سواليف
لم يقتصر اهتمام إيران بإحداث تغيير ديمغرافي في دمشق على المنطقة التي باتت تعرف بـ”حرم المقامين”، أي مقام السيدة زينب ومقام السيدة سكينة في داريا، إذ بدأت تسعى عبر وسطائها للتملك في منطقة ركن الدين الواقعة بالقرب من سفح قاسيون، شمال دمشق.
وفي هذا السياق، أكد فؤاد مللي، وهو أحد أبناء الحي وغادر سوريا مؤخرا، أن “عمليات شراء البيوت من قبل الإيرانيين عبر وسطاء ودلالين أخذت تنتشر بشكل ملحوظ في منطقة ركن الدين” التي تقطنها أغلبية من أصول كردية.
وأوضح، ” أن عمليات الشراء تتم من قبل “دلالين وسماسرة، ومن ثم يتم تمليكها للإيرانيين، وشيعة من جنسيات أخرى، منها لبنانية وعراقية”، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود عمليات تزويج فتيات لشبان شيعة سوريين وعراقيين، “وبهذه العلمية تصبح عمليات الشراء والتمليك سهلة وميسرة”، كما قال.
وقال مللي: “أغلب عمليات الشراء تتم في منطقة الكيكية، وهي المنطقة الواقعة باتجاه سفح جبل قاسيون. ووصل سعر البيت إلى 35 مليون ليرة، وهو رقم ضخم بالنسبة لهذه المنطقة”.
وسبقت عمليات شراء العقارات في ركن الدين؛ حالة تهجير في منطقة بساتين المزة، أو ما يعرف بـ”بساتين الرازي” التي باتت خالية من أهلها.
ويقول الناشط “محمد المزاوي” : “تلقى أهالي المنطقة في الشهر الخامس من العام الماضي إنذارات من محافظة دمشق لإخلاء المنازل الواقعة خلف السفارة الإيرانية، مع تهديد بهدم الأبنية في حال لم يتم إخلاؤها بشكل تام خلال شهرين، وهذا ما تم بالفعل”.
وأضاف: “تم توزيع حوالي 300 إنذار للمنازل المحاذية لأبنية الفيلات الشرقية المطلة على بساتين المزة من خلف مستشفى الرازي باتجاه المتحلق الجنوبي، ومن جسر مدينة داريا وصولا لرئاسة مجلس الوزراء، ومن بعدها تم توزيع إنذارات إخلاء على 700 عائلة أخرى”، وفق قول الناشط المزاوي.
وبعد خروج آخر دفعة من أهالي المنطقة، بدأ العمل على إنجاز مشروع سكني على غرار مشروع “تنظيم كفر سوسة” الراقي، والذي بلغ سعر الشقة الواحدة فيه حاليا نحو 300 مليون ليرة.
يقول المزاوي “: “أُجبرنا على الخروج من بيوتنا على وعد أن نحصل على تعويض في الأبنية التي سيتم تشييدها، إلا أن القسم الأكبر منا لا خيار آخر أمامه إلا البيع، فهو لا يملك بيتا آخر يقيم فيه ولا يمتلك القوة المالية التي تمكنه من الاستئجار، علما بأننا سمعنا وعودا مسبقة بتعويض شهري يصل حتى 50 ألف ليرة، لكن هذا بقي حبرا على ورق”.
وسبق رحلة الإخلاء، بحسب المزاوي، عمليات هدم وتجريف للأراضي المزروعة في معظمها بأشجار الزيتون، وتم تعويض مالكيها بمبالغ زهيدة بلغت 300 ليرة سورية للمتر الواحد.
ويشير المزاوي إلى أن ما يثير الريبة هو الحديث عن أن المشروع الذي شرع العمل به يقوم عليه رجال أعمال محسوبون على إيران، وبالتالي قد يتم تمليك المنطقة وفق معطيات طائفية من شأنها تغيير التركيبة السكانية، فضلا عن الجانب الآخر للموضوع والمرتبط بالقرب الجغرافي الكبير للمنطقة من السفارة الإيرانية التي تملكت مساحات شاسعة باتجاه حي الإخلاص الواقع إلى الجنوب من المبنى الجديد للسفارة، وفق قول المزاوي.
سياسة التملك والشراء، ترغيبا وترهيبا، انتهجتها إيران منذ سنين ما قبل الثورة، وفي أكثر من منطقة. ففي قلب دمشق القديمة، حيث مقام السيدة رقية، استطاعت إيران شراء العديد من البيوت المحيطة بالمقام، وذات الطابع الأثري، كما أنها ومنذ سنوات أيضا تملكت العديد من الأبنية المحيطة بمقام السيدة زينب بالإضافة لعدد من الفنادق، ومن بينها فندق “سفير السيدة زينب”.
كما سبقت عملية التهجير التي حصلت في منطقة بساتين المزة؛ عملية تهجير أخرى في مناطق حجيرة والذيابية والحسينية، المحيطة بمنطقة السيدة زينب.
ويقول فيصل الجولاني، وهو من أبناء المنطقة المهجرين: “كنت أملك بيتا في الحي المقابل لمشفى الخميني، والآن تسكنه عائلة إيرانية أفرادها ينتمون لمليشات حرس المقام الشيعية”.
ويضيف الجولاني : “لا تحتاج هذه المنطقة لعمليات بيع وشراء، فمعظم الأهالي هجروا منها، ولم يتبق إلا عدد قليل، وبيوتنا احتلها شيعة قادمون من بصرى الشام في درعا، ومن الفوعة وكفريا ونبل والزهراء، ناهيك عن عائلات المقاتلين الشيعة القادمين من إيران وباكستان والعراق”، كما قال.
عربي 21