
بروفايل القاتل
بعد تصفحي لحساب المجرم الذي قتل والدته رحمها الله، على مدى عامين تقريبا، أستطيع القول أن حجم ما يتعرض له شبابنا من ضغوطات هائلة أكبر بكثير من قدرتهم على التحمل، وهي في النهاية تودي بهم الى طريق مقفل منفذه الوحيد الانحراف والعنف والاجرام وقطع الرؤوس سواء رؤوس “الكفار ” او رؤوس من تسببوا بمجيئهم إلى هذا العالم التعيس!!
عمار في ٢٠١٥ وما قبله كان شاب عادي يحب بلده المحتل ويحلم باستعادته، ويحب وطنه الأردن كذلك ويحلم كبقية شبابه بسيارة ومال وزوجة وأطفال، يحب والدته كذلك. ويعبر عن أحلامه كلها من خلال الصور ذات المضامين الدينية والعاطفية كما يفعل كثير ممن لا يجد في حصيلته اللغوية او الفنية طرقا أخرى للتنفيس.
لكنه كما يبدو أنه تعرض لازمة حادة وتحول كبير في طريقة تعاطيه مع الواقع الصعب، وازمة نفسية عميقة (قد تكون المخدرات او غيرها)، المهم انها قلبت حياته وطرق التعبير عن أحلامه المشروعة بالأساليب المعهودة، إلى أساليب أخرى جعلت منه إنسان غامض، غريب الأطوار، عنده فراغ كبير بالوقت والاهتمامات، يظهر ذلك بشكل جلي في غرفته وما فيها من كتابات على الجدران، وترتيب سريره الذي حوله إلى معرض مليء بالرموز والصور والكتابات والاشياء الاخرى كالأحذية والصناديق والورد المجفف، وغيرها، المرتبة بطريقة تدل على انه لم يعد إنسانا سويا، وهنا استغرب كيف لم يثر كل هذا التحول انتباه من حوله، انحرفت رغبته في الزواج إلى اهتمام مبالغ بِه بالفنانات كهيفاء واليسا ونانسي، وانحرفت رغبته بالحصول على المال الى نوع من الشحدة، فقد كتب عنوان بيته بالتفصيل لمن يريد ان يتبرع له بالمال، وانحرفت رغباته كلها، وطرق التعبير عنها ولجأ إلى اللغة الرمزية، والاهتمامات الشيطانية، وظهر ذلك على تعابير وجههه الغاضبة والصور الكثيرة التي رفعها على حسابه تظهره بأشكال غريبة سواء من ناحية إظهار جسده أو وجهه الكاره، أو ممتلكاته البسيطة التي يعرضها بطريقة رمزية لا يمكن فهمها بسهولة.
الخلاصة: مجموعة من الفوائد موجهة للأهل والجهات المسؤولة:
١- مواقع التواصل الاجتماعي انعكاس اقرب الى الحقيقة عن مكنونات الأفراد وطرق تفكيرهم وأحلامهم وأمنياتهم وما يعانون من ضغوطات ومشاكل، يمكن الاستفادة منها في إنقاذ من يظهر عليه انحرافات في التفكير والسلوك سيودي به إلى المهلكة والاجرام والعنف والتطرف.
٢- التوجه إلى الطبيب النفسي والمراكز المتخصصة أفضل الطرق وأقصرها لإنقاذ أبنائكم في حال شككتم بغرابتهم وانحرافهم وتحولهم المفاجئ، وهم أفضل من شيوخ الدين ومن يعملون في السحر والشعوذة في معالجة حالات الانحرافات الفكرية والسلوكية.
٣- لا تنتظروا كثيرا قبل فوات الاوان، سنة من التحول كانت كافية لارتكاب ابشع الجرائم التي لا يمكن لعقل تخيلها…
٤- لا تخافوا من الفضيحة، اذا خفتم فهناك فضيحة أكبر بانتظاركم، كونوا نماذج لمن ابتلوا بابنائهم وفي الطريقة السوية لمعالجة انحرافاتهم…
٥- الرحمة للام المغدورة فرحمتها وعاطفتها تجاه ابنها هي الشيء الوحيد الذي يمكن من خلاله تفسير سكوتها على كل الانحرافات التي كان ابنها يظهرها في غرفته وعلى شكله واهتماماته…
٦- الحكومة الأردنية، اتقوا الله بشباب الوطن فأنتم مسؤولون عنهم، وعن حمايتهم من المخدرات وغيرها مما يفسد عقولهم، وأنتم مسؤولون عن توفير فرص للعمل، وعن كل ما يلزم لحياة كريمة يحقق الشباب بها أحلامهم.
هل تعلمون كم شاب الآن في طريق تحوله نحو داعش أو الإجرام؟ كل هؤلاء برقبتكم!!
نسأل الله العفو والعافية!