سواليف
شهدت السينما المصرية طفرةً ملحوظةً في تسعينات القرن الماضي على يد عدد من النجوم، إلا أن تلك الأسماء التي كانت كفيلة باستقطاب المشاهدين اختفت عن شاشات السينما وتضاءل إنتاجها، بل اقتصر على الظهور التلفزيوني بين الفينة والأخرى.
من محمد هنيدي إلى محمد سعد وهاني رمزي وطلعت زكريا وأشرف عبدالباقي وأحمد آدم، أبطال من الصف الأول تعبوا ليصلوا إلى نجوميتهم، ثم ما لبثوا أن اختفوا عن الساحة.
فقبل نحو 10 سنوات كانوا يتحسّسون خطاهم الأولى في البطولة المطلقة ونجومية الشباك ومزاحمة أساطير السينما المصرية في الثمانينات والبدء في تبوؤ بعض المراكز الأولى في تلك الحرب الضروس التي لا تهدأ ولا تكل من جيل لجيل، منذ بزوغ فجر السينما المصرية في العام 1926.
لكنك حين تلتفت اليوم كمتابع شغوف للسينما، أو كمتخصص بهذ المجالا، لن تجد لهم نفس الأثر والزخم، فما الذي حدث؟
الصعود إلى القمة
إذا تتبعنا خط نجومية هذا الجيل لبداياته لوجدنا أنها بدأت وتطورت بشكل منظم من مشاهد صغيرة، إلى أدوار أكبر نسبياً في أفلام الكبار، كما كانت مشاهد هنيدي في “الهروب” مع أحمد زكي في العام 1991، أو محمد سعد في “الناظر” عام 2000 أو غيرهما.
ثم حدث التحول الأضخم في النصف الثاني من التسعينات بعد اكتساح فيلم “إسماعيلية رايح جاي” للإيرادات وسيطرته بشكل غير مسبوق وبلا منافس على شباك التذاكر في العام 1997، واستمراره فترات قياسية بدور العرض في مواجهة أفلام الكبار مثل نادية الجندي ونبيلة عبيد وعادل إمام.
بدأ هؤلاء الشباب بعدها باتخاذ مواقعهم كأبطال مطلقين تكتب الأفلام لأجلهم، واستمر النجاح حوالي 10 سنوات كان فيها نجوم السينما الأوائل هم “الكوميديانات”، وكانت أكثر الإنتاجات غزارة وطلباً في سوق العرض هي الأفلام الكوميدية.
10 سنوات، تقريباً من عام 1999 إلى 2009، جعلت من محمد هنيدي ومحمد سعد أبرز الأسماء على قمة الهرم السينمائي في مصر بمعدل فيلم سنوياً لكل منهما.
هل السبب العمر؟
لكن ما حدث في السنوات الأخيرة كان غريباً وغير متوقع، فلا يمكن الجزم بأن عامل السن هو السبب وراء أفول نجمهم؛ وذلك لأن معظمهم لم يتجاوز الأربعينات بعد، وبالتالي فهم ليسوا كهولاً لم تعد لديهم الطاقة أو الإطلالة المناسبة لنجومية الشباك.
كما أن هناك أمثلة في السينما المصرية مثل فريد شوقي وعادل إمام ونادية الجندي، حافظوا على مجدهم ومكانتهم وتصدرهم للقمة لمدة زادت على العقدين وقاربت الـ 30 عاماً، في حالة عادل إمام مثلاً.
في المقابل، لجأ العديد منهم إلى تقديم البرامج التلفزيونية أو المسلسلات الرمضانية كما حدث مع محمد سعد وهاني رمزي وأشرف عبدالباقي وأحمد آدم، الذين قدموا عدة تجارب في هذا الصدد. بينما اكتفى بعضهم بفيلم واحد كل مدة، كما في حالة هنيدي.
3 أسباب رئيسية
قد لا يكون حل هذه الأحجية واحداً أو قاطعاً يسري على كل الأسماء سالفة الذكر، لكن هناك خطوطاً عريضة شهدها قطاع صناعة السينما مؤخراً يفسر هذا التراجع.
قد يكون السبب الأول مفاجئاً للبعض وهو التغيير الذي طرأ على شريحة كبيرة من جمهور السينما المصرية أنفسهم، فانفتاح المشاهد المصري على قطاع كبير من الأفلام العالمية وبخاصة أفلام هوليوود، كان عاملاً هاماً لرفض جمهور المصريين الشكل البدائي – أو غير المتطور – من السينما التي يقدمها هؤلاء النجوم.
فمعظم أفلام الكوميديا المصرية لنجوم التسعينات وبدايات الألفية قصص مكررة ذات إيقاع معروف وأبطال محددين وحبكات هشة.
والسبب الآخر بالطبع هو هجوم الأفلام التي تلقّب بالشبابية، والتي تحمل فكراً جديداً لم يستطع أن يجاريه نجوم جيل الوسط، كفيلم “الجيل الرابع” من بطولة مجموعة من الشباب حديثي السن على رأسهم المثل الشاب أحمد مالك.
والسبب الثالث إقبال المنتجين على إنتاج أفلام أقل تكلفة لنجوم جُدد يتقاضون ربع ما يطلبه هؤلاء النجوم، إذ يعتبر بعضهم أن تخفيض أجرهم إهانة لتاريخهم ونجاحهم.
وبغض النظر عن الأسباب التي دفعتهم للابتعاد عن السينما والاتجاه إلى التقديم التلفزيوني، تتمنى الكثير من الجماهير عودة الوجوه القديمة إلى الساحة الفنية التي أثبت نجاحهم من خلالها، على عكس أدائهم الباهت على الشاشة الصغيرة.