بسم الله الرحمن الرحيم
أين أنا ؟
أقام الله سبحانه وتعالى هذا الخلق بين الأمر والنهي والعطاء والمنع فافترقوا فريقين.
الفريق الأول قالوا :إنما نحن عبيدك، فإن امرتنا سارعنا إلى الاجابه وان نهيتنا امسكنا انفسنا وكففناها عما نهيتنا عنه، وان اعطيتنا حمدناك وشكرناك وان منعتنا تضرعنا إليك وذكرناك.
فليس بين هؤلاء وبين الجنه إلا ستر #الحيا_ الدنيا اذا مزقه عليهم #الموت صاروا إلى النعيم المقيم.
اما الفريق الثاني فقد قابلوا امر الله سبحانه وتعالى بالترك ونهيه بالارتكاب فهؤلاء اعداؤه وليس بينهم وبين #النار إلا ستر الحياة الدنيا فإذا مزقه الموت صاروا إلى الحسرة والألم في جهنم.
فإذا تصادمت جيوش الدنيا والاخره في قلبك واردت ان تعلم من اي الفريقين انت فانظر مع من تميل ومع من تقف منهما ومع من تقاتل؟ إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين، فأنت مع أحدهما لا محاله، فالفريق الأول صحبوا الدنيا بابدانهم وصحبوا الملأ الاعلى بارواحهم وفرّغوا قلوبهم للفكر فيما خلقوا له وجوارحهم للعمل بما امروا به واوقاتهم لعمارتها بما يعمر منازلهم في الاخره، واستظهروا على سرعة الاجل بالمبادره بالأعمال الصالحه وسكنوا الدنيا وقلوبهم مسافره عنها واستوطنوا الاخره قبل انتقالهم إليها واهتموا بالله وطاعته على قدر حاجتهم اليه وتزودوا للاخره على قدر مقامهم فيها، فجعل لهم سبحانه وتعالى من نعيم الجنه وروحها ان آنسهم بنفسه واقبل بقلوبهم اليه وجمعها على محبته وشوّقهم إلى لقائه ونّعمهم بقربه.. فهل انت مع هذا الفريق ام مع الفريق الثاني.؟
بتصرف عن كتاب “الفوائد” لابن قيم الجوزيه.