” إنت معلم … و منك بنتعلم !!”
رغم الحزن الممزوج بالغضب لما حدث اليوم مع المعلمين الذين خرجوا عن بكرة أبيهم رجالا و نساء للمطالبة بحق تم اقراره لهم منذ 2014 و بطريقة يشهد القاصي و الداني بأنها حضارية و ذات هدف و رسالة و لم يك ذلك ليحدث لولا مماطلة الحكومة تلبية طلباتهم و هروب المسؤولين للبعيد ليظهر بعضهم فيما بعد ليدعو للحوار و التفاوض…. و لكنني فعلا أقف احتراما و إجلالا لجموع المعلمين الذين اتفقوا على قلب رجل واحد .
تملكني الحزن المشبع بالغضب و انا اشاهد رجال الدرك يقذفون الغاز المسيل للدموع على الحشود دون اي مبرر او سبب الا لتنفيذ رغبة نرجسية لمسؤول يعتقد انه بذلك يحفظ هيبة الدولة و يجعلها تبدو قوية…. و لكنني اعتقد جازما بأنه لم يك قرارا حكيما ابدا … فلا عاقل يعتقد أن رجلا يهجم على قرية …فما بالك على عشرات الالاف من المعلمين و المعلمات….
هل هناك عاقل يعتقد بأنه يستطيع ان يعتقل عشرات الالاف من المعلمين او ان يرهبهم و يرعبهم ….. هذا تفكير قاصر و لا ينم عن حنكة و حاكمية رشيدة ابدا….
أثبت المعلمون اليوم بأنهم يمثلون جسما واحدا يحاول رفع و منع الظلم عنهم بالمطالبة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه منذ عدة سنوات… و قد زادنا ألما و قهرا أن هناك من أغضبه هذا الاعتصام و أصابه بالحنق و ربما الاكتئاب …. مع أن الجميع يعلم أن المواطن الاردني المقهور على امتداد الوطن يقف مع المعلمين في مطالبهم العادلة….
و لكن …
لقد تعرض كثيرون من أبناء الوطن لكثير من الظلم و القمع و الاعتقال و التنكيل و فقدان الوظيفة … لقد تعاملت الحكومة بسياسة التجاهل مع مطالب كل الشعب في رفض قانون الضريبة … و رفع الاسعار و اعتقال الاحرار و منهم الكثير من المعلمين …. لم ينتفض يومها مثل هذه الجموع و ابتعدت عن الحراك و الشارع و كأن ما يحدث لا يخصهم ولا شأن لهم بذلك … هل لبقية الشعب مطالب و هل لدى الدرك ما يكفي من الغاز المسيل للدموع … ؟ و هل هناك متسع في دوائر الاعتقال ليرافقوا إخوتهم ممن انتقدوا سياسات الحكومة الخرقاء ؟! أم أن هذا شأن يخص المعلمين دون غيرهم ؟ و لنبتعد لان هذا الاعتصام فقط لأجل المعلمين و انصافهم دون غيرهم … و كل ما حدث و يحدث سيتم تسويته بالخمسين بالمية ؟!!
الحق مرتبط بالعدل … و الظلم عواقبه وخيمة … و غيوم القهر و التنكيل تمطر فوق كل أرض … لا تتخلوا عن قضيتكم و لكن لا تنسوا أن حقوق الوطن سلبها الفاسدون …. وأنكم تعانون ليس فقط بسبب ضعف الحوافز أو غياب الجوائز … و أنكم تتجرعون المرارة كغيركم مع كل رغيف … تنهككم الضرائب و فاتورة الكهرباء … أغلبكم قصم ظهره الدين و قد رهن ما تبقى من عمره للبنوك …. كثيرون منكم يعملون في أكثر من وظيفة ليستطيع أن يشتري لابنائه كسوة العيد … لنسمع صوتكم بعد أن شهدنا صمتكم …. فالمواقف لا تتجزأ …
مع المعلم في مطالبته بحقوقه بدون شروط و اتمنى ان يقف بصفهم كل المظلومين لعل و عسى ان يجد مخرز هذه الحكومة كفا ترده عن جميع المواطنين …
” دبوس على القمع ”
