سواليف – اتفق خبراء اقتصاديون على أن الإجراءات التي ستقدم عليها الحكومة لتأمين إيرادات إضافية ضمن الموازنة ستحدث حالة انكماش اقتصادي يؤدي إلى تراجع معظم المؤشرات الاقتصادية، ومنها البطالة والتشغيل.
وفرضت الحكومة ضريبة مقطوعة على كل ليتر بنزين 90 مقدارها 3 قروش، و7 قروش على كل لتر بنزين 95، كما تعتزم توحيد نسب الضريبة العامة على المبيعات لتبلغ 16 %، باستثناء المواد الغذائية الأساسية والأدوية ومدخلات الانتاج مستلزمات الأطفال، فيما يتم التباحث حاليا بشأن فرض ضرائب على قطاع الاتصالات.
وقال الخبير الاقتصادي ورئيس جمعية المحاسبين الاسبق، محمد البشير، إن سلسلة الإجراءات الحكومية المزمع تنفيذها ستؤدي إلى تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، كما سترفع من كلف الانتاج، الأمر الذي سيرفع، بدوره، من أسعار السلع والخدمات وتعطيل العديد من خطوط الانتاج، وبالتالي تسريح الأيدي العاملة.
وبين البشير أن هذا الأمر سيلحق بمعظم القطاعات أثرا سلبيا، لأنها مترابطة ومتداخلة وأي دينار يزيد على كلف هذه القطاعات سيرفع من اعباء فواتيرها، ما سيؤثر على نسب البطالة، التي رأى البشير أنها أعلى بكثير من النسب الرسمية المعلنة لتتجاوز 25 %.
وبحسب دائرة الاحصاءات العامة، قفز معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام الماضي لأعلى مستوى في 11 عاما، حيث بلغ 15.8 %، وهو أعلى مستوى منذ العام 2005 حين بلغ آنذاك 16.6 %.
وبلغ معدل البطالة للذكور 13.8 % مقابل 25.2 % للإناث للفترة نفسها وبأخذ الجنس بالاعتبار، وارتفع معدل البطالة للذكور بمقدار 2.7 نقطة مئوية وارتفع للإناث بمقدار 0.1 نقطة مئوية خلال الربع الثالث من 2016 مقارنة بالربع الثالث من العام 2015.
وبينت النتائج أن معدل البطالة كان مرتفعاً بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلين ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل للمؤهل العلمي نفسه)؛ حيث بلغ 22.4 % مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى. وأشارت إلى أن 55.8 % من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 44.2 % من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوية.
واضاف أنه علاوة على ذلك، سيؤثر هذا الانكماش على مقدرة الاقتصاد على إيجاد فرص عمل جديدة في وقت يدخل فيه كل عام أعداد جديدة من الخريجين إلى سوق العمل من مختلف المستويات التعليمية، دون نسيان ما يحدث في دول الخليج من إجراءات تقشفية وتقليص للنفقات، يحتمل أن يؤدي إلى الاستمرار في الاستغناء عن العمالة، ومنها العمالة الأردنية، التي ستعود طالبة للعمل في المملكة، كما أن توصيات اللجنة المالية تضمنت تخفيض في النفقات الرأسمالية التي تشمل ايجاد فرص عمل جديدة.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن الإجراءات التي تتحدث عنها الحكومة ستزيد من الضرائب والرسوم على الفعاليات الاقتصادية ما سيدفعها إلى تقليل انتاجها وهيكلة العاملين لديها والاستغناء عن العديد منهم ما سيزيد من نسب البطالة في وقت سيتراجع فيه انفاق واستهلاك المواطنين.
ورأى انه من الصعب التنبؤ بالصورة الحقيقية لما ستؤول إليه الاوضاع في وقت يضاف فيه انعكاس ما يحدث في دول الخليج على واقع الحال الاقتصادي للمملكة من تراجع للحوالات وإخلاء العديد من الوظائف، كذلك فإن سوق العمل تشهد مزاحمة من قبل العمالة السورية، خصوصا في ظل التوصيات الدولية بتشغيل أعدادا معينة من هذه العمالة.
واعتبر عايش أن المشهد العام يوحي بأن الحكومة ضحت بكل هذه الجوانب لصالح زيادة ايراداتها لمواجهة اعباء المديونية، بالرغم من كل محاولات اللجنة المالية التي تعتبر “تمرينا” أكثر منها محاولات.
وقال عايش إن من الحلول التي باتت متاحة لمواجهة ذلك كله الاستفادة الجدية من الاتفاق الجديد مع الاتحاد الأوروبي بخصوص قواعد المنشأ، لاسيما مع قرب مرور عام على هذه الاتفاقية بهدف زيادة الصادرات إلى هذه الدول على أمل ايجاد فرص عمل جديدة وضبط للبطالة
وكانت الاحصاءات العامة أعلنت نتائج مسح فرص العمل المستحدثة السنوي 2015، والذي أشار إلى أن صافي الفرص بلغ نحو 48.1 ألف فرصة عمل؛ إذ بلغ عدد الوظائف الجديدة حوالي 77 ألف وظيفة، فيما كان عدد الوظائف المفقودة حوالي 29 ألف وظيفة.
وكان المسح كشف تراجعا في عدد الفرص المستحدثة خلال الـ 2015 مقارنة بالعام الذي سبقه 2014؛ حيث أشار إلى تراجع هذا العدد بحوالي 5.2 ألف فرصة عمل، حيث بلغ في 2014 نحو 53.3 ألف فرصة عمل تم استحداثها مقارنة بـ48.1 ألف فرصة عمل.
واتفق الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، مع سابقيه حول أثر هذه الإجراءات على أسعار السلع والقدرة على الانفاقية والتأثير على النمو، مبينا أن أسعار عدد كبير من هذه السلع بدأ بالارتفاع فعلا.
وبين مرجي أن الضرائب والرسوم تفرض عادة في حال الانتعاش الاقتصادي، غير أنه في واقع حالنا تضيف ضغوطا على الاقتصاد وتؤدي إلى تراجع في نسب النمو ما سيكون له أثر عكسي على إيرادات الدولة.
وقال إن ذلك سيمنع العديد من الصناعات والأعمال القائمة من التوسع، نتيجة للكلف التي تتحملها، وبالتالي تراجع قدرتها على ايجاد فرص عمل جديدة.
وجدد مرجي الاشارة إلى أثر التزام الأردن بتوفير 200 الف فرصة عمل لسوريين، مبينا أن هذه الوظائف ستكون على حساب فرص الأردنيين.
الغد