إغاثة لاجئي الروهينغا . . !
نشرت الصحافة المحلية هذا اليوم الخبر التالي : ” غادر وفد من لجنة حملة إغاثة مسلمي الروهينغا إلى بنغلادش أمس، لإيصال الدفعة الأولى من المساعدات الإغاثية العاجلة، كجزء من حملة جمع التبرعات النقدية التي قامت الحملة بجمعها منذ انطلاقها قبل نحو شهر ونصف الشهر . . . وكانت جلالة الملكة رانيا العبد الله قد زارت مخيم اللاجئين واطلعت على معاناتهم “.
في ستينات القرن الماضي وقبل حرب حزيران، عندما كانت تحدث تصرفات من بعض المسؤولين أو الدول في المنطقة، لا تعجب أحمد سعيد مذيع صوت العرب في القاهرة، كان يفتتح تعليقه بعد نشرة الأخبار بنداء : ” اسمعوا يا عرب “، ثم يسرد الواقعة بأسلوب هزلي مضحك ويعلّق عليها.
وفي هذا اليوم أجدني مشدودا لذلك النداء، وأرغب أن أكرره بصوت مرتفع : ” اسمعوا يا عرب الأردن “: الدولة المدينة بأكثر من 30 مليار دولار، تتبرع بمساعدات إغاثية وتبرعات نقدية للاجئي الروهينغا في بنغلادش.
أنا لست ضد هذا التبرع للمسلمين المنكوبين هناك. ولكن أقول أن التبرع يتم بعد الاكتفاء الذاتي وإغاثة المحتاجين في بلدنا أولا، ثم نمد أذرعنا الطويلة بالتبرع إلى المحتاجين في الخارج. دولة مديونة وتعاني من الفقر، وتلجأ إلى زيادة الضرائب، ووقف الدعم عن معظم الحاجيات بما فيها خبز الفقراء، هل يعقل أن تتبرع بالإغاثات العينية والنقدية، وتفتح حسابا للتبرع من أجل لاجئي دولة في جنوب شرق آسيا، بينما شعبها يعاني من ضائقة العيش ؟
كنت أتمنى على الهيئة الخيرية الهاشمية ومن رافقها إلى بنجلادش على بعد آلاف الأميال، أن تعرّج على قرية ( الجواسره ) في الغور الأوسط، التي لا تبعد عن العاصمة أكثر من 30 كيلومترا، أو تعرّج على غور أبو عبيدة في الغور الشمالي، أو تزور قرية الصافي في الغور الجنوبي، والقري الجنوبية والشمالية ومناطق البادية، لترى أنها بحاجة لإغاثات دائمة. فالمقولة المعروفة : الأقربون أولى بالمعروف ” تطرح نفسها بقوة في هذه الأيام. وأذكّر بأن النبي محمد ( ص ) قال لأبي طلحة : ” أرى أن تجعلها في الأقربين “، فهم أولى بالمساعدة والإغاثة.
وفي الختام أسأل من يهمه الأمر : هل نحن في الأردن أكثر غيرة وأكثر ثراء من بقية الدول العربية المسلمة ؟ ولماذا لا نهتم بالداخل – على شح إمكانياتنا – قبل الاهتمام بالخارج، مع تقديري لكل المشاعر الإنسانية ؟ وإن كانت الإغاثة والتبرع للاجئي للخارج ضرورة، فهي أكثر ضرورة وإلحاحا للمحتاجين في بلدنا قبل غيرهم. تكرّموا بزيارتهم، وتعرّفوا على أحوالهم، لعلكم تساعدوهم، فتكسبوا أجر الدنيا وثواب الآخرة.