فرح مرقه: الطب النفسي الاردني يُرمى بـ”فن الحارات”…

. اطفال غزة يستصرخون المصريين بالحب والنخوة بعدما نادى بعض مذيعي “ام الدنيا” بإبادتهم.. “الشيف التركي” يتغلب على “أم الطبيخ” منال العالم بقناة فتافيت صاحبة “اشهى صورة طبق”.. ذا فويس الاطفال يذكّرنا بلسان العراق وسوريا العربي القوي

استنزف شابان ليبيان الدكتور محمد الحباشنة استشاري الطب النفسي الاردني ضمن لقاء على قناة ليبيا 218، بأسئلتهما حول الطب النفسي ومدى فائدته للفرد والمجتمع، واسباب الانتقاص من قدره لدى بعض المجتمعات، وغيرها من الاسئلة وصولا لسؤال “المليون” عن ما يمكن ان يصنعه الطب النفسي مع “آثار الحروب” في النفس البشرية.

الدكتور الحباشنة تحدث عن خصوصية الوطن العربي وعن متلازمة الكوارث او الازمات التي تحيط بالعرب بسبب “الدم المسفوك” والاشكالات المحيطة الامر الذي اثار شهية الشابين لأسئلة اكثر.

قبل هذا اللقاء ثارت شهية قناة بي بي سي أيضا للاستماع للرجل وتحليلاته عن الفن الهابط واثره في المجتمع العربي وتأثير الازمات والعنف عليه، فربطه الدكتور الحباشنة بصورة علمية بكل ما على الارض معتبرا ان الفن الذي أسماه “فن الحارات” لن يأتي من “تلاه اي خير” مصرّا على التذكير بأن مثل هذا الفن يغذّي نظرية “القطيع″ ويضيّع الاختلاف الفردي في المجتمع.

استمتع كثيرا وانا استمع للطب النفسي وما يفسّره من ظواهر اعجز عن حلّها، ولا اقلل من شأن احد إذ اقول ان الدكتور الحباشنة خصوصا يزيد من سعة ادراكي حين استمع لتحليلاته المعتمدة على اسس علمية، خصوصا وهو لم يبخل يوما في رأيه على الجميع وعليّ شخصيا وبعدد من القضايا الصحفية.
الاهم أن الحباشنة ككثر في الاردن من الكفاءات “المُقصاة” عن الشاشات المحلية، اذ لم نعد نشاهده على اي من الشاشات منذ خسرته فضائية رؤيا رغم كونه- برأيي- كان الوجه الاكثر اهمية وحضارية للشاشة، وقد كان في حينه يمنحها بُعدا لم- وأظنّها لن- تحصّله في اي من المذيعين بعده.
بالنسبة الي لا ارى بُدّا من ربط ما حدث مع الحباشنة شخصيا بالسعي المحلي وراء “فن الحارات” والذي قد يكون ليس فقط في الاغاني والافلام ولكن حتى في البرامج المختلفة، الامر الذي يجعل الشاشات الخارجية تلهث خلف الحباشنة وأمثاله ممن يستطيعون ان يجيبوا عن اي سؤال بنظرة تحليلية لها بعد نفساني وبصورة علمية قد تمنحنا بعض العمق.. وهو أيضا السبب الذي يجعلنا نقصيه.

**

نبلاء مصر الجدد..

شيء ما لم يعجبني وأنا ارى افتتاح المشاريع المصرية على القناة الرسمية كلها بيد الجيش المصري، وكأن “أم الدنيا” اليوم ولكون الجيش يحكمها قررت اقصاء حوالى 90 مليون مصري من عامل ومستثمر وموظف وما بينهما، ليختلط العسكر بالسياسة، بذات الطريقة التي كان الجميع يأخذها ضد حكم الاخوان سابقا.
الاخوان المسلمون كانوا “يمزجون الدين بالسياسة” حسب كل من انتقدهم سابقا، أما اليوم فها نحن نرى الجيش بكل واجباته المقدسة يمتزج بالسياسة والمال، مشكّلا بذلك طبقة معقّدة التركيب يصطلح المفكر عدنان ابو عودة على تسميتها “النبلاء الجدد” في جمهورية مصر العربية.
الغريب ان النقد صمت، حتى في مواجهة بعض الممارسات “غير المنطقية” للجيش، وتغوّله على الطب مثلا باختراع “صُباع كفتة” يشفي من الايدز، كما بدخوله مجال الاستثمار، والذي لاحقا قد نراه في مجال الفلك والطب الصيني وغيره، وهو تحديدا ما يجعلني اليوم اصمت ايضا منتظرة ان “ينشل الله مصر واهلها”.

**

أطفال غزة يحاربون لاجل مصر..

بمناسبة الحديث عن أم الدنيا، دعوني اتجرأ بالسؤال عن كم شخص شاهد الفيديو الفلسطيني الذي يرصد اراء اطفال قطاع غزة بجارتهم من خلال القول ان “قوات الاحتلال الاسرائيلية ستقصف مصر؟”.
الاطفال والذين لم اسمع منهم احدا يقول اقل من انه سيقف الى جانب “جيرانه”، كانوا انفسهم من قام مذيعون مصريون بالتحريض ضدهم والطلب من الجنرال عبد الفتاح السيسي بقصفهم وابادتهم خلال الفترة الماضية، كما قد يكون اخا لاحدهم الشاب الغزّيّ المختل الذي قُتل على الحدود برصاص الجنود.
بالنسبة الي رأيت بالفيديو “صرخة انسانية” من جانب اطفال غزة تجاه مصر التي تغلق بوجههم المعبر وتتركهم وذويهم في العراء وبظروف انسانية يندى لها الجبين غالبا.

اطفال غزة كانوا يقولون “حمونا زمان ولازم ندافع عنهم.. ولا مشكلة بكمان الف شهيد كلهم عالجنة”.. وعبارات اخرى يدركون انها وصلت قلب الشعب المصري ولكن السؤال هل تصل الجيش المنشغل باستثماراته؟.

**

ذا فويس يكشف.. لماذا العراق وسوريا..

بدا برنامج ذا فويس بنسخته الطفولية واضعا امامنا كل فروقاتنا في طرق التعامل واللغات واساليب الكلام وغيرها الامر الذي لن اقول في سياقه الا ملاحظة واحدة.

لبنان لا يزال بفوضاه “قائما” بينما سوريا غرقت بفوضى لا تقوم لها بعدها قائمة قبل عشرات السنوات.. اطفال لبنان بمعظمهم يغنّون الفرنسية تأثّرا بالاحتلال الفرنسي، بينما السوريون يغنون بالعربية بعدما حافظوا اكثر على حضارتهم.

اطفال الاردن والذي هو اليوم “يتعكز″ باقتصاد منهك غنوا بالانجليزية تأثرا بالانتداب البريطاني بينما أطفال العراق والذين كانوا منتدبين من ذات الاحتلال غنوا لهجتهم الضخمة وبالعربية.

سوريا والعراق.. القواسم كبيرة والمتآمرون كُثر..

**

سرّ قناة فتافيت.. الشيف التركي..

تحدثت جدتي لأمي بارتياح غريب وهي تنقل لنا ان قناة “فتافيت” المعروفة باعداد الطعام “شهي الصورة” قامت باستقطاب شيف تركي، الامر الذي يجعل جدتي اليوم تصرّ على حضور كل حلقاته وعدم اضاعتها.

بالنسبة الينا جميعا (كأحفاد وابناء) نعلم ان الجدة الغالية تمرر الوقت على القناة، وهي بطبيعة الحال لن تقوم بتجربة طبق هنا او هناك، بينما هي المعتدّة بالاكلات التي تتقنها ولا نستطيع تخيّل مذاقها دون لمساتها.

المهم استوقفتني فكرة المديح الذي كالته الجدّة للشيف التركي بينما هي لم تفعل يوما مع “أم الطبيخ” المعروفة منال العالم، خصوصا واحد لا يعرف اسم الشيف الذي تتحدث عنه، وان كنّا جميعا قد حظينا بأن تفتح التلفاز على القناة امامنا وترينا ملامحه الوسيمة في واحدة من الاعلانات عن فقرته.
جواب جدتي فاجأني وهي تشرح لي السبب الذي يجعلها تحضر حلقاته: ” هو ببساطة يكيل المقادير بالكوب وليس بالملليتر او الغرامات”، الامر الذي رأت فيه اخيرا شيئا يشبه مطبخها، وطريقتها في اعداد الطعام.

اذهلتني المعلومة، فكم من المرات نستخدم كل مهاراتنا في اعداد برنامج متقن ونفاجأ انه لم يجلب الحضور المطلوب، جواب جدتي يعني ببساطة ان جذب الجمهور يعني استخدام ادواته بدلا من “الفذلكة” والقاعدة تنطبق على كل شيء برأيي.

كاتبة من الاردن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى