إعادة ترتيب منظومة الامن الداخلي

إعادة #ترتيب #منظومة #الامن_الداخلي

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
في حقيقة الامر أن الاصح هو إعادة #بناء_الدولة من جديد على اسس معايير #الديمقراطية بمفهومها الشامل ، لكن وبما أن النظام السياسي الحاكم مُصر على المضي والاستمرار والعمل بنهج #الفساد الذي سيسقط الدولة بكل مكوناتها فإنه بات من الضروري وبشكل عاجل إعادة ترتيب منظومة الأمن الداخلي بما يحفظ الامن والسلم المجتمعي، وخاصة بعد مقتل مواطن اردني على يد رجال الامن الموكل اليهم حمايته والانفلات الأمني بكافة مظاهره ، تراجع الدور الامني عن ضبط مخاطر الخارجين عن القانون وسوء استغلال رجل الامن لوظيفته، يشير ان هناك خلل ما لا بد من تداركه وخاصة بعد التسريبات الأخيرة المتعلقة بمدير الأمن العام السابق ، هذه التسريبات المشينة إن صحّت فهي بمضمونها تمس هيبة ورمزية الدولة ، وتكمن خطورتها بالاختراق الأمني الفاضح لمركز وطني حساس من جهة ومن جهة أخرى تكشف عن وجود انقسامات داخلية بالمنظومة الامنية ، فالتنصت على المسؤول الأمني الأول لا يمكن أن يكون من قبل مواطن عادي بل من قبل جهاز أمني يمتلك أدوات التنصت المتطورة .
لا يليق برجل أمن مهما كانت رتبته العسكرية استغلال وظيفته لما للرمزية العسكرية من هيبة وكرامة الوطن والمواطن ودوره ومهمته الرئيسية في الحفاظ على الامن والسلم المجتمعي ، لكن للأسف فإن هذه الرمزية تتآكل يوماً بعد يوم لما نشاهده ونسمعه كل يوم من أفعال وتصرفات بعض افراد الاجهزة الامنية والتي تتنافى كلياً مع قيم ورسالة ومهام القوى الامنية التي تتمثل بالتعامل مع المواطن بمهنية بأعلى درجات الانسانية والاخلاقية وبمعايير النزاهة والشفافية لتحقيق أعلى درجات ألامن والاستقرار.
نعيش اليوم في أجواء مشحونة بالمخاطر والقادم اسوأ إن لم نعالجه بشكل عاجل ، #المخدرات تباع في #البسطات والشوارع وأعداد المتعاطين يزداد بوتيرة متسارعة جداً وأصبحت توزع حتى في المدارس الابتدائية والجرائم المرتبطة بها تتعاظم ، تجار المخدرات ليسوا من بسطاء الناس وإنما من أصحاب الالقاب الكبيرة الذين يستطيعون بمكالمة تأمين وصول آمن لبضاعتهم وتوزيعها بكل يسر، ابناء وأعوان وازلام المتنفذين يتاجرون بالمخدرات ويتقاسمون مناطق التوزيع جهارا نهاراً؛ فهل لا تعرفهم الأجهزة الأمنية حقًا! هذه الاجهزة التي تعرف كل كبيرة وصغيرة عن الحراكيين والسياسين هل هي عاجزة عن رصد حركة ونشاطات تجار المخدرات !
نُصدم عندما نشاهد طوابير من سيارات وافراد الامن ذاهبة لاعتقال مواطن مسالم ما كان ليتوانى عن الحضور لأي مركز أمني لو طلب هاتفيًا، في الوقت الذي يتسكع فيه أصحاب السوابق والمطلوبين للقضاء التنفيذي المحكومين بقضايا جرمية بأحكام قطعية تصل الى (10-20) حكما في الشوارع وامام المراكز الامنية والمقاهي ، هل تعجز القوى الامنية حقًا عن اعتقالهم وزجهم في السجون ! أليس في تركهم طلقاء تهديد للسلم والامن المجتمعي وخطورة على ارواح الناس ! ألا يعطي هذا التراخي الامني مع هؤلاء تشجيعاً للاخرين بالاقتداء بسلوكهم الاجرامي ! أما كان بالامكان حقن دماء وارواح الاردنيين لو لم يتم التساهل مع من ارتكبوا جرائمهم ، كذلك اليوم تنتشر ظاهرة السطو والابتزاز من قبل بعض المنحرفين والزعران والعصابات على الافراد والشركات والمحال التجارية في وضح النهار ، ما كان لهؤلاء التمادي في سطوتهم لو كان هناك احكام رادعة تنفذ بحقهم ، فهل يُعقل أن تُسرق سيارة مواطن ويلجأ للشرطة ويخبرهم عن مكانها ولا يستردها الا بعد دفع مبلغ مالي يحدده السارق ! هل يعقل أن يسفّر حلاق ستاتي اجنبي اليوم ويعود للبلاد في اليوم التالي ! ويُسفّر مرة ثانية ويعود – ويُسفّر مرة ثالثة ويعود مخالفاً كل القوانين السارية ! من المتنفذ او المتنفذة التي تقف خلفة ويدوس / تدوس على كل القوانين وما قيمة هذا الحلاق له او لها! من أوصل القضاة الى الخوف من هؤلاء والحكم عليهم بأحكام مخففة جداً ! وهل يعقل ان يضبط ابن احد المتنفذين في فعل فاضح ويشهر سلاحه على رجال الأمن ولا يتم توقيفه وإدانته !
هناك الكثير الكثير من مظاهر الفلتان الامني لا مجال لذكرها ، لكن بالتأكيد لا يتحملها جهاز الأمن لوحده ، فهناك بالخفاء من يعمل على اضعافها وتقزيم دورها الوطني ، هذه الاجهزة الأمنية هي أجهزة وطنية نعتز ونفتخر بها ، ما يحدث بداخلها هو بالتأكيد تصرفات فردية تحدث في كل المؤسسات ، وهو في المحصلة النتيجة الطبيعية المتوقعة لنهج الفساد السائد، فمعايير اختيار مواقع المسؤولية غالبيتها تخضع للمحاباة والتنفيع والتوريث والمحاصصة بعيداً عن المهنية والكفاءة والخبرة والنزاهة ولذلك نشاهد ونعايش الفشل والترهل والاستغلال والتنفع الوظيفي في كل المستويات والمجالات ، لكني جازماً أؤكد انه لا يوجد اردني واحد يتمنى أن يصل هذا الفساد للأجهزة ألامنية .
علينا قبل أن نلوم الاجهزة الامنية ان نلوم نواب المصالح الشخصية والتكسب الذين يقفون خلف هؤلاء ويتوسطون لهم ويحمونهم من الملاحقات ألامنية والقضائية ويتخذون منهم قبضايات وعصابات ، علينا نحن الشعب إن كنا صادقين مع أنفسنا أن نفضح ونعري نواب العيرة سيما وان قسماً منهم تدور حولهم الكثير من الشبهات ، صحيح أن معظمهم جاء بالتزوير لكن ومع هذا علينا أن نسقطهم حتى وان لم نكن مقتنعين بهذه الديمقراطية المزيفة ، كذلك علينا التصدي وتعرية شيوخ الدمى والكركوزات الذين يتوسطون لهؤلاء مجتمعياً ورسمياً ، هؤلاء الذين لا تعني لهم العباءة الا وسيلة للارتزاق والتزلف ومعظمهم افرازات أمنية لا مجتمعية ، أيضاً ساهم الاخلال بمنظومة التربية والتعليم وتراجع دورها في التربية والثقافة والارشاد الى تشجيع الانحراف وخاصة في مراحل المراهقة والجدير ذكره والمرعب هو ما نشره تقرير دولي هذا العام يشير الى تراجع كفاءة التحصيل العلمي للطالب خلال سني دراسته الى ما مجموعه (7) سنوات دراسية، والاخطر هو الانفلات الاعلامي المروج للرذيلة والانحلال والتفكك الاسري وبث وترويج العاب التدمير العقلي والسلوكي للاطفال الذي يؤدي الى اكتسابهم السلوك العدائي والنزعات الاجرامية وخاصة أؤلئك الذين لا يحظون برعاية واهتمام ومتابعة الاسرة .
الموضوع كبير جداً ولا يمكن حصره بمقال ، لكن هناك من هم يحملون ألقاباً كبيرة وأصحاب سطوة ونفوذ يقفون خلف هذا العبث ومنه إفساد الاجهزة الامنية بعدما أفسدوا الجهاز المدني ونهبوا خيرات الوطن وسطوا على المال العام ودمروا كل القطاعات وفي مقدمتها التربية والتعليم ! هم من يعملون اليوم على تدمير الاسرة الاردنية عبر استنساخ قوانين التشرد والرذيلة والشذوذ ، هم من يدمرون الاجيال بالمخدرات والانحراف ، هؤلاء يزايدون على كل الاردنيين بالشعارات والوطنية والولاء والانتماء ، لكن حقيقتهم أنهم يعملون ضد الوطن وشعبه ومصالحه وبأجندة خارجية لتحقيق مصالح أعدائنا ! لذلك لا بد من اعادة بناء منظومتنا الامنية على اساس الكفاءة والمهنية والنزاهة بعدما أصابها الترهل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى