إلى من ملَّ الصبر منهم / نداء أبو الرُّب

إلى من ملَّ الصبر منهم

يا من تراكمت فوق أرواحكم الطيبة هموم الحياة في شتى أشكالها المتعبة، وأرهقتكم الدنيا بتحدياتها الصعبة، يا من صبرتم حتى ملَّ الصبر منكم، وشهد لكم الجميع بأنكم الكثير من المآسي تحملتم، هل تفكرون في الخلاص مما أنتم فيه؟ أم تدركون في أعماقكم أنها دنيا 

فانية ومن ظلمكم غداً عقاب الله سيلاقيه؟ ؟

لا تطلبوا من أحد أن يصبر كثيراً مستعيناً بآية: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله، بل إن لمحتم اليأس في عينيْه من حياة تنهش سنين عمره قولوا له: لا يكلّف الله نفساً إلا وُسعها، لا تطالبوه أن يبالغ في صبره على حالٍ لم تتغير، على وظيفة تجلب الذل والقهر، على معاشرة أشخاص يجلبون الأمراض والأوبئة، على جراح لا تغفى تبقى على جدار القلب متكئة، على مكانٍ يخنق الروح يعج بالفتن، وزمانٍ لا تتحرك عقارب ساعته ثابت في مكانه على ساعة المحن، على قرار خاطئ اتخذه في لحظة ضعف، ندم عليه لاحقاً أدرك كم كان غارقاً بالُسخف، على إنسان اختاره فضله على الغير، فكان أول من خذله شلَّ روحه أقعده عن السيْر، على كل اللحظات السيئة المرة كالعلقم، على كل المواقف التي كشفت زيف البعض و كيف النفاق عنوان لوجههم الملثّم، على كل ما مضى وفات، تاركاً الكثير من الغصات والحسرات، لا تصبروا يا أنتم، إن كنتم في لحظة حوار مع النفس قد قررتم، أن تضعوا حداً لكل من أبكى عيونكم قهراً، وصبرتم على وقاحته وقلة تهذيبه دهراً، لا تصبروا إن كان الصبر قد فتك براحة بالكم، ولم يغيّر واقعاً مريراً طمس هوية حالكم، لا تنتظروا منقذاً يقبل عليكم ناصحاً بضرورة تحليكم بالصبر، بل أنتم أعلم بما يصلح لكم خذوا قراركم بقوة واكتبوه على أوراق النصر بقلم حِبْر، الموت يسرع الخًطى لا يفرّق بين عجوزٍ وصغير، فعلام هذا الصبر الذي يغمسكم في حزنٍ مرير؟ علام هذا التفاني في إظهار مثاليةٍ منقطعة النظير؟ أليست هذه الحياة قصيرة جداً؟ أما آن الأوان أن تضعوا لصبركم غير الناجعِ حدّاً؟! وتفرشوا طريق حريتكم ياسميناً وورداً؟؟ 

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى