أين تذهب مليارات المساعدات والقروض الممنوحة للأردن؟

#سواليف

تعتمد #موازنة الدولة الأردنية بشكل رئيسي على #المساعدات و #المنح_والقروض الميسرة في تغطية نفقاتها الرأسمالية وسداد فوائد #الدين_العام.

وتظهر بيانات وزار التخطيط الأردنية أن حجم #المساعدات المُلتزَم بها للأردن من منح وقروض ميسرة خلال العام الماضي وحده 4 مليارات دولار.

نهج يعتبره معارضوه يدخل في سياسة الدولة “الريعية”، ففي ورقة موقف له تحت عنوان “أزمة عميقة الجذور” يرى الوزير الأسبق مروان المعشر “سبب #الأوضاع_الاقتصادية الحالية بأنها نتيجة تراكمية حتمية لنهج اقتصادي وسياسي اعتمد الريعية والمساعدات الخارجية وأغفل بناء نظام اقتصادي قوامه الكفاءة والإنتاجية والموارد الذاتية”.

وتسببت هذه السياسة المالية الرسمية، المتمثلة بالاعتماد على المنح في #الإنفاق على قطاعات حيوية ثم تراجع هذه المنح؛ بتواضع جودة الخدمات العامة المقدمة للأردنيين مثل التعليم والصحة والنقل بعد انخفاض الإنفاق الرأسمالي لصالح النفقات الجارية.

فبحسب الباحث الاجتماعي والاقتصادي ليث العجلوني فإن “مؤشرات الصحة العامة في الأردن تدل على تراجع الوضع الصحي للأردنيين إذ يعاني نحو 51% من الأردنيين فوق سن الخمسين من مرض السكري، كما يعاني ثلث أطفال الأردن من فقر الدم، بالاضافة إلى معاناة 43% من النساء ضمن الفئة العمرية 15- 49 من فقر الدم”.

وقال “إن 52% من الطلاب في سن الـ10 سنوات في الأردن يعانون من فقر التعلم أي أن “52% من الأطفال في سن العاشرة لا يمكنهم قراءة واستيعاب نص بسيط في مرحلة الابتدائية، وهذه النسبة أعلى من متوسط فقر التعلم في المنطقة (48%)”.

ولفت إلى أن “الاعتمادية الكبيرة للدولة الأردنية على المساعدات الخارجية أدى بدوره إلى عدم قدرة الدولة على استدامة الموارد اللازمة للإنفاق، وبالتالي الحاجة إلى برامج إصلاح مالي تقشفي تقتضي إزالة الدعم عن بعض السلع والخدمات العامة ورفع الضرائب”.

تحليل الموازنة

أرقام #الموازنة الأردنية قدرت المنح الخارجية بنحو 802 مليون دينار في عام 2023 مقابل 796 مليون دينار لعام 2022.

بينما قدرت الإيرادات العامة في موازنة عام 2023 بمبلغ 9569 مليون دينار لتسجل ارتفاعاً بنحو 835 مليون دينار أو ما نسبته 9.6 بالمائة عن مستواها لعام 2022.

وتحتل المساعدات الأمريكية الحصة الأكبر من نصيب المنح التي تقدمها دول غربية للمملكة منذ تأسيسها.

هذا التقرير محاولة لتحليل بيانات الموازنة الأردنية، وتقارير المساعدات الخارجية التي تنشرها وزارة التخطيط حول حجم هذه المساعدات والشفافية في إنفاقها.

المساعدات الأمريكية

بحسب موقع السفارة الأمريكية في عمان تقدم الولايات المتحدة منذ 70 عاما مساعدات مالية للأردن لضمان ما أسمته “ازدهار واستقرار جميع الأردنيين”، وقدمت أمريكا منذ عام 1951، أكثر من 20 مليار دولار أمريكي.

ومؤخرا جددت الولايات المتحدة الأمريكية، مذكرة التفاهم الرابعة، ومددتها إلى سبع سنوات، وزادت المساعدات من 1.275 مليار دولار إلى 1.450 مليار دولار.

وبحسب البيانات فقد قُسمت المساعدات بين قطاعات مختلفة منها دعم مباشر إلى الخزينة. ففي مجال الأمن، قدمت الولايات المتحدة للأردن 12 مروحية من طراز بلاك هوك، ومنذ عام 1987، درَب برنامج أمريكا لمكافحة الإرهاب، أكثر من 7,150 شرطيا أردنيا.

ودعمت الولايات المتحدة الأردن بـ 3.75 مليار دولار أمريكي كضمان للقروض التي ستوفر على الأردن أكثر من 600 مليون دولار أمريكي من سعر الفوائد على مدى الخمس سنوات القادمة.

وبحسب مركز أبحاث الكونغرس يذهب الجزء الأكبر من هذه المساعدات، نحو 1.2 مليار دولار، كمساعدات اقتصادية، والمبلغ المتبقي كمساعدات عسكرية.

رغم المساعدات.. بطالة وفقر

الباحث الاجتماعي والاقتصادي ليث العجلوني يرى أنه على الرغم من المبالغ الهائلة للمساعدات الخارجية التي تلقاها الأردن، فإن “البلاد تعاني من معدل بطالة إجمالي يبلغ 22.6 بالمئة، ويشكل الدين العام حوالي 110 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وحوالي 27 بالمئة من السكان يعيشون في فقر”.

وأضاف ، أنه “علاوة على ذلك، تظهر بيانات استطلاعات الرأي مستوى كبيرا من عدم الرضا بين الأردنيين، حيث يعتقد 70 بالمئة أن بلدهم يحكم لصالح قلة قليلة”.

الموازنة الأردنية تضمنت نحو 1157 مليون دينار مخصصات لوزارة الصحة بارتفاع مقداره 95 مليون دينار أو ما نسبته 9 بالمائة عن عام 2022، كما شهدت زيادة مخصصات التعليم في عام 2023 بنحو 8.1 بالمئة لتبلغ نحو 1363 مليونا بارتفاع مقداره نحو 111 مليون دينار على عام 2022.

وبحسب أرقام وزارة التخطيط فقد استحوذ قطاع الحماية الاجتماعية على المرتبة الأولى من هذه المساعدات وشكل ما نسبته 45.7 بالمئة، تلاه قطاع التنمية الاقتصادية بنسبة 32.7 بالمئة، وقطاع التشغيل والتوظيف بـ8.7 بالمئة، وقطاع البنية التحتية بـ7.6 بالمئة، والزراعة والأمن الغذائي بنسبة 2.5 بالمئة، فيما توزعت باقي النسب على القطاعات الأخرى.

منسق حملة “ذبحتونا” للدفاع عن حقوق الطلبة، فاخر دعاس، بين أن “هنالك تراجعا في مخصصات وموازنات التعليم والصحة، مثال على ذلك العودة إلى المدارس المستأجرة ونظام الفترتين، واستخدام معلمين على نظام الإضافي، هذا ناتج عن تراجع حجم الإنفاق على التعليم ما أثر على جودة الخدمة”.

ويتابع: “رغم زيادة أعداد الطلبة في الجامعات إلا أن الحكومة تقلص الدعم الحكومي للجامعات وتعطي الضوء الأخضر للجامعات لرفع الرسوم لتعويض التخفيض في الإنفاق”.

أما بخصوص القطاع الصحي فيؤكد الطبيب أحمد الشناق، أمين عام الحزب الوطني الدستوري أن موازنات وزارة الصحة، تراجعت خلال السنوات السبع الماضية رغم ارتفاع أعداد السكان في المملكة أكثر من 25%.

مساعدات وضرائب

مؤلف كتاب “الأزمة المالية والاقتصادية في الأردن”، يقول: “المتمعن في موازنات الدولة عبر خمسة عقود مضت يفضي إلى أنها تعتمد بشكل أساسي على الضرائب غير المباشرة، إضافة إلى الضرائب المباشرة والمساعدات والقروض.

وبحسب الكتوت فإن “الاعتماد على المساعدات في تغطية الإنفاق الحكومي تعبير عن عدم استثمار موارد البلاد، فالمساعدات الأجنبية أحد عناوين التبعية السياسية والاقتصادية، وهي متذبذبة، وكان يفترض توجيهها نحو الاستثمار بمشاريع تنموية تسهم في بناء اقتصاد وطني وعلى الذات، وليس استنزافها بالنفقات الجارية”.

وأضاف: “بدلا من التكيف مع المستجدات واصل النهج سياسة التوسع في الإنفاق الممول بالقروض، إلى أن أُغرقت البلاد بالمديونية مع تراجع الدعم على المواد الأساسية والخدمات الصحية والتعليمية، ومع ذلك فإنها لم تتحقق الأهداف المعلنة للسياسات الاقتصادية، بتخفيض عجز الموازنة والحد من تنامي المديونية”.

ويرى أن “الاقتصاد الأردني بات أكثر تشوها، فمن جهة هو يجمع بين النموذج الريعي من حيث التوظيف والمكارم، ومن جهة أخرى يعتمد على المنح والقروض في توفير ثلث نفقات الدولة وتحويلات المغتربين الأردنيين في الخارج لتغطية جزء من عجز فاتورة الاستيراد”.

مساعدات بريطانية.. وأخرى

ولا يقتصر الأمر على المساعدات الأمريكية، اذ يتلقى الأردن أيضا حزمة من بريطانيا بقيمة 650 مليون جنيه إسترليني على مدى 5 سنوات، كما أعلنت أن بريطانيا تتعهد بضمان قرض على الأردن للبنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار. 

في وقت بلغت فيه قيمة المساعدات الألمانية للأردن 413.9 مليون يورو قيمة المساعدات للعامين 2022-2023، بينما بلغ حجم المساعدات التنموية التي قدمتها اليابان للأردن منذ 1974 ولنهاية 2022 نحو 4 مليارات دولار على شكل قروض ومنح وتعاون فني في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية.

وأظهرت بيانات منصة المساعدات السعودية التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية قيمة المساعدات الإنسانية المقدمة للمملكة منذ عام 1978.

وأشارت البيانات إلى أنّ قيمة المبلغ الإجمالي للمساعدات المقدمة بلغت 174,735,500، وزعت على 76 مشروعاً:

أين تذهب هذه المنح؟

هذا الكم الكبير من المساعدات التي تلقاها الاقتصاد الأردني، يطرح سؤالا طالما حمله محتجون أردنيون في اعتصاماتهم “أين تذهب هذه المنح؟، كان آخرهم النائب محمد الفايز الذي فصله مجلس النواب الأربعاء الماضي.

الفايز كان قد وجه رسالة لولي عهد السعودية محمد بن سلمان ناشده فيها عدم إرسال مساعدات للأردن، كي لا تصل “جيوب الفساد والفاسدين”.

قال الفايز في رسالة منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى ابن سلمان عبر سفير الرياض لدى الأردن قال فيها: “لا نريد مساعدات ولا نريد هبات فبلدنا مليء بالخيرات، أردننا عزيز على قلوبنا تأبى كرامتنا أن يقال عنا شعب الشحاذين”.

بدوره يرى النائب محمد أبو صعيليك أن “سؤال أين تذهب المنح لُغز لم تستطع كل اللجان النيابية في المجالس النيابية السابقة التوصل الى جواب إلى أين تذهب المنح التي لا يدخل البعض منها إلى ميزانية الدولة، كون بعض المشاريع المرتبطة بهذه المنح تقوم الجهات المانحة بتنفيذها بشكل مباشر”.

وحول فصل النائب محمد الفايز والاتهامات التي أطلقها، قال أبو صعيليك ، “النائب محمد محمد أخطأ من جهة وكذلك مجلس النواب أخطأ من جهة أخرى، فقد تجاوز النائب العرف بمخاطبة رؤساء الدول كان يجب أن يكون ذلك من خلال القنوات الرسمية”.

“أما بخصوص مجلس النواب فقد أخطأ عندما أقر عقابا لا يستوجب ما فعله الفايز، وللنائب دور رقابي يستطيع النائب توجيه سؤال للحكومة حول المنح وسٌبل إنفاقها، لكن الكثير من الأسئلة لا يتم الاجابة عليها هناك مماطلة من الحكومة دائما، ما فعله الفايز من حق النائب ان يراقب ويحاسب”. كما قال.

القروض تفوق المنح

وبلغت موازنة الدولة الأردنية لعام 2023 الأردني 16 مليار دولار بعجز وصل بعد المنح والمساعدات الى 2.625 مليار دولار.

الخبير الاقتصادي محمد البشير يؤكد ، أن “القروض المترتبة سنويا على المملكة ترجح كفتها مقابل المنح والمساعدات؛ بسبب العجز المتزايد في الموازنة، وهذا انعكس على بند النفقات الجارية وخدمات الدين التي قاربت 1.7 مليار دينار بعد أن كانت 250 مليون دينار قبل 20 سنة”.

وحول سُبل الأنفاق لهذه القروض، قال إنها “تذهب لسد العجوزات في الموازنة، وتذهب اقساطا لسداد فوائد الديون”.

يعتقد البشير أن الأردن دخل في حلقة مفرغة من الاقتراض لسداد قروض قديمة ومن ثم الاقتراض من جديد لسد القروض الجديدة، ويرى أنه “لا يوجد معالجة للخلل في هيكلة الاقتصاد الأردني بعد أن فقد مدخلاتها من المؤسسات التي خصصتها مما دفع الحكومات لوضع تشريعات لتحصيل الضرائب من المواطنين وحرمت الاقتصاد من النمو”.

وحول المنح والمساعدات قال إن “جزءا من المنحة الأمريكية يذهب للقوات المسلحة، وجزءا يدخل الموازنة، هنالك دول أخرى تقدم تصل إلى وزارة التخطيط مثل ملف المساعدات للجوء السوري هذا لا يدخل في الموازنة، كان هناك مطالبات شعبية أن تدخل جميع المساعدات الموازنة وهنا تكمن مسألة غياب المحاسبة”.

الحكومة: المساعدات خاضعة للرقابة

وكانت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية زينة طوقان شددت خلال اجتماع مع اللجنة المالية في مجلس النواب، الأسبوع الماضي على أن “جميع المساعدات والمنح تصرف برقابة الجهات المختصة، وبتدقيق ومتابعة من الجهات المانحة”.

وأضافت أن “الوزارة أعدت تقريرها الخاص بالمساعدات الخارجية الملتزم بها للأردن لعام 2022، وسيكون جاهزا خلال الأسبوع المقبل وسينشر على الموقع الإلكتروني للوزارة”. حسب الوزيرة.

وقالت طوقان: “المساعدات بشكل عام لها تعريفات تندرج تحت المنح، منها لدعم الموازنة العامة ومنح لدعم مشاريع وبرامج تنموية، إضافة إلى قروض ميسرة وهي بشروط تمويلية ميسرة جدا وليست شروط تجارية بفائدة تتراوح بالعادة من 2-4 بالمئة بفترات سداد تمتد لـ 30-35 سنة حسب الجهة المقرضة”.

المصدر
عربي 21
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى