أ.د حسين محادين لسواليف .. الغضب الشعبي ولّد شعارات وهتافات غير تقليدية

سواليف – خاص – فادية مقدادي
لوحظ عبر منصات التواصل الاجتماعي والمظاهرات التي خرجت مؤخرا في لبنان والعراق ومصر والسودان تغير لغة الخطاب الشعبي والهتافات ضد المسؤولين والفاسدين ، حيث ظهرت الشتائم بشكل واضح ومباشر مع مؤشرات واضحة لغياب الخوف لدى المتظاهرين ، رغم القوانين التي وضعت للحد من اغتيال الشخصيات .
كما لوحظ أن محاولات بعض المسؤولين للتبرير والدفاع باتت لا تجدي نفعا مع الشعوب ، وصارت الردود الغاضبة على تصريحات المسؤولين تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي ، في حالة تطور نوعي وكمي للحراك الشعبي العربي للمطالبة بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين .
الردود الشعبية ظهرت عبر هتافات جديدة لم يتم استخدامها من قبل إضافة الى بعض الإشارات الجسدية غير المسبوقة ، مما اعتبرها المراقبون مزيدا من التحدي والإصرار على المطالب .
حتى أن خروج المسؤول للتبرير ومحاولة امتصاص الغضب الشعبي ، أو الالتفاف على مطالب الإصلاح والتغيير التي خرج الشعب من أجلها ، صارت هذه المحاولات تبوء بفشل ذريع ويقابلها هجوم أكثر حدة وشراسة ورفضا ، ولم تستثنِ هذه الهتافات والردود الغاضبة أحدا من المسؤولين حتى أولئك الذين هم في هرم السلطة .

حول هذا التطور النوعي المجتمعي لدى الشعوب العربية الرافضة لسياسات مسؤوليها ، توجهنا في سواليف بسؤال الى الأستاذ الدكتور حسين محادين ، عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة ، وطلبنا أن يجيبنا حول أسباب هذا التحول الشعبي . وما هي رؤيته المستقبلية وهل يمكن ان تتطور لغة الردود الشعبية الى ما هو اكبر واعمق واكثر حدة ؟
قال الأستاذ الدكتور محادين في إجابته :
ان العقل الجمعي عموما؛ والمقصود به هنا “الجماهير من مختلف الشرائح المشاركة في الاعتصامات والمسيرات” لا يصل هذا العقل السلوكي في الشارع الى ذروة تماسكه الا اذا تجرأ غضباً على كل المؤسسات والاحزاب والجمعيات القائمة والتي اصبحت بنظر الشعوب جزء من الخراب ، واحتجاجا من قبل الجماهير على السياسين المتنفذين، والاعلاميين الحكوميين المُنتفض عليهم وعلى قراراتهم.
و أضاف الدكتور محادين ، أن التفاعل بين هذه الجموع المحتجة تحتاج الى وسائل غير تقليدية او حتى دبلوماسية ، فإن الجذر “الغريزي/الجنسي” ويقصد بها الهتافات غير السبوقة التي ظهرت في احتجاجات اللبنانيين ، كان تعبيرا مضادا للوضع المرفوض.دون ان ننسى بأن هذه الجموع المتحركة تغدو اقرب الى السلوك الجمعي/ الكتلي وليس الجماعي المنظم كما كانت قبل تحركها الميداني، ولعل من اميز خصاىص هذا السلوك الكلي الذي ينطلق عادة وفقا لعناوين محددة ابتدأ كارتفاع الاسعار، غياب التشاركية، الفساد..الخ .
الا انه سرعان ما تستدعي هذه الجموع ومن عقلها الباطن عناوين متوالدة وفقا لطبيعة وسعة حركتها زمانا ومكان، مثل التعابير البذيئة غير المُعتاد عليها علانية، او استخدامه لحركات ورسومات سوقية الايحاء أخرى اثناء الاحاديث الاعلامية لاسيما المصورة منها وكل هذا وغيره من السلوكيات الجريئة امعانا من قِبل الجماهير المُنتفضِة بالضد من الحكومات القائمة وسياساتها التاريخية غالبا، وفي احايين اخرى ربما تكون التعابير او الشعارات غيبية او صعبة التحقيق ومع هذا نجدها حاضرة في ثنايا الخطاب المعلن جهارا من قبل هذا الجمهور .
ولا ننسى ايضا ان مثل هذه التعابير او الشعارات والفيديوهات الصادمة لما هو سائد اصبحت مُتبناة او يتماهى اخرون معها في مجتمعات اخرى لتفردها او لنجاحها كشعارات في التعبير عن مواجع الاخرين في مجتمعات تتوق الى ان تقتدي بالجموع المتظاهرة في هذا البلد او ذاك خصوصا وان التكنولوجيا وثقافة صورة اللحظة قد جعلتا امكانية التقليد والمحاكاة واردة وبقوة بين الفقراء والموجوعين والمقموعين وهم الكثرة ، مقابل المستأثرين القلة والاكثر سلطة واموالا …وكلنا يتذكر بعض شعارات الربيع العربي المتوالد قيصريا للآن من قبل الجماهير المحتجة والشعارات الاكثر حضورا في الوجدان الشعبي العربي مثل”الشعب يريد اسقاط النظام..هرمنا..نجوع او نشبع معا…الخ”.
اخيرا ان ابرز صفات الجمهور الكتلي المنتفض انه عادة ما يُفرز قيادات جديدة له وخارج التوقع الامر الذي يقود الى جعل حركة الجماهير مفتوحة على بوابة احتمالات بين السلمية او الصدامية والاهم يصعب التنبوء العلمي بمآلاتها عموما ووفقا لخصوصية كل مجتمع يتململ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى