إربد العروس والفرح

إربد العروس والفرح
أ. د. خليل الرفوع

جائحة الكورونا ابتلاء إنساني كوني وضع البشرية كلها أمام المنايا تتصيد من تشاء بلا رحمة، وأضحت كل دولة مشغولة بقلع شوكها بأيديها، وفي الأردن عملت أجهزة الدولة تخطيطا وتنفيذا ما يمكن أن يقي من أخطار الوباء فلهم الشكر و الثناء، ففي الابتلاءات تظهر الرجال وتشمخ المواقف.
وهذه إربد العروس التي لفها الفرح قد عُزلت كما يُعزَل القلب عن الجسد، وكان ابتلاؤها في عرس قد جمعَ أهلَه في فضاء الود على الخير وصلة الرحم ولم يكن تجمعا لممارسة الفاحشة وأشباهها.
يعلم الأردنيون أن إربد تاريخ أبيض مصفّى، وما تلك النكات التي تتضوع بينهم إلا تعبيرا عن دعابات نقية تشبه ما يشاع من نكات على غيرهم من إخوتهم في مناطق أردنية أخرى.
فإربد هي العروس التي ما زالت بكل زينتها تفوح كرامة ونبلا وشرفا، وهي الربيع الذي امتشق خضرة قلوبنا وأنداها بشذى الزهر وفوح الزعتر، هي أربيلا التي كانت تمد روما بالقمح والحياة، هي الخرزات السبع التي تطوق عنق الوطن، هي اليرموك التي فتحت الشام ومصر والأندلس، وهي الأقحوانة التي بقيت مزهرة أيام الحروب الصليبية، هي التل الذي ترى في ظلال عينيه سهول حوران وطبرية والجولان وأم قيس وجراسيا وقلعة عجلون والأردن كله ، هي عرار شاعر الأردن ووصفي شهيدها وحبيبها وهي كايد مفلح العبيدات أول شهيد أردني يخضب أرض فلسطين بدمه، وعبدِالله التل المفكر والقائد المناضل ومقاوم الأفعى اليهودية، إربد بسهولها كانت مخزنا تمد الرومان بالزاد وما زالت تمد الوطن بالرجال الذين يتزينون بوشمها المعتق من سنابل سهولها وتكبيرات مسجدها الكبير وحجارة سورها القديم.
إربد العروس التي تجددُ زينتَها الإربدياتُ بحنائهن المخَمّر ببقايا عجين اللزاقيات، وتراويدهن المشبّعة بليالي السمر ودبكة رمثاوية خالصة يلوّح شبابها بالفرح ، هي وجعنا في هذه الأيام وقبلة الدعاء ليرفع الله عنا وعنها الوباء؛ لتعود قناديل مقمرة ونبضا لأرواح محبيها .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى