
إني أغرق…. أغرق
يوسف غيشان
ما أسرع ما نحب، ما أسرع ما نكره!
ما أسرع ما نفرح، ما أسرع ما نحزن!
ما أسرع ما نتفاءل، ما أسرع ما نتشاءم!
شعب كامل الأوصاف، بقضّه وقضيضه، مصاب بالثنائية القطبية.
إضافة الى كل ما ذكر وما لم يذكر. نحن شعب يطيش على شبر ماء، وربما على “فتر” فقط لا غير.
نعم صحيح، لكننا لم نقل سوى نصف الحقيقة، اذ اضافة الى كوننا من الطيّاشين،الا اننا نغرق بشبر ماء ايضا…. ومن لا يصدقني فليتابع الصحف اذ سيكتشف ان دولة مثل الاردن مصنفة عالميا من أفقر 10 دول في العالم بالنسبة لتوفر المصادر المائية، ومع ذلك تحصل فيها احداث غرق كثيرة ومتنوعة وغريبة احيانا.
أقل شتوة تسحب عددا من أبنائنا، وهذه طفلة تغرق في نافورة الماء المنزلية، وهذا فتى يكتشفوا بعد غياب طويل انه قد غرق في خزان ماء (متر بمتر)، وكم من الضحايا راحوا في وادي الهيدان والموجب، وهي وديان لا تروي بعير عطشان. لا ننسى البحر الميت الذي يطيش به حتى الفولاذ (مع قليل من المساندة اللوجستية) ومع ذلك تجد من يغرق فيه دائما وابدا. في المجمل نحن من أكثر 10 دول فقرا للماء ومن أكثر 10 دول تعاني من حالات الغرق. والشعب الوحيد الذي يطيش على شبرماء، ويغرق بشير ماء.
رغم ما أكبنا من خوازيق من شركات تتلاعب بالأموال (نسيت اسمها الأصلي) لكننا ما نزال إذا وعدتنا شركات وهمية او افراد لا علاقة لهم بالاقتصاد ولا بالمال اصلا، بأرباح خيالية، فإننا نطيش على شبر ميّه، ونشلح كل اواعينا ونشرع بالسباحة في بحيرة الشيطان، التي لا يزيد عن ارتفاعها عن شبر واحد. والغريب والأدهى في الأمر هو أننا وبعد ان نطيش نغرق في دات المكان، ولا نستفيد من التجربة والخطأ، بل يأتي بعدنا من يطيش ويغرق، في تكرار ممل كشخير العجائز.
عزيزي القاري
فكر معي في كل الاشياء التي نطيش فيها، انا وأنت وهو وهي، على شبر ماء، وفي كل الأشياء التي نغرق فيها بشير ما، في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وسوف تقتنع معي اننا شعب المتناقضات المتفقة التي تتعايش معا.
فكر معي …وستعرف اننا نعيش كامل حياتنا على الحد الفاصل نتارجح بين الطيش والغرق متجاوزين كافة قوانين الفيزيا التقليدية، من ارخميدس حتى ميكانيكيا الكم، مرورا بأينشتين ابو كشّة.
ghishan@gmail.com