إرفعوا أيديكم عن الخدمات الطبية الملكية

إرفعوا أيديكم عن الخدمات الطبية الملكية
موسى العدوان

طالعتنا جريدة الرأي الأردنية يوم الأحد 19 / 1 / 2020 بمانشيت عريض، يبشّرنا برغبة حكومية في إحياء المؤسسة الطبية العلاجية. تضم هذ المؤسسة تحت مظلتها حسب رؤية الحكومة : القطاع الصحي الحكومي، الجامعي، الخاص، والعسكري عدا عن المستشفيات الميدانية.

وقد أكد الدكتور راتب الحناوي الناطق باسم هذا المشروع، بأن إعادة إحياء هذه المؤسسة التي طُبقت في الأردن عام 1987، كانت نقطة تحول في النظام الصحي الأردني، jهدف إلى تحسين نوعية الخدمات الصحية، إضافة للتوفير في النفقات، بعد أن أصبح الإنفاق الصحي في موازنة الدولة بمئات الملايين من الدنانير.

كان ذلك بسبب تقديم خدمات صحية منفصلة في غياب التنسيق، ودون وجود استراتيجية موحّدة، وغياب العدالة، وعدم رضا المرضى عن مستوى الخدمة المقدمة لهم، أمام الإعفاءات الطبية من قبل الديوان الملكي ورئاسة الوزراء. ويعدد الدكتور الحناوي الكثير من السلبيات في النظام الصحي الحالي، مؤكدا أن إنشاء مؤسسة واحدة لإدارة الخدمات الصحية، لا يؤدي إلى تقليص دور وزارة الصحة، أو الخدمات الطبية الملكية، أو التعليم الجامعي في أداء واجباتها، بل على العكس من ذلك فإنه يعزّزه ويسمح لكل جهة، أن تتفرغ للعمل في صلب واجباتها.

مقالات ذات صلة

ومن المعلوم للجميع بأن المؤسسة الطبية العلاجية، التي أنشئت في عقد الثمانينات قد فشلت في أداء واجباتها، الأمر الذي استدعى حلها بعد سنتين فقط من ولادتها. وها نحن اليوم نعيد الكرّة في محاولة بائسة، لتعزيز الفشل السابق بفشل جديد. وهذا ما يوحي لنا بأن إذاعة حديث مدير الخدمات الطبية الملكية قبل أيام، عن الصعوبات التي تواجهها مديريته على التلفزيون بالصوت والصورة، كان مقصودا لتسويق هذا المشروع.

لقد أنشئت الخدمات الطبية الملكية في أوائل ستينات القرن الماضي، وكان الهدف منها أساسا تقديم الخدمة الطبية للوحدات الميدانية، وللعسكريين العاملين والمتقاعدين وعائلاتهم. وكانت تُقدم لهم جميعا الخدمة المطلوبة بصورة مرضية. فذاعت شهرتها بين أوساط المجتمع المحلي وخارج الحدود، إلى أن أثقلت بحمولة زائدة، من خلال معالجة المدنيين وانتشار مستشفياتها الميدانية خارج البلاد. هذا الوضع أدى إلى الضغط الزائد على الكوادر الطبية، ونقص العلاجات، وتراكم الديون عليها، وأخيرا تقليص الخدمة الطبية المقدمة للعسكريين وعائلاتهم.

على كل حال فإن ضم الخدمات الطبية الملكية إلى المؤسسة الطبية العلاجية المنوي إنشاؤها مرفوض من قبل جميع العسكريين عاملين ومتقاعدين. وهو خط أحمر لا نسمح بتخطية والتلاعب بمؤسستنا الوطنية، التي عاشت معنا وعشنا معها لما يزيد عن 60 عاما، ونؤكد على ضرورة إبقائها مع مستشفياتها الميدانية والمركزية، مرتبطة بالقيادة العامة للقوات المسلحة، لتقدم خدماتها للوحدات العسكرية ولمنتفعيها العسكريين والمدنيين.

ونحن العسكريون، حريصون على أن لا يتعثّر هذا الصرح الطبي المميز، الذي نفخر به أطباءا وكوادرا، ونرجو عدم المقامرة به في مشروع خيالي ثبت فشله في الماضي. وإذا كانت هناك رغبة في إنشاء مؤسسة طبية جديدة، بحجة الاقتصاد في النفقات وإدارة القطاعات الطبية والتأمين الصحي بصورة أفضل، فيجب توجيهها إلى المؤسسات الطبية الأخرى، لتضع استراتيجتها الطبية منفصلة، بعيدا عن الخدمات الطبية الملكية، التي تقوم بمهامها على افضل وجه، علما بأن موازنتها المالية تبلغ ربع موازنة وزارة الصحة، ولكنها تعالج ما يقرب من ثلث سكان الأردن على الأقل.

وختاما أقول : إرفعوا أيديكم عن الخدمات الطبية الملكية، ودعوها تضع وتطبق استراتيجيتها الطبية التي اعتادت عليها بنفسها، دون انضوائها تحت مظلة مشروع غير مأمون العواقب، فالمُجرّب لا يُجرّب مرة أخرى، كما نقول في أمثالنا الشعبية . . !

التاريخ : 20 / 1 / 2020
٣١

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى