” أولويات ” / د. محمد شواقفة

” أولويات ”

راحت أم العبد تضرب كفا بكف و تولول بكلام غير مفهوم تفصيلا و لكنه يشرح مدى القهر و الاحباط الذي ألم بها بعد عودة أبو العبد من سفرته غير الطويلة. فقد ذهب ليشتري جرارا زراعيا ” تراكتور” من المدينة المجاورة و عاد بدونه و ليس معه من النقود أي بقية.
– يا مشحر و الله غير توهرفنا …. يا غبرة يا حزينة !!!…. كيف بدنا نجوز ” عبود ” …. و من وين بدنا نعيش …..
– اسمعي يا حرمة … كمان جوز كلام و الله غير اجوز عليك و ارميك عند أخوك المصدي …. ” تسمع ولولة و نحيبا من البعيد ”
– ما أنا قلت بلاش من هالتركتر … الله لا يوفقك يا أبو محمد على هالمدلة ….. لويش بدك اياه بعد ما بعت الكرم …ما هو الحيلة و الفتيلة ….
– يا مرة صلي عالنبي …. الكرم بده شغل كثير و انا انهد حيلي و بطل فيه فايده …. ( تسمع همهمة : جاي تقوللي …. ما اني عارفه البير و غطاه )…. تجاهلها …. و عبود كبر و صارله خمس سنين بالجيش و راتبه مش مكفيه دخان و مواصلات و بنت عمه صار عمرها 30 سنة و ابوها كل ما يشوفني بيجحرني …. و حموده الهامل مش فالح باشي …. بيوكل طرحة الخبز و اكتافه اعرض من الحيط …. و بلاش تذكريني بفطوم و خديجة …. اللي ما حدا سايمهن و لا ناكشهن …….
– و هسا شوه بدك تساوي يا مشحر ….
– اول اشي ادعي ربك تزبط بيعة البير الغربي …. اندفعللي فيه يعر كويس …. و وعد غير بس يوصلني التركتر غير احرث كل كروم القرية و احوالنا تزبط ….
– و كمان بدك تبيع البير …. يا ويل حالي … الله لا يوفقك يا ابو محمد على هالراي ….
– هوه انكبي و اسكتي …خلليني ارتب اولوياتي و بالحرام اذا بتقاطعيني غير ألخمك خماسي تذكري فيه أيام الحارة …
( تبكي و تنوح و لا تستطيع الالتزام بالصمت …..).
– الاولويات … نجيب التركتر ….بس ناقص علينا شوية مصاري … و انا صراحة قلت ما فيه غير ام العبد أخت الرجال و بنت الاصول …. و صار يسبل لها بعينيه و هي تنشج و تبكي …. فقال لها: جيبيللي جوز المباريم و بسرعة استطرد … و امسك بشاربه الكث و قال و من هالشارب غير يجييك بدل الثنتين اربعه ….
(ساد صمت رهيب …. و كادت ام العبد تلفظ انفاسها المتقطعة )
– و عبود – بدي اقنعه يوخذ قرض عراتبه بلكي نقدرنا نستر عليه و نضبه …. و بنخلليه يسكن معنا بالدار هو و عروسته ….
فقالت بتردد: و حمودة ؟!
– ابتسم لها لانه يعرف الجواب …من بكرة بده يروح غصبا عنه يسجل في ” خدمة وطن ” ….
ساد البيت صمت رهيب و يبدو ان الامور تبدو الى حل قريب …. و نظرت إليه بتوسل: طيب و مصاري التركتر شوه صار فيهن ….
ابتسم مرة أخرى: ما سمعت قديش ربح ابو محمد لما حط مصاريه بالبورصة ….. عليم الله غير نصير نلعب بالمصاري لعب …. بس اصبري معي و تحملليني لل 2020 !!!!
يا شحاري يا مراري … يا حسرتي ….
الله لا يوفقك لا انت ولا ….. اللي شهد على عقدنا … كان يوم اسود ….

” دبوس 2020 ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى