أنين العسكر

#أنين #العسكر
سهير جرادات

ووصلنا إلى اليوم الذي اشتد فيه #أنين #العسكر، وخرج إلى الملأ وأصبح يُتداول عبر منصات التواصل (الافتراضية ) الحديث عن وجع العسكر – بغض النظر عن رتبهم – وكسرة خاطرهم ومقدار صدمتهم من واقع الحال، الذي يتعارض مع عقيدتهم العسكرية التي تجرعوها وأمنوا بها وعملوا بحذافيرها ، ليكتشفوا ( بعد التقاعد ) أنهم ( خدعوا وغبنوا )، لأن الحياة لا تشبههم خارج أسوار العمل العسكري .
هل سمعتم أنين العسكر، عندما وجه مرؤوس #عسكري رسالة عتاب لرئيسه بأنه (كذب )عليه عندما أخبره بأن واجبه الحفاظ على الوطن الذي لن يبخل عليه بتوفير تأمين صحي ومكرمات ملكية تضمن حياة كريمة له ولابنائه ، وراتبا تقاعديا يحفظ كرامته ، ليكتشف بعد أن أمضى زهرة شبابه في الخدمة العسكرية المضنية بأنه كان يحمي مصالح (حرامية) المناصب والوظائف والفرص وكل خيرات البلد ، وكان ومن معه مجرد حراس لمصالحهم ، يوفرون الأمن لهم لينعموا به ويتفرغوا لنهب خيرات البلد لينفقونها على تعليم أبنائهم في اغلى الجامعات ، ويتلقون الرعاية الصحية في أفضل المستشفيات ، ويلبسون أغلى الماركات ، ويتمتعون برغد العيش ، فيما أبناء العسكر يقفون ساعات بانتظار دورهم للحصول على العلاج، وينتظرون أسابيع او شهورا انتظارا للحصول على موعد لمراجعة طبيب، ويتلقون دراستهم في مدارس الثقافة العسكرية او الحكومية ، وإن درسوا في الجامعات فلا يحصلون على وظائف ، ويتكدسون في المنزل أمام والدهم العاجز عن الإنفاق عليهم ، وسد رمقهم من الطعام والشراب، وتأمين أبسط اساسيات الحياة الكريمة .
هل أدركتم مقدار أنين العسكر، في جواب الرئيس العسكري لزميله المرؤوس ( العاتب ) ، الذي يؤكد أن الحال من بعضه ، يشكو فيه حاله واوضاعه بعد أن ضاقت الحياة عليهم ، واجبرته الظروف على البحث عما يحفظ كرامته وكرامة ابنائه خارج الوطن ، واعترافه بأن عملهم في الخدمة العسكرية قادهم للقهر، وأن (العقيدة العسكرية ) بحماية الأوطان مسؤوليتهم وحدهم ، بعد أن اكتشفوا أن ما قدم لهم نظير أشرف مهنة قدموها للوطن لا يقبل به أصغر( حرامي ) في الوطن، وأن نظير تعبهم وسهرهم وبعدهم عن عوائلهم لا يسد رمقهم ورمق عائلاتهم المصدومة، بأن اللقب أكبر من الدخل الذي لا يعينها من الصمود أمام العواصف الاقتصادية وتفشي البطالة .
وانقلبت الموازين ، وأصبح العسكر هم من يقومون بحراسة الحرامية وحماية مصالحهم، بدلا من القبض عليهم لينالوا العقاب، حتى بات العسكري يغبط الحرامي على رغد العيش الذي ينعم به ، ويسخط فيه الأمان الذي (وفره ) للحرامي ليتمكن من نهب البلد ومقدراتها ، متمتعا باحترام المجتمع ، وليبقى العسكري ( وحده ) يقبع في سجن الفقر والعوز والقهر !!
هل وصلتكم الرسائل التي حملها أنين العسكر ، في تلك الفيديوهات القصيرة التي يشكون فيها سوء أوضاعهم ، ومطالباتهم بالحصول على الرعاية الصحية أسوة بــ (المتكسبين ) أو ( حرامية ) الوطن؟!!.. وهل استوعبتكم أنين نشامى ونشميات الوطن ، عندما ( نهت ) زوجة شهيد طفلها عن الالتحاق بالجيش ، حتى لا يقدم روحة فداء لوطن لا يقدم لهم إلا الفتات ؟!!.. وهل سمعتم أنين العسكري وهو يوزع المؤن والحرامات على أطفال اللاجئين ، واطفاله ينامون في البرد ويتقاسمون الحرامات فيما بينهم ؟!!..
هل سمعتم أنين العسكر، بعد أن أصبح ما يميزهم كيسا يحمل فيه التسالي والمكسرات رخيصة الثمن لاهله واطفاله في اجازاته ليدخل عليهم بعد طول غياب ببضع حبات من التوفي وملبس ( حامض حلو ) والقضامة ؟!!..هل سمعتم أنين العسكر، بعد أن أصبحت ( الارزاق ) يتم اقتطاع أثمانها من رواتبهم الهزيلة ، بعد أن كانت تقدم لهم في الكتيبة والثكنات بالمجان؟!!..
هل شعرتم بمقدار أنين العسكر، عندما اكتشفوا بعد سنوات من الإخلاص المنقطع النظير بأن رواتبهم لا تعينهم على ضنك الحياة ، وادركوا أنهم يعيشون في (الفقر المطلق) ، فأصابهم الشعور بالعجز ، ووقعوا فريسة للاكتئاب والاحباط وعدم الثقة بالنفس وبالحياة.
هل وصلكم أنين ( المحاربين القدامى ) وعائلاتهم من رواتبهم التقاعدية ( التي لا تسوى ) ، ولا تتناسب مع رواتب ( نظرائهم ) الذين لم يستخدموا السلاح إلا للتدريب أو في المناورات الحية ، وأنينهم من تأمينهم الذي يوفر لهم العلاج في مباني متهالكة ، وأدوية مفقودة ، ومكرمات ملكية لم تعد ( تميز ) من خدم بالعسكرية ، بعد أن أصبحت توزع على مختلف فئات المجتمع ، ليتساوى من يخدم الوطن مع من ينهش بالوطن ، ولا يوفر مناسبة للتذمر وشتم ولعن الوطن .
ورغم كل معاناة العسكر، وضيق ذات اليد ، لم يكفروا بالوطن، الذي ظل مصدر فخرهم، ولم يورثوا الأبناء الذل وخيانة الأوطان، وانما ظلوا متمسكين بكل معاني الرجولة والشرف والانتماء لكل ذرة من تراب الوطن، فألف تحية عسكرية لأصحاب ” البيريه (الخوذة )” العسكرية ، لأنهم أمنوا بالوطن وأحبوه وفدوه وخدموه ..
وانطلاقا من الدور العظيم للعسكري ، الذي يحافظ على هيبتنا وهيبة الوطن ، علينا أن نحافظ على صورته البراقة في اذهاننا وأن لا تهتز ، ونحافظ على كرامته ، لنبقى نتغنى بالعسكري امام كل (غدَّار) ، ونردد كلمات الاغنية الأردنية الشعبية الشهيرة (تخسى يا كوبان ما انت ولف لي ، ولفي شاري الموت لابس عسكري ) .. انتهى المقال.


والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل يقرأ أو يسمع المعنيون هذا الكلام الموجع، ويجدون العلاج اللازم له، أم أن في آذانهم وقرا ، وهم في بروجهم العاجية المؤقتة ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى