قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي يصعّد استهدافه لجميع مظاهر ومقومات الحياة الأساسية في محافظتي #غزة وشمال غزة، لجعلهما مكانًا غير قابلٍ للعيش ودفع سكانهما للنزوح قسرًا وكرهًا تجاه المحافظات الجنوبية.
وأشار الأورومتوسطي أن #الجيش يكثف هجماته بالتوازي مع استمراره للشهر العاشر على التوالي في تنفيذ #جريمة_الإبادة_الجماعية القائمة على جرائم القتل الجماعي و #التجويع و #التعطيش والحرمان من الرعاية الطبية والترهيب والاعتقالات التعسفية والتعذيب وطرد السكان من منازلهم وأماكن سكناهم وتفريغ الأرض.
وأوضح الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثق توسع الجيش الإسرائيلي في شن غارات تهدف إلى القضاء على أبسط مظاهر الحياة في القطاع، كالاستهداف المباشر للباعة على بسطات، ونقاط توزيع الإنترنت، والتجمعات العفوية للسكان، بمن فيهم نساء خلال إعداد الطعام أو تعبئة المياه، إلى جانب استمرار استهداف المنازل ومراكز الإيواء.
وأشار أن الجيش الإسرائيلي يصر فيما يبدو على منع أي محاولة لاستعادة الحد الأدنى من مظاهر وسبل العيش في مدينة غزة وشمال القطاع، وجعل الحياة مستحيلة فيها، لإكراه السكان ودفعهم للتجاوب قسرًا مع أوامر الإخلاء التي ما يزال يصدرها لتفريغ المحافظتين من سكانهما.
وأبرز الأورومتوسطي أنه وثق استهداف الجيش الإسرائيلي لعدد من النساء أثناء إعدادهن الطعام وتعبئة المياه في بيتهن، في حوالي الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم السبت 20 يوليو/تموز، في ممر أحد المنازل في منطقة “الزرقا” شمال غزة، ما أدى إلى مقتل “نورا الصباغ” (28 عامًا) وإصابة آخرين بجروح، منهم حالة حرجة لسيدة.
وأفاد “سيف علي الصباغ”، لفريق المرصد الأورومتوسطي: “سمعنا فجأة صوت صاروخ أطلقته طائرة مسيرة إسرائيلية، استهدف بدون إنذار النساء اللواتي كن في ممر المنزل يعملن على إعداد الطعام على النار. “نورا الصباغ”كانت بجوار موقد النار وقتلت بشظايا الصاروخ على الفور، وبقية النساء وصلن مستشفى المعمداني بإصابات وصفتها الطواقم الطبية ما بين متوسطة إلى خطيرة وهناك إصابة حرجة لسيدة. تفاجأنا بهذا القصف غير المبرر نهائيًابالنسبة لنا، المكان صار مليء بالدم والشظايا، والاستهداف كان مباشرًاللنساء.”
كما وثق الأورومتوسطي يوم الثلاثاء 2 يوليو/تموز الجاري، مقتل 10 فلسطينيين، منهم طفل وشخص من ذوي الإعاقة، بعدما قصفت القوات الإسرائيلية بقذائف مدفعية تجمعًا لأشخاص كانوا يحاولون تعبئة المياه في حي الزيتون جنوب مدينة غزة.
ويروي “محمد خالد الملاحي” (34 عامًا) لفريق الأورومتوسطي ما حدث قائلاً: “أثناء خروجي من البيت الساعة الحادية عشرة والنصف قبل الظهر، رأيت قذيفة مدفعية (تطلقها الدبابات الإسرائيلية) وهي تسقط على الناس من الأطفال والشباب الذين كانوا يصطفون على شكل طوابير لتعبئة المياه ونقلها لبيوتهم المجاورة لمسجد “الشمعة” الذي دمره الجيش الإسرائيلي في بداية الحرب، وبعد أن سقطت القذيفة، سقط الناس على الأرض وتركوا ” جالونات”المياه فارغة وبدأنا بنقل الضحايا على عربات تجرها حيوانات لمستشفى المعمداني.”
ويتابع “الملاحي”: هذه ليست المرة الأولى التي يعبئ فيها الناس المياه في منطقة الشمعة. منذ بداية الحرب يأتي الناس بمختلف الأعمار، نساء وأطفالورجال، ومن محيط منطقة الشمعة، لتعبئة المياه ومن ثم نقلها لمنازلهم. نقطةتعبئة المياه الملاصقة لركام المسجد بجوارها بسطات لبعض المأكولات والحلويات والمكسرات، وهي منطقة حيوية وتشهد حركة شعبية على مدار الساعة، وبها عدد كبير من النازحين، خصوصًا بعد الاجتياح الإسرائيلي المستمر لحي الشجاعية”.
كما وثق الأورومتوسطي يوم الثلاثاء 26 يونيو/حزيران الماضي، مقتل ثلاثة فلسطينيين، هم “جواد علي الزعبوط” (40 عامًا) ونجله علي (18 عامًا) و”محمود فؤاد زهرة”، وإصابة 4 آخرين؛ جراء استهداف إسرائيلي لمجموعة من الباعة في وسط مدينة غزة.
وأفاد “داوود الزعبوط” لطاقم الأورومتوسطي، عن استهداف جواد ونجله: “يخرج جواد وابنه يوميًا بغرض البيع في الشوارع وعند المفترقات التي تشهد حركة مرورية من الأهالي، كمفترق العائلات غرب مدينة غزة. جواد له بسطة صغيرة هناك منذ شهرين يبيع عليها ما يتوفر له من بعض الحلوى لإعالة أسرته في أحد مراكز الإيواء. بحدود الساعة 8:30 صباحًا، وأثناء تواجده على بسطته مع نجله علي، استهدفت طائرة الاستطلاع بصاروخ محيط مكان تواجده مما أدى لمقتله مع نجله علي بشظايا الصاروخ، وإصابة عدد من أبناء شقيقه بجراح”.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه في الوقت الذي تستمر فيه هذه الغارات الجوية إلى جانب القصف المدفعي، تجري القوات الإسرائيلية اتصالات لهواتف السكان في هاتين المحافظتين تتضمن رسائل صوتية مسجلة تطالبهم فيها بالنزوح إلى جنوب وادي غزة، وذلك بعد أيام من إعلانه تحديد ممرات قال إنهاآمنة ويسمح للسكان بالتنقل خلالها باتجاه الجنوب دون تفتيش.
مع ذلك، أكد المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى شهادات أن الجيش الإسرائيلي يستخدم أجهزة مراقبة إلكترونية للتعرف على هوية الأشخاص المارين عبر الممرات التي حددها على طريق صلاح الدين وشارع الرشيد في مدينة غزة.
وأفاد شاهد عيان طلب عدم ذكر اسمه أن الجيش الإسرائيلي حدد ممرًا للعودة توجد عليه أجهزة مراقبة، فيما تتمركز القوات الإسرائيلية على مسافة عشرات الأمتار، ويتحكم الجنود فيمن يسمح له بالمرور، من خلال إضاءة ضوء أخضر للمرور، وفي حالات معينة يجري إضاءة ضوء أحمر، ويعني منع الدخولوالتعرض لخطر إطلاق النار المباشر.
وأضاف أنهم شاهدوا العديد من الجثامين لنازحين تعرضوا لإطلاق النار خلال محاولتهم النزوح، وتركوا ينزفون حتى الموت، وضمنها شخص كان على عربة يجرها حيوان، وتدخلت جرافة عسكرية لإزاحته مع العربة من المكان.
ووفق الأورومتوسطي، فإن الجيش الإسرائيلي يوجه السكان للتوجه إلى وسط قطاع غزة، في الوقت الذي كثف فيه القصف الجوي على وسط قطاع غزة، حيث شن عشرات الغارات أدت إلى مقتل أكثر من 160 شخصًا غالبيتهم من النساء والأطفال، وبينهم عدد كبير من النازحين، خلال الأسبوع الماضي.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن إسرائيل تتعمد بالقتل والتجويع فرض التهجير القسري على سكان قطاع غزة وتدمير كل مقومات الحياة الأساسية،بما في ذلك استهداف مقرات الأمم المتحدة ومراكز الإيواء التابعة لها، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، تشكل كل منها جريمة دولية قائمة بحد ذاتها ومكتملة الأركان.
وجدد المرصد الأورومتوسطي على أن تتبع منهجية القصف الإسرائيلي يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان السكان من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء في مدارس ومقرات الأونروا.
وبحسب وكالة أونروا، فإنه منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، قصفت إسرائيل 190 منشأة أو أكثر من نصف منشآت الوكالة الأممية، بعضها تعرض للقصف عدة مرات، وبعضها بشكل مباشر، ونتيجة لذلك، قتل وأصيب آلاف المدنيين الفلسطينيين خلال سعيهم للبحث عن الأمان.
وتقدر الأمم المتحدة وشركاؤها بأن عدد النازحين داخليًا في قطاع غزة ارتفع من 1.7 إلى 1.9 مليون شخص، بمعنى أن حوالي تسعة من كل عشرة أشخاص في القطاع أصبحوا نازحين داخليًا عدة مرات. وكان النزوح الجماعي مدفوعًا في الغالب بأوامر التهجير القسري التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفرض بيئية قسرية لا تترك خيارًا آخر للسكان سوى النزوح، وذلك من خلال التدمير الشامل والمنهجي للبنية التحتية الخاصة والعامة، والتجويع والتعطيش، والحرمان من الخدمات الأساسية، والخوف المستمر من الأعمال العدائية المستمرة.
وبناء على ما سبق، جدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وكافة الجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع وتصدير ونقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية. بالإضافة إلى مساءلةومحاسبة الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة والتكنولوجيا الحربية رغم العلم أوالعلم المفترض باستخدامها في ارتكاب جرائم دولية ضد الفلسطينيين، وبمايشمل مساءلة ومحاسبة الأفراد صانعي هذه القرارات في هذه الدول،باعتبارهم متواطئين وشركاء في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلكجريمة الإبادة الجماعية.
كما يدعو الأورومتوسطي إلى تفعيل كافة مسارات المساءلة والمحاسبة المتاحةعلى المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، بما في ذلك العمل الجاد والمشتركلتفعيل مسار الولاية القضائية العالمية لمساءلة ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضدالمدنيين الفلسطينيين أمام المحاكم الوطنية للدول التي تأخذ بهذه الولاية.
كما حث المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية على الإسراع في إصدار مذكرات إلقاء القبض ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ووزير الدفاع “يوآف غالانت”، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم المرتكبة في قطاع غزة لتشمل جميع المسؤولين عنها، وإصدار مذكرات قبض بحقهم، ومساءلتهم ومحاسبتهم، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة.