قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، خرج وزير العمل نايف استيتية في مقابلة تلفزيونية للحديث عن أبرز تحديثات #سوق_العمل وما تقوم به الوزارة في الوقت الحالي، إلّا أنّه أعلن أنّ لا جديد حيال الحد الأدنى للأجور وبلا حديث عن ارتفاع، في ما سماه “استمرار أزمة اصحاب العمل ومحاولتهم التعافي مما خلفته كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية”.
ورغم الارتفاع المؤكد في الأسعار الذي يؤشر عليه #ارتفاع #أرقام #التضخم خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام بنسبة 2.97 وبلوغه 104.97، إلّا انّ استيتية ما يزال يتحدث عن العوائق امام أصحاب العمل والأضرار التي لحقت بهم، دون الالتفات إلى أنّ أسعار السلع ارتفعت فعلاً وثبتت الأجور، وبذلك قد يكون أصحاب العمل هم المستفيد دون العاملين والعاملات.
عاملون أكدوا أنّ #الحد_الأدنى_للأجور لا يكفي لعيش فرد واحد، فكيف لأرباب #الأسر أن يؤمنوا أبناءهم بالمأكل والمشرب، وربما إيجار البيوت، من أجر ينخفض عن #أرقام_الفقر.
ويروون معاناتهم اليومية وبخاصة في الشهور الأخيرة التي لوحظ فيها #ارتفاع #أسعار #السلع والخدمات، دون أي حديث أو نوايا حكومية برفع الأجور، الذي لا يكفِي الأسر متطلباتها الأساسية في غالب الأحيان.
باسم، عامل أربعيني في قطاع الخدمات الصحية والتنظيف، يستغرب من حديث الوزير استيتية عن معاناة أصحاب العمل دون الإشارة إلى العاملين والعاملات، وأجورهم المتدنية، فهو رب أسرة مكونة من ستة أبناء وزوجة، أحد أبنائه مريض بالسكري ولا يعمل رغم تجاوزه الثامنة عشر.
يعبر باسم عن ذلك بالقول: “الي إيده بالمي الباردة مش مثل اللي إيده بالمي السخنة” مؤكداً أنه لا يعيش حياة طبيعية كباقِي الأردنيين .. فإيجار منزله لوحده يبلغ 200 دينار بعد أن خرج من بيت وقع على أبنائه سقفه ولحمايتهم لجأ واستأجر منزلاً بهذا السعر، كل ذلك دون النظر إلى فواتير الماء والكهرباء.
وهو يعيش في مختلف أيامه على الاستدانة؛ فهو مترتب عليه قرض لأحد البنوك ورفعت عليه قضية لديونه الكبيرة، كل ذلك بـ 260 ديناراً فقط والاسعار في ارتفاع مستمر وملحوظ.
كذلك حال سعيد الذي انتقل من ذات القطاع إلى قطاع الغزل والنسيج المستثنى أصلاً من تطبيق الحد الأدنى للاجور بموجب اتفاقية وقعتها نقابة العاملين في الغزل والنسيج مع نقابة أصحاب مصانع الألبسة قبل سنوات.
يستغرب سعيد من كونه شاباً في الثالثة والعشرين بلا مستقبل واضح أو نوايا لرفع الأجور رغم ارتفاع كل ما حوله من سلع وخدمات.
وفي معرض حديثه إلى “المرصد العمالي الأردني”، يقول سعيد: “إذا أنا مش متجوز ما بيكفوني مصروف إلي، الله يعين أبو العيال اللي عنده إيجار بيت ومصروف”.
ويبين أنّ قطاع الخدمات الصحية، الذي عمل فيه سابقاً، معظمه لا يلتزم بالحد الأدنى وما يزال يعطي أجورا لا تجاوز 220 دينارا.
عماد المالحي منسق الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن (صوت العمال) يقول إن تحميل العمال والمواطنين حوادث العالم والحرب الروسية الأوكرانية دون أصحاب العمل، يشكل كارثة كبيرة ستنعكس على اقتصاد الدولة، فمعظم دول العالم تعتمد رفع الأجور في حال ارتفاع أرقام التضخم، وغالباً ما يشهد الأردن ارتفاع أرقام التضخم دون رفع الأجور.
ويؤكد المالحي في حديثه لـ”المرصد العمالي الأردني”، أنّ التعامل مع العامل على أنه غير موجود بالعملية الاقتصادية، يشكل خطأ، وذلك لأنّ رفع الحد الأدنى للأجور سيرفع السيولة في السوق ويحرك ويزيد دخل المنشآت.
ويشير إلى أنّ وراء ذلك ضعف النقابات العامة للعمال وانحياز العديد منها لصالح أصحاب العمل دون الحراك تجاه العامل الذي يعد المتضرر الأكبر.
ويصف عمل الحكومة بهذه الآلية بـ”العقيم” وغير العملية “وسيفشل معه إجراءات كثيرة”.
أمّا مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال فيؤكد أنّ الاتحاد طالب بفتح ملف الأجور في اللجنة الثلاثية قبل نحو شهر ونصف الشهر، الّا أنّ شيئاً لم يحدث.
وبين وجود بعض المحادثات غير المعلنة في ذلك، مشيراً إلى أنّ الهدف هو الوصول إلى نتائج ثم إعلانها، مع اعتماد الاتحاد العام للنقابات سياسة النقاش والحوار مع أعضاء اللجنة الثلاثية.
ويشير إلى أنّ أصحاب العمل ما يزالون يتحدثون عن خسائرهم ومحاولات تعافيهم من تبعات اقتصادية أصابتهم خلال فترة الجائحة لحقتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
أما مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض فيرى ان استمرار الحكومة في سياساتها برفع أسعار المشتقات النفطية، التي تؤدي بدورها إلى ارتفاع أسعار عشرات السلع الأساسية، إضافة إلى ارتفاع أسعارها عالميا، وعدم زيادة أجور العاملين في القطاع العام، ورفع الحد الأدنى للأجور، سياسة من الصعب أن تستمر إذا أردنا الحفاظ على الحد الأدنى من تمتع المواطنين بحقوقهم الأساسية.
ويشير عوض في مقال له إلى أنّ استمرار العمل بهذه السياسات غير الاجتماعية وغير الحساسة للمجتمع، سيهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع والدولة، وستكون نتائجها خطيرة علينا جميعا.
وحول التصريحات الحكومية في هذا الشأن يؤكد أنها تفتقر للحساسية الاجتماعية التي تأخذ بالاعتبار حال الاحتقان والحنق التي يعيشها معظم المواطنين، وتعبر عن عدم إقرار الحكومة بوجود أزمة حقيقية في هذا الشأن، وهذا تعبير فاضح عن حالة إنكار خطير للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي نواجهها.
“لو أقرت الحكومة، أو بعض ممثليها، بالأزمة في بعض الأحايين، فإن المضي قدما في تعميقها، وعدم اتخاذ إجراءات للتخفيف منها، على الأقل من خلال زيادة الأجور والتخفيف من ارتفاعات الأسعار، فإن هذا إنكار من نوع آخر”.
ويذكر أنّ العديد من الدول التي رفعت أسعارها دون رفع الأجور تجتاحها موجات مطالبات واحتجاجات بذلك للحصول على الحقوق الأساسية.