أنصاف المثقفين وأرباع السياسيين / عادل الطالب

أنصاف المثقفين وأرباع السياسيين
في زماننا أصبحت الثقافة البضاعة الرائجة لتسويق شخوصنا ولم تعد المسعى للتطوير والتغيير، فمنا من جعل في ذاكرته بعض عناوين الأفكار والحقائق كمخزون للاستعراض في الجلسات والمناسبات أو في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنا من ذهب إلى ابعد من ذلك ليطلق العنان لخياله في نسج الحكايات لتبدوا حقائق يجهلها العارفون، وجُل هؤلاء طارئون ظهروا في غفلة من الزمن، إما ببعض دراهم اعتقدوا أنها أوصلتهم إلى نادي المليارديريه، وان كانت ملاءتهم المالية لا تسدد فاتورة إقامة ليلة في فندق ذات الثلاث نجوم، أو ممن تسلم شهادة الدراسات العليا في البريد العاجل أو على سُلم الطائرة، ولكي يكتمل ديكور هؤلاء لا بد لهم من الانضمام إلى صالونات السياسة والانتماء إلى الأحزاب السياسية خالية الدسم بلا برامج تعبر عن مطالب شعبية متفق عليها، المهم مسمى للحزب يليق بهوس شخوص المنتسبين وتوجهاتهم التي تجمع ما بين المعارضة لكي تُعرف والموالاة لكي تُؤلف، المناكفة طمعاً بالمحاصصة، المصالحة والاستجداء، الإصلاح والتغيير، العدل والمساواة ذلك المطلب المعترض، الليبرالية والراديكالية والشيوعية والرأسمالية البضاعة المنتهية الصلاحية من بلد المنشأ، فقط ما عليك إلا دخول غرفة القياس وارتداء بدله فضفاضة بعض الشيء كما هي الشعارات وبألوان كوكتيل البرنامج السياسي للحزب يخدع به الناظرين، تراه كالطود العظيم يطاول النجوم في ظاهره، مهزوم الكيان متقلب المشاعر والهوى يميل حيث تميل مصالحه الضيقة، عذراً فهذا ليس هجوم على بعض الأحزاب السياسية التي نسمع هدير عرباتها الفارغة خلف القاطرة بقدر ما هو نقد لانفصام الشخصية الذي نعانيه في وقتنا الحاضر، فالقول لمن يسمع والصورة لمن يبصر، فالأفراد أو الجماعات أو الأحزاب التي تخرج عن الإطار الوطني سيجدون أنفسهم يوماً ما إلى جانب أعداء ألامه رغماً عن أنفوهم، بما بذل عليهم من تحت السجاد العجمي، وأولئك الذين عظموا إنجازات شياطين المقاومة فالشعب السوري واللبناني أدرى بانتصارات المقاومة وانجازاتها وإن أحياهم الله سيعلمونكم بها من تحت الأنقاض، وأولئك الذين يريدون أن يقيموا الدين على هواهم، فلم يفرقوا بين كافر ينكر وجود الله، وعاصي أو غافل مقصر في العبادات، أو ذمي كفل له الإسلام حرية الاعتقاد وأمن له ماله ودمه وعرضه، وبكل الأحوال لم تقف أي دولة في وجه الدعوة إلى الله، وان ما يتعرض له المسلمون من مضايقات أو قتل أو تشريد إنما بفعل التشدد والغلو الذي ينتهجه بعض من جهل حقيقة الإسلام أو تجاهلها، وما علم هؤلاء أن معظم الفتوحات كانت بالكلمة الطيبة والسيرة الحسنة وصدق التجارة في ذلك الزمان. ما أردت أن أنصح به بني قومي بأن الخيط الأبيض قد تبين من الخيط الأسود، وأن ما يلزمنا هو وقفة سريعة مع الذات، وتصفح سريع لكل الشعارات منذ خمسينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا وما تحقق منها، وما أراها إلا كلام يصدع الرؤوس، ولإنصاف المثقفين وأرباع السياسيين كفاكم تغريد خارج السرب امتثالاً لوصية رسولنا الكريم (عليكم بالجماعة فإن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية)، وأخيراً ليس بعد قول الله تعالى قول: فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض(الرعد) صدق الله العظيم.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى