سواليف
نشرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية تقريرا، تحدثت فيه عن القناصة الأشهر خلال الحرب العالمية الثانية، ليودميلا بافيلتشينكو، التي نفذت العديد من عمليات القنص، التي ذهب ضحيتها الكثير من الجنود الألمان.
وأشارت الصحيفة، في هذا التقرير ، إلى مسيرة ليودميلا بافيلتشينكو التي بدأت في سن الرابعة عشرة، لتكتب في صفحات التاريخ التي ظلت طي النسيان. وقد وقع تغييب دورها، ودور المرأة بصفة عامة، في تحديد مآل ونتائج الحروب حول العالم.
وقالت الصحيفة إن القناصة السوفييتية ليودميلا بافيلتشينكو، ولدت في سنة 1916 في بلدة صغيرة في أوكرانيا، وبدأت العمل في سن الرابعة عشرة في مصنع للذخيرة في كييف.
وأضافت الصحيفة أن ليودميلا بافيلتشينكو انضمت إلى منظمة شبه عسكرية متخصصة في تعليم مهارات استخدام الأسلحة. وفي هذا الصدد، أوردت مؤسسة سميثسونيان على لسان بافيلتشينكو، أنه “عندما كان ابن الجيران يتفاخر ببطولاته في ميدان الرماية، أردت أن أثبت أن الفتاة تستطيع القيام بذلك أيضا؛ لذلك حرصت على أن أتدرب بشكل مكثف”. وفي 22 من يونيو/ حزيران سنة 1941، بعد أن توترت علاقات هتلر بجوزيف ستالين، قامت القوات الألمانية حينها بالدخول إلى الاتحاد السوفياتي. وقد حاولت بافيلتشينكو الانضمام للجيش السوفياتي، إلا أنه منعت من ذلك؛ لأنها فتاة.
وأضافت الصحيفة أن موقع سوفيات أواردس.كوم تطرق إلى جهود ليودميلا بافيلتشينكو للانضمام إلى الجيش، حيث أورد بأنها “بدت كأنها عارضة أزياء، من خلال أظافرها المطلية وملابسها وقصة شعرها العصرية. ومن ثم أخبرت المجند بأنها تريد أن تحمل بندقية وتقاتل. فضحك وسألها إن كانت تعرف شيئا عن كيفية حمل البنادق”. وعلى الرغم من أن ليودميلا بافيلتشينكو استظهرت بالشهادة التي حصلت عليها في الرماية، إلا أن المسؤولين في الجيش حثوها على العمل ممرضة. وأوضحت بافيلتتشنكو، قائلة: “كانوا لا يقبلون الفتيات في الجيش؛ لذلك لجأت إلى جميع أنواع الحيل من أجل الانضمام إليهم”.
وبينت الصحيفة أنه وفي نهاية المطاف منحها الجيش الأحمر فرصة للقيام “بتجربة أداء”، حيث قاموا بإعطائها بندقية، لقتل اثنين من الرومانيين الذين كانوا يعملون مع الألمان. وتمكنت ليودميلا بافيلتشينكو من إصابة الجنديين بسهولة، وبذلك تم قبولها في فرقة 25 التابعة للجيش الأحمر. بعد ذلك، التحقت بافيلتشينكو بصفوف الجيش في اليونان ومولدوفا. وتمكنت، في وقت قصير، من أن تحظى بسمعة قناصة شرسة، بعد أن قامت بالقضاء على 187 ألمانيا خلال 75 يوم الأولى التي قضتها في الحرب.
وأفادت الصحيفة بأنه استوجب على القناصين، في أغلب الأحيان، خوض هذه المعارك على جبهات العدو وبعيدا عن زملائهم. وقد كانت مهمة في حساسة للغاية، وفي قمة التعقيد، حيث كان ينبغي على بافيلتشينكو الجلوس دون حراك لساعات طويلة؛ حتى لا يتفطن لها قناصو العدو. وبعد أن ذاع صيت بافيلتشينكو في أوديسا ومولدوفا، تم نقلها إلى شبه جزيرة القرم لتشارك في معركة سيفاستوبول.
وذكرت الصحيفة أن مهارتها على اعتبارها قناصة محترفة أتاح لها المشاركة في مهام أكثر خطورة، حيث دخلت ليودميلا بافيلتشينكو لاحقا في مواجهات مباشرة مع قناصين من صفوف العدو. وقد أقرت مؤسسة سميثسونيان أن بافيلتشينكو أطاحت بما يقارب 36 قناصا، حتى أن البعض منهم كانوا أصحاب رتب سامية.
وأوردت الصحيفة أن ليودميلا بافيلتشينكو أمضت ثمانية أشهر وهي تقاتل في سيفاستوبول، لتقع ترقيتها عقب ذلك. وعلى الرغم من إصابتها في العديد من المناسبات، لم يتم استبعاد بافيلتشينكو من ساحة المعركة، إلا إثر تعرضها لشظية في الوجه بعد تفجير موقعها من قبل الألمان. وقد أصبحت بافيلتشينكو بطلة في صلب الدعاية المحلية للجيش الأحمر، وآفة بالنسبة للجنود الألمان في جميع أنحاء الجبهة الشرقية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ليودميلا بافيلتشينكو تحولت إلى مدربة قنص، وسرعان ما تمت دعوتها إلى البيت الأبيض. وقد كانت آنذاك أول جندي تابع للاتحاد السوفياتي يزور البيت الأبيض ويلتقي بكل من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والسيدة الأولى إليانور روزفلت.
وأضافت الصحيفة أن ليودميلا بافيلتشينكو استشاطت غضبا من الطريقة التي اعتمدتها وسائل الإعلام الأمريكية في طرح الأسئلة، التي اعتبرتها متحيزة نوعا ما ضد المرأة، حيث تم انتقاد مظهرها ولباسها. فعند إجرائها مقابلة مع مجلة “تايم” سنة 1942، سئلت بافيلتشينكو عما إذا كانت وضعت مساحيق تجميل أثناء المعركة، لتكون إجابتها كالتالي: “لا يوجد أي قانون يمنع ذلك، ولكن من لديه الوقت للتفكير بشأن ما إذا كانت بشرتي دهنية أثناء القتال؟”.
وأضافت بافيلتشينكو، قائلة: “يكفيني شرفا أن أرتدي الزي الرسمي الذي غطي بالدماء أثناء المعركة، بالإضافة إلى وضع وسام لينين. من الغريب أن كل ما يهم النساء الأمريكيات حقيقة ما إذا كانت المقاتلات يلبسن ثوبا حريريا تحت زيهن أم لا. في الواقع، مثل تلك النساء لا يعلمن رمزية الزي العسكري الرسمي”.
وأوردت الصحيفة أن ليودميلا بافيلتشينكو كانت واحدة من بين 2000 قناصة قاتلن من أجل الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية، علما أن 500 فقط منهن نجون، وكانت بافيلتشينكو من الناجيات. ونجحت بافيلتشينكو في القضاء على حوالي 309 مقاتلين، وهذا ما جعلها تكون ضمن أفضل 5 قناصين على مر العصور، علما أنه من المرجح أن يكون عدد الجنود الذين تخلصت منهم أكبر بكثير. بعد انتهاء الحرب، عادت ليودميلا بافيلتشينكو إلى أوكرانيا؛ لإكمال مرحلة الماجستير في جامعة كييف.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه في نيسان/ أبريل من سنة 2015، تم تخليد قصة ليودميلا بافيلتشينكو من خلال فيلم تحت عنوان “معركة من أجل سيفاستوبول” باللغة الروسية، “وغير قابل للتدمير” باللغة الأوكرانية. تم تصوير الفيلم بالتزامن مع احتجاجات الميدان الأوروبي في أوكرانيا سنة 2013. ويعد الفيلم بمثابة تخليد لذكرى بطلة مثل لبافيلتشينكو.
ترجمة عربي 21