حارتنا / نبيل عماري

حارتنا
بشوارعها وزواربيها وشخوصها ذاكرة مشبعة بتجليات الماضي وروعة الماضي صور عشناها رسمناها بقلم رصاص اشترايناه من بقالة الحاج محمد جرادات كل يكتب بذاك القلم ذكرى حلوة عن حارة عشنا بها بصبحها الوردي ومسائها العطري سمعنا بها صوت بائع السمك وهو ينادي وبائع الهرايس يغني بعرب جميلة هريسة وهرايس وناس طيبون ينثرون المحبة كحبات لولو ورائحة التراب من اول شتوة ورائحة العيد والمستكا والمحلب يتفجر بعبق من كعك مخبوز من فرن ابو شحادة وساعة صيف عصرية بوصول بكس الفقوس والجعابير وجرزات الجلاتون قادمة من اربد يجلبها مصطفى ابو الرب بمواسم تنتهي بموسم العنب والتين الخضاري حارتنا تسمع بها صوت الكركي لويه والحصناوي هاظ أني وجارنا الأرمني ابو سركيس وهو يتكلم بلغتة الأرمنية ياجور انشي يعني مرحبا وجارنا ابو محمد الشركسي ستاخودا اي مرحبا وذاك جارنا الخليلي هئايت وبيوت مس كوت وهي عجوز بريطانية تبرعت بقطعة ارض بحارتنا وبنت عليها بيوت للأجئين 1948 القادمين من حيفا ويافا والناصرة وعكا وسميت تلك البيوت بأسم مس كوت حارتنا كانت مجتمع فسيفسائي جميل وطيب تشم به رائحة محبة ورضا . حارتنا كانت جوهرة حافظنا عليها وعلى نظافة شوارعنا شطفنا سطوح بيوتنا بيوم صيفي حار لننام على صوت صرصور الليل وجمال القمر وروعة نجوم
أنتظرنا بائع الكاز ببغلة لنملأ صوبة علاء الدين او صوبة البواري لتعطينا دفىء شتاء جميل . حارتنا جميلة بكل الفصول نشعر بقرب دوام المدارس عندما نشتم رائحة أول شتوة ونشعر بقرب أنتهاء الدراسة عند هبوب الريح الخماسية لتغدو الشوارع مهرجانات لطائرات الورق وألعاب السبع حجار والفارة بالببسي ولعبة حدرة بدرة وغيرها . بحارتنا رغيف خبزنا قد لا يكون لنا ربما تستقرضة جارة ورائحة طبخات الجيران تشتمها عندما تمشي بتلك الزواريب الضيقة تشتم رائحة طبخة فاصوليا او دقية بامية وقلاية بندورة ورائحة مجدرة البرغل ببصلها المقلي وزيت زيتونها البكر وصوت أغنية قادمة من شباك مطبخ ( زمان كانوا يضعون الراديو الصغير عند شباك المطبخ ) هذا ملخص عن حارتنا وكل حارات الوطن والتي كانت تشع محبة وبركة وطيب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى