة العربية من قبل الحكومة إلى مجلس النواب، وستلتقي خلال المناقشة بالمسؤولين في الجهات الحكومية المعنية وخبراء ومختصين في مجال الطاقة ، ولاحقا صرح زيادين إن اللجنة قررت في نهاية اجتماعها تحويل الاتفاقية لجلسة نقاشية عامة، معلنا أن الاتفاقية الآن خرجت من عهدة اللجنة وسيتم وضعها في عهدة الامانة العامة لمجلس النواب.
وقبل يومين ، تمت مناقشة الاتفاقية من قبل مجلس النواب ولكن .. هل اطلع النواب عليها قبل مناقشتها ؟
مقرر لجنة الطاقة النيابية النائب الدكتور المهندس، موسى هنطش،وفي تصريحات قبل ساعات قال : أن إتفاقية الغاز الموقعّة بين شركة الكهرباء الأردنيّة وشركة نوبل انيرجي الأمريكية ، أخفيت عن اعضاء لجنة الطاقة وهو من بينهم ، رغم انه مقرر اللجنة ويتوجب مرور كل مشروع قانون محول إلى اللجنة عليه كمقرر.
وأكد هنطش ، انه لم يطلع على إتفاقية الغاز مع الاحتلال ولا على بنودها ، مشدداً على عدم وجود تبرير له حول تلك الحادثة التي احيطت بسرية تامة .
وأضاف إن الاتفاقية نافذه لمدة 15 سنة مؤكداً انه لم يطلع على الشرط الجزائي الذي تحدثت عنه وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي بشأن الالتزام بدفع ملبغ مليار و 200 مليون دولار على الطرف المخل بالاتفاقية سواءاً شركة الكهرباء الاردنية و شركة نوبل انيرجي في حال فسخ العقد خلال السنوات الـ 5 سنوات الاولى من توقيع الاتفاقية .
وما زالت التساؤلات حول الاتفاقية تنتشر على ألسنة المواطنين ، خاصة ما يتعلق بمحاولات الحكومة التهرب من مناقشتها تحت القبة ، والتي نجحت محاولتها حين تم تحويل القضية الى المحكمة الدستورية ، لبيان الرأي حول إن كانت الحكومة ملزمة بعرضها على مجلس النواب وفقاً للمادة 33 من الدستور ام لا ….؟
احد النشطاء الأردنين تساءل حول القضية فكتب عبر صفحته على الفيسبوك :
الحكومة تقول: اتفاقية الغاز موقعة بين شركات لذلك لم تعرضها على المجلس، وطالبت بتحويل الملف للمحكمة الدستورية!
والحكومة صرحت أيضا: أن هناك شرط جزائي على الحكومة في حال قررت الغاء الاتفاقية.
بما أن الحكومة ليست هي التي وقعت الاتفاقية كيف ألزمت نفسها بشرط جزائي؟!
بينما شكك نواب خلال جلستي الثلاثاء الصباحية والمسائية بوجود بند الشرط الجزائي، واعتبرت النائب وفاء بني مصطفى أن الحديث عن وجوده “أكذوبة” لكي لا يطالب النواب بإلغائها… هذا مع التذكير أن النواب لم يطلعوا على الاتفاقية .
من جهته قال رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطروانة “مهما كان قرار المحكمة الدستورية، النواب يرفضون اتفاقية الغاز ويطالبون بالغائها” حيث قال المعشر أنه اذا رأت المحكمة وجوب عرضها على المجلس ستعد الحكومة مشروع قانون وتعرضه على مجلس النواب..
وجاء رد الطروانة ، بعد أن اعلن المعشر ارسال الاتفاقية الى المحكمة الدستورية، قائلا “الاتفاقية مرفوضة شعبيا ونيابيا ونطالب بالغائها مهما كان الثمن ومهما كان رد المحكمة الدستورية.
النائب المخضرم والمحامي عبدالكريم الدغمي ، توقع أمس الأربعاء خلال لقاء مع قناة المملكة أن لا تلغي الحكومة اتفاقية الغاز وهي التي قررت تحويل الملف بأكمله للمحكمة الدستورية .
وحسب ما صرح به الخبير القانوني ليث نصراوين ، أن مجلس النواب لا يملك الحق الدستوري بالتصويت على الغاء اتفاقية الغاز الموقعة مع شركة نوبل شركة الكهرباء الأردنية وشركة نوبل انيرجي الامريكية ، حيث اعتبر الخبير ان الاتفاقيات التي يجب عرضها على مجلس الامة هي تلك الاتفاقيات التي تبرم بين دول لافتاً إلى ان اتفاقية الغاز وقعت بين شركات وليس دول.
والسؤال الأخير الذي لا بد منه ، فيما لو أقرت المحكمة الدستورية بعدم مشروعية مناقشة اتفاقية الغاز الصهيوني من قبل مجلس النواب ، هل سيظل غموض بنودها وضبابيتها وسريتها تسيطر على الوطن بكامله ؟ شعب ونواب ومسؤولين ؟
خاصة أنه وحسب نصراوين ، فإن الاتفاقية دخلت حيز النفاذ منذ اليوم الأول للتوقيع عليها من قبل الشركتين الكهرباء الاردنية ونوبل انيرجي للطاقة الامريكية.
ولا ننسى أن عملية الاستملاكات للأراضي التي يمر منها أنبوب الغاز تمت ، بل وأن عمليات تمديد الأنابيب مستمرة حتى لحظة إعداد هذا التقرير .