إعادة تدوير الجريمة

مقال الاحد 6-11-2016
النص الأصلي
إعادة تدوير الجريمة
نقرأ، نُصدم،نحزن، نتعاطف، نكتب،نشجب، ثم ننسى..ونترك الحال على ما هو عليه، إلى أن تحدث جريمة أقسى..فنصدم،نحزن، نتعاطف،نكتب،نشجب،ثم ننسى من جديد…بينما سيل الانحراف والإجرام يمشي بكل سلاسة من منبعه النفسي إلى مصبه في مراكز التأهيل والإصلاح دون أن نساهم في تجفيفه أو بناء سد من القيم والحلول في وجهه..
**
أحزن على السجون لأنها باتت تعاني من “تلبّك معوي” لكثرة ما نحشو فيها : قتل، على اغتصاب،على سرقة،على تعاطي،على دعارة، على احتيال ..هذا نتاجنا نحن،هذه صناعتنا نحن، هذه خطايانا نحن ، هذه ضريبتنا نحن..ماذا بعد انقضاء مدة السجن؟ انحراف جديد وجريمة جديدة ودخول جديد..
لا يمكن لأي جهاز امني أو رقابي مهما بلغت قوته أن يعرف ماذا في جيب الشاب ، او ماذا يخبىء تحت وسادته أوفي ثنايا أفكاره ، ولا يمكن للدولة أن تقوم بفحص مخبري لكل مواطنيها أثناء توجههم إلى أماكن عملهم لتعرف من فيهم يتعاطى ومن فيهم “محبحب”..لكنها تستطيع ان تغلّظ العقوبة في حالة الضبط ، وتسرّع اجراءت المحاكمة ونشرها لتردع المبتدئين والمختبئين والمترددين في التجرية…التساهل يعيد إنتاج الجريمة بصورة أعنف وأبشع دون أن ندري..وقد حصل أن قامت قوى أمنية بضبط مجموعة من المتعاطين متلبسين في مكان مغلق، وتم إيقافهم مدة قصيرة لا تزيد عن ثلاثة أسابيع ومن ثم تم الإفراج عنهم دون ان نعرف ما مغزى الإفراج وما هي خطة المتابعة..المتعاطي يقضي أسبوعين أو ثلاثة ثم يخرج وكان شيئاً لم يكن ، بينما قد يوقف تربوي محترم على تقصير إداري ضعف هذه المدة في السجون ويتبعها جلسات لعدة سنوات..بهذه القوانين الرخوة نعيد إنتاج الجريمة بشكل مضاعف..
الأهل الذين يعرفون تماماً أن ابنهم يتاجر ويتعاطى ويتغاضون عنه ويتسترون عليه ويهيئون له المال والغطاء الأمني خشية الفضيحة او العقوبة – لا فرق- هم أيضاَ يساعدون في إعادة تدوير الجريمة دون أن يدركوا أنهم قد يكونوا مسرحها في مرة قادمة تحت تأثير الجرعة الزائدة..
أعيان ووجهاء المجتمع…هم أيضاَ يعيدون تدوير الجريمة…اسألوا القضاة والمدعين العامين وضباط وقضاة محاكم الجمارك ،من الذي يحضر ليتوسط في قضايا المخدرات والتهريب والتعاطي ،إنهم علية القوم ذاتهم من نواب ووزراء وباشاوات الذين يدينون الجريمة ويحاضرون في القاعات العامة عن خطر المخدرات، اسألوا من يعملون في السلك القضائي من روّادكم في الواسطة..وهم سيجيبونكم!!!..وستعرفون أننا ندور في دائرة مغلقة…بدءاً من التهاون في تطبيق القانون وقصور العقوبات مروراً بالأهل ووصمة العار، متبوعةً بضعف القيم والوازع الديني لدى مجتمع باتت المادة عنوانه الأبرز.. وانتهاء بصور جريمة بشعة نتداولها على الواتساب..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫9 تعليقات

  1. انهم يصنعون الفشل نلاحق شخص لم يسدد 100 دينار لمستثمر نودعه السجن فيتخرج بشهادة جديدة يعود بعدها بقضايا اكثر بشاعة انهم يصنعون الجريمة تحت شعار سيادة القانون

  2. الصورة واضحة وجلية حتى من بين ثقوب الغربال .. ولكننا نغمض أعيينا … وهذا لن ينهي المشكلة

  3. كل هذه الجرائم تحدث في المجتمع ونتائج تغيير المناهج التربوية لم توتي ثمارها بعد …. الم يقوموا بالغاء الاية الكريمة( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ [1] وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91]. صدق الله العظيم
    من قام بالغاء هذه الاية وغيرها من الايات الكريمة التي تحث على الفضيلة هم من يتشدقون الان على وسائل الاعلام ويتكلمون عن الفضائل وعن التربية الصحيحة….قاتلهم الله
    تحياتي استذنا الكبير احمد

  4. الحل الوحيد هو محاربة أساس الجريمة، الا وهم تجار المخدرات ومن يساهم بايصال هذه السموم لأيدي ابناءنا لتغليظ العقوبة لتصبح عقوبة واحدة فقط، الا وهي الإعدام ، زول مثل ماليزيا وإندونيسيا والان الفلبين على خطاهم، كل من بتجار ويهرب ويساعد على وصول هذه المخدرات للبلد، يجب ان يعزم ويشهر به، حتى من تسول له نفسه بهكذا عمل ان يعيد حسابها مليون مرة قبل ان يخاطر بحياته من اجل شوية مصاري… اما من وقعوا ضحية هذه المخدرات، فيمكن علاجهم ونشر برامج توعية، واذا اختفت المخدرات من الاسواق، سيكونون تحت الامر الواقع، وعلاجهم سيكون سريع وفعال ان شاء الله، وأكن مرة اخرى، يجب قطع راس الحية للتخلص من السم، وغير ذلك سيكون مضيعة للوقت، وسنكون اما جرائم أشد واخطر واكبر مما نرى اليوم في كل مكان

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى