إسرائيل تكشف القصة الكاملة لعملية استهداف المفاعل السوري

سواليف

مع سماح الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر تفاصيل عملية قصف المفاعل السوري في دير الزور عام 2007، نشرت الصحف الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، كماً من المعلومات الهائلة حول الفشل الذي كان من نصيب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية و”الموساد”، في السنوات الأولى لبناء المفاعل الذري السوري، خصوصاً أن رئيس النظام السوري بشار الأسد تمكّن من فرض سرية تامة على المشروع، لدرجة أن قلة قليلة من أركان النظام كانوا على علم به.

وبحسب تفاصيل نشرتها “هآرتس”، اليوم، فإنّ بداية الاهتمام الإسرائيلي بتطلعات سورية لبناء مفاعل نووي كان بعد الاتفاق بين نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي والولايات المتحدة وبريطانيا، بشأن نزع الترسانة غير التقليدية لليبيا، في حين كانت الاستخبارات الإسرائيلية قد بدأت تهتم بمبنى غريب في الصحراء السورية، في أواخر عام 2006.

ووفقاً للصحيفة العبرية، فقد أطلقت الاستخبارات على المبنى الذي امتدت مساحته لـ1600 متر، اسم “المكعب الهنغاري”، وذلك لكونه أحجية لم يستطع أحد فك رموزه وما الهدف منه وما هي حقيقته.

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإنه عندما بدأت تتواتر معلومات عن كون الموقع يشكل غطاء لنشاط سوري لبناء مفاعل نووي تقدمه كوريا الشمالية لبشار الأسد، فإن إسرائيل بدأت تجمع معلومات حول احتمال اتجاه نظام حافظ الأسد الأب سابقاً نحو الوصول إلى قوة نووية منذ أواخر سنوات التسعينيات، إلا أن نقطة التحول كانت في ديسمبر/كانون الأول 2003، بعد الاتفاق الأميركي البريطاني مع نظام معمر القذافي في ليبيا بالذات.

وأشارت الصحف الإسرائيلية، في هذا السياق، إلى تحقيق في مجلة “نيويوركر” الأميركية عام 2012، والذي كشف أن عملاء من “الموساد” تمكنوا، في عام 2007، من اختراق حاسوب رئيس اللجنة السورية لشؤون الذرة، إبراهيم عثمان، أثناء تواجد الأخير في النمسا، ومن هناك حصلت إسرائيل على أول معلومات حقيقية، من وجهة نظرها، عن خطر الخيار النووي السوري.

وبحسب تقرير المجلة، فقد سحب عملاء الموساد 35 صورة من داخل المبنى مجهول الهوية الذي أطلقت عليه إسرائيل “المكعب الهنغاري”. وبينت الصور حقيقة ما بداخل المبنى، بما في ذلك أيضاً صور لخبراء كوريين من العاملين فيه.

لكن المعلومات الأولية والاعتقاد الرئيسي بهذا الخصوص، بحسب مسؤول في الموساد الإسرائيلي، كان في عام 2006، مع أن الخبراء الإسرائيليين للشأن السوري والمختصين ببروفيل بشار الأسد أسقطوا هذا الخيار، باعتبار أنه لا يلائم شخصية الأسد.

وتوفر أول الدلائل عن مشروع سورية في مارس/آذار 2007، لكن لم تتوفر معلومات دقيقة عن المدة اللازمة لسورية للوصول إلى نقطة اللاعودة قبل تحول المفاعل إلى مفاعل ناشط، بحسب ما صرّح به عضو الطاقم الذي خطط لعملية قصف المبنى، العقيد إيلي بن مئير، للإذاعة الإسرائيلية، الذي أكد أيضاً أنّ حالة من الخوف كانت سائدة من أن لا تتمكن إسرائيل من ضرب المفاعل، قبل أن يتحول إلى مفاعل نشط يمكن لضربه أن يهدد بانتشار الإشعاع الذري.

وفي هذا السياق، وخلافاً لادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، فقد قال عدد من المسؤولين الإسرائيليين إن باراك دفع بتأجيل موعد الضربة سعياً منه، بحسب هذه الادعاءات، إلى أن تتم بعد الانتخابات، كي يكون الفضل كله له وليس لرئيس الحكومة في حينه، إيهود أولمرت.

في غضون الفترة المذكورة بين أواخر عام 2006 ومارس/آذار 2007، تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من التقاط صور للموقع، ولاحظت وجود أنبوب يمتد من الموقع وحتى نهر الفرات، وهو ما عزز الاعتقاد بوجود منظومة تبريد خاصة لتبريد المفاعل، مما زاد من نشاط “الموساد” لمعرفة ما يحدث في سورية، بعدما كان اهتمامه مصبوباً بالأساس على النشاط الإيراني النووي، بينما كانت سورية تحتل مرتبة متدنية من الاهتمام.

وغداة سرقة الصور من حاسوب إبراهيم عثمان، في مارس/آذار 2007، بدأت في إسرائيل التساؤلات عما يجب القيام به، وكان رد أولمرت على تساؤل وجهه له رئيس “الموساد”، آنذاك، مئير داغان، أن إسرائيل ستهدم المفاعل السوري، لكن السؤال الملحّ كان كم من الوقت تملك قبل أن يتحول الموقع إلى مفاعل ناشط.

في الثامن من مارس/آذار، كان عملياً، بحسب “هآرتس”، تحديد حكومة إسرائيل الموعد الذي تقرر فيه بدء العمل على الخيار العسكري.

وفي 18 إبريل/نيسان، أطلع رئيس الموساد، مئير داغان، الإدارة الأميركية، على المعلومات المتوفرة لديه. وطالبت إسرائيل، التي كانت قد خرجت من الحرب الثانية على لبنان، أن تقوم الولايات المتحدة بضرب المفاعل النووي السوري، لكن الرئيس الأميركي جورج بوش حينها أبلغ إسرائيل، في نهاية مشاورات مع مستشاريه، أن الولايات المتحدة لا تستطيع ضرب المفاعل السوري، في التاسع عشر من يونيو/حزيران.

في الأول من سبتمبر/أيلول من عام 2007، أبلغت حكومة تل أبيب، الإدارة الأميركية، بقرارها ضرب المفاعل السوري في دير الزور. وفي الخامس من الشهر ذاته، قرر “الكابينت” السياسي والأمني للحكومة الإسرائيلية تنفيذ الضربة الجوية فوراً.

وفي تلك الليلة، بحسب الصحيفة العبرية، فقد اتجهت ثماني مقاتلات إسرائيلية باتجاه البحر المتوسط، وعند اقترابها من قبرص، اتجهت نحو الحدود السورية التركية، ومن هناك إلى العمق السوري، لإسقاط 17 طناً من المتفجرات على المفاعل السوري، في العملية التي أطلق عليها اسم “أريزونا”.
العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى