إعادة تأهيل مجتمعي
خولة مغربي
لم نعدْ نحتمل جرعة زائدة من #السلطة #الذكورية، وتبرير جرائمها وخطاياها الشنيعة والقميئة، فالمرأة مستباحة بالعنف بأشكاله المتعددة: #الجسدي والنفسي والصحي والتعليمي، …، باسم #الذكورة وسلطتها، وهذه الجريرة تقع على عاتقنا جميعاً، فالبنية الفكرية تحتاج إلى نسف من جذورها واسئصالها، وزراعة ثقافة تقبُّل الآخر، والتصالح معه على الرغم من الاختلاف الفكري والمعتقدي كذلك، نعم والمعتقدي، فلا إكراه في الدين، ولا إكراه في الحب، ولا إكراه في الاعتناق.
إن النفس التبريري للسُّلطة الذكورية وأفعالها الغاشمة اللامسؤولة، قد أصابتنا في مقتل، وقد آن الأوان لإعادة بناء المنظومة الاجتماعية الفكرية جذرياً، وذلك من خلال أصغر مؤسسة فكرية في المجتمع، العائلة، مروراً بالمدرسة ثم الجامعة، فمكان العمل والحياة، إضافة إلى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، والأهم من ذلك كله وسائل التواصل الاجتماعي، السلطة الخامسة، والدراما التي تنضح بالعنف ضد المرأة، فلا يكاد يخلو مسلسل أو فيلم من توجيه العنف الجسدي والنفسي، وتكريس السلطة الذكورية لامتهان كرامة المرأة، والنظرة الدونية لها، واستباحة ضربها وإهانتها وتعنيفها، دون حسيب أو رقيب، يجب فرض الرقابة على الدراما، واشتراط خلوها من هذه الصورة النمطية السلبية، والتي للأسف ذات نَفَس تبريري لهذه الأفعال التعنيفية، وقبل ذلك محاربة العادات والتقاليد التي تنادي بسلطوية الذكورة، فالكذب ليس ملح الرجال، وابن العمّ لن يُنِّزِل ابنة عمّه عن الفرس، وعيب الرجل إذا كان في فمه، فهو عيب ولن تغطيه شواربه!!!
دون نقاش يجب العمل على إعادة تأهيل مجتمعي شامل، من خلال إعادة بناء المناهج الدراسية، وتفعيل دور المثقفين، الذين يجب أن يخرجوا من جلباب ( لجنة ) صنع الله إبراهيم، ويتحملوا مسؤوليتهم في النهوض بفكر وثقافة المجتمع، بكتابة نصوص هادفة وتوجيهية في هذا الصدد، ورجال الدين أيضاً لزاماً عليهم أن يقدموا دوراً تنويرياً وأنموذجاً يحتذى به، بأمثلة مشرقة من الموروث الديني، يدعو إلى الرفق بالقوارير، والتوصية بهن خيراً.
هل هو عصر الجاهلية والنكوص إلى الخلف؟! حتى الجاهلي لم يكن الرجل يقتل من يحبها، إذا تمنعّت عليه واستعصت، فلم يسجل التاريخ قطّ، في ذلك العصر حادثة واحدة في ذلك، هل هو الوأد بثوب جديد؟! ليس بداعي الخوف من الفقر والفاقة، بل بداعي الحبّ، ولو كان ذلك بالقوة، القوة التي تودي بالروح بدم بارد وفي وضح النهار!! وأيّ حبّ سيكون ذلك الحبّ الذي يُفرض بالقوة، لا بدّ أنه سيولد الكراهية، لإنها الابنة الشرعية لسياسة السلطة والقوة.
إننا نحن جميعاً ( إنسان بالضرورة )، وحتماً يجب التركيز على هذا الناموس والفيصل في التربية والتنشئة والتعامل فيما بيننا، يجب بناء الإنسان للحياة، كي نستحقها، والمرأة تستحقها أيضاً.