ابن المسؤول مسؤول / معاذ مهيدات

ابن المسؤول مسؤول

ليست مجرد عبارة دارجة أو مثل متداول بين الناس، بل حقيقة لايختلف عليها اثنان، وإن أردتم الأمثلة فسأذكر العشرات، لا بل المئات وربما الآلاف، حتى إذا ما أراد المسؤول التوسط لشخص آخر بوظيفة، يسأله المدير العام: هل هو ابنك، فإن كانت الإجابة لا، أدار المدير ظهره للإثنان معا، فلإبن المسؤول احترام خاص.

ونلاحظ دائما، أن أبناء المسؤولين منزعجين باستمرار، كثيري التذمر، لعل الخطأ فينا، فماذا يمكن أن نفعل لنرى ابتسامتهم المباركة، ولماذا هم منزعجون دوما، يضرب شرطي المرور وهو عابس، ينجح في الجامعة بالغش وهو عابس، والكارثة بأن هؤلاء لا يعرفون ماذا يعني تقنين، وماذا يعني انقطاع مياه، وماذا يعني غلاء أسعار، وماذا يعني قهر، وماذا يعني خدمة عسكرية، حتى أنه، سبحان الله، لاتصيبهم الأمراض التي تصيبنا، كالسرطان والتهاب الكبد وهشاشة العظام وفقر الدم، راتبه الشهري في المطار لمجرد أنه ابن المسؤول، خمسة آلاف دينار شهريا، لديه خبرة تم اكتشافها من قبل والده المسؤول في مجال صناعة الطائرات الورقية، لذلك تم تعيينه في المطار، فالله أعلم ماذا سيفعل أولادهم بأولادنا!

سأتحدث بدون مقدمات لأنني لا أحبها، دعني أخبرك يادولة الرئيس بنكتة صغيرة عن أحد المسؤولين ، كان يظهر في كل مرة بخطابه المعتاد، لكن في إحدى الليالي ما ان بدأ يتلو خطابه، حتى سبقه الناس، وبدأت الحشود تردد خطابه، فصمت، ثم سأل مستشاره قائلا: ماذا يحدث، فأجابه قائلا: يجب أن ترتقي بأغانيك قليلا يا سيدي، فهذه الموسيقى نفض الغبار عليها، ربما إنها نكتة، لكنها حقيقة رؤساء حكوماتنا جميعا، لذلك أنصت إلي جيدا، وحاول أن تستوعب ما سأقوله، نحن الشعب لا نطالب بشيء، بل نأمر، لأننا لسنا ضيوفا في هذه الأرض، فيجب أن تعلم جيدا أننا نحن الشعب.

مقالات ذات صلة

لننزع الأقنعة ونضعها جانبا، ونتحدث وجها لوجه، بواقعية وبدون أقنعة، فمن منا يرغب العيش في بيت يملؤه البؤس والكآبة، والكثير من الآلام النفسية القاتلة، من منا يرغب العيش في بيت تحيط به الذئاب والوحوش، هذا البيت الذي هاجرته عناكب “دوستويفسكي” ، هذا البيت الذي رحلت عنه الشمس ولم تعد تتردد إلى نوافده، أنت كذاك المزارع الذي يحاول إقناع الطيور لتعود إلى حقوله، رغم إحاطة الفزاعات بها، راجيا أن تصدق العهد مع قتيبة!

هناك طلبة متفوقون، ينتظرون وظائف من دولتك، أرقهم القهر والسهر، في الوقت الذي كنت غائصا في نومك فوق سريرك الناعم الباهظ الثمن، وهناك عجوز مشرد لفظ أنفاسه في الشارع، من شدة قساوة البرد والإهمال، صدقني أكتب هذه السطور وعيوني تذرف دمعا، هل نسيت أن الإهمال يقتل ويمزق كل شيء، نحتاج إلى من يشعر بنا، ويخدم مصالحنا، وليس من ينهبنا في الليل، ويسخر منا بخطاباته في الصباح، يجب أن نعمل سويا على طرد الوحوش ونصلح هذا البيت، وإلا فعليك أن تتنحى جانبا، فهناك ثورة غاضبة بداخلنا على وشك الإنفجار، وإن انفجرت أنصحك بالهروب، ولا تلتفت خلفك لأنك لن تحتمل غضبنا.

وأخيرا، أوجه تحيتي، إلى الذين لا يملكون قوت هذا اليوم و قوت الغد ، إلى الذين انحرجوا عصر أمس لتأمين مصروف المدرسة لأطفالهم لليوم، واستدانوا من هنا أو هناك ، أحيِّي صبر وجلد هؤلاء، واقول لهم أن:

ابن المسؤول ، مسؤول
وابن الوزير ، وزير
وابن الصحفي، صحفي
وابن السيد صافي ، شهيد! ‎

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى