
#أيتام_الطلاق
في مقالي هذا سأتحدث عن الحلقة الأضعف في الطلاق، وهم الأطفال الذين يُستخدمون في كثير من الأحيان من قِبل الأمهات والآباء على حدٍّ سواء كأداة وسلاح لتصفية الحسابات الشخصية والانتقام من بعضهم البعض.
فالأم تحرم الأب من رؤية أطفاله لتؤلمه، والأب يمتنع عن دفع النفقة. والأسوأ من ذلك هو قيام الطرفين بتشويه سمعة بعضهما أمام الأطفال. وأحيانًا يتحول هذا الطفل المسكين، الذي لا حول له ولا قوة، إلى حكم بين والديه، أو يُطلب منه أن يختار بينهما وهو ما زال يعيش طفولته ولا يفهم تمامًا ما يحدث حوله، يضربون أعماق نفسية الطفل حين يُطلب منه أن يكون وفيًّا لطرفٍ دون الآخر.
الطلاق حلٌّ مشروع عندما يصعب الاتفاق بين الطرفين ويستحيل الانسجام والعشرة بينهما، لكنه في الذهنية السائدة اليوم أصبح مأساة حقيقية يعيشها الطفل في حربٍ هو الخاسر الوحيد فيها.
ورغم تأكيدي على ضرورة تشديد الرقابة القانونية على تنفيذ أحكام الرؤية، وإنشاء جهات مختصة لمنع الطرف الحاضن من حرمان الطرف الآخر من رؤية أطفاله، فإنني أرى أيضًا ضرورة تغليظ العقوبات على المتهربين من النفقة، ووضع آليات رقابية دقيقة للدخل والأملاك، خصوصًا في حالات الأزواج الذين يسجلون ممتلكاتهم باسم أقاربهم للتحايل على القانون.
كما أؤكد على ضرورة إلزام الطرفين بحضور ورشات تدريبية تساعدهم على الفصل بين خلافاتهم الزوجية وبين دورهم كآباء وأمهات.
ولا بد من تعزيز دور الإعلام الواعي والمهني في عرض قصص حقيقية عن الطلاق الواعي، بدلاً من تصويره ككارثة أو فضيحة أو وصمة لأحد الأطراف.
لكن العدالة الحقيقية لا تُصنع في المحاكم أو في الإعلام، بل في ضمائر الأمهات والآباء، عندما يمنحون أبناءهم حقهم في الحب غير المشروط، ويُبقونهم خارج معارك الكبار.
لقد أكد الدين الإسلامي على ضرورة ألّا يُستخدم الطفل وسيلة للإضرار بأحد الطرفين، قال تعالى:
“لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ”
حكموا ضمائركم.

