أنت غلطان …!

أنت #غلطان …!

بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران

في زمن أصبحت فيه كثير من #المفاهيم و #المبادئ والمسلمات تتغير عند البعض بين يوم وآخر، بل ونستطيع القول بين لحظة وأخرى في بعض الأحيان، أحياناً بحسب الأهواء، وأخرى بحسب المصلحة، وربما لغيرها من الأسباب التي تخطر أو حتى لا تخطر على بال، فتجد احترام الوالدين أمراً اختيارياً لدى البعض، يوماً يرتمون في أحضان والديهم، وآخر لا يتذكرونهم ولا حتى في أحلامهم، وتجد البعض الآخر يروج للشذوذ والقفز على الطبيعة التي خلقها الله عز وجل في البشر على أنها أمراً يجب تقبله والاعتراف به في مجتمعاتنا ويطلقون عليه الأسماء المختلفة لتجميله وقبوله، وتجد آخرين يناقشون الخيانة والوقوف إلى جانب الأعداء على أنها لا تتعدى وجهة نظر من الواجب تقبلها ومناقشتها كأي وجهة نظر أخرى، وغير هذا الكثير من الأمثلة الأخرى التي أضحت لا تحصى في مجتمعاتنا، خصوصاً مع سهولة الوصول إلى المعلومة وإلى أي مجتمع في أي بقعة من الكرة الأرضية بضغطة زر واحدة، فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد قادراً على الوقوف في وجه طوفان المعلومات المختلفة والأفكار الشاذة من كل أنحاء العالم سوى من حصن نفسه من الداخل وامتلك حوائط صلبة لصد كل ما هو غريب عنه وعن معتقداته، لكن وفي خضم كل هذا التشويش والتشويه لما تربينا عليه من مبادئ ومعتقدات لا نجده غريباً أن يقول لنا أحد الزملاء في أحد النقاشات مؤخراً “أنت غلطان”، عندما أكدنا له تمسكنا دائماً بالوقوف إلى جانب الحريات والحق والجمال مهما وقف في وجهها أمواج أو حاولت جرفها فيضانات الظلام، لا نلوم زميلنا بعد كل ما رآه ويراه غيره من الأهوال والزلازل التي تعرضت لها مثل هذه المبادئ وأصحابها، ولكن بالنسبة لنا الثبات على مثل هذه المبادئ مسألة حياة للروح أو موت لها، فالتنازل عنها هو موت للروح البشرية السليمة، الروح التي خلقها الله عز وجل تتنفس حرية وعزة وكرامة وتبحث عن الطهارة والنقاء والفطرة السليمة وتميل لهم أينما مالوا، فالانتماء لمبادئ الطهارة والمحبة والسلام التي يدعو لها ديننا ثابت لا يمكن أن يتغير، مهما تلون وتغير من ينتمون إليه أو يعادونه في كل زمان ومكان، تماماً كحب الوطن لا يقبل القسمة على اثنين، ولا يرتبط بحب أشخاص أو حكومات متغيرة ومتقلبة مقابل تراب وطن حبه والانتماء إليه ثابت لا يتغير، وتماماً كالانتماء إلى الكلمة الطيبة التي أمرنا الله عز وجل رفع شعارها في كل زاوية من زوايا حياتنا، وعدم السماح لما يشوبها من التسلل إلى أي ركن من أركان حياتنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، كل هذه ثوابت كثابت الانتماء إلى قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، بكل ركن مقدس فيها للمسلمين والمسيحيين على السواء، فهو ركن ثابت لكل محافظ على مبادئه لا يمكن أن يتغير أو يتحول مهما تلون أو تغير من حولنا، وقدوتنا في هذا من واجه كل صنوف العداء والحروب والإساءات وبقي ثابتاً كالجبال لم يتغير أو يتزحزح عن مبادئ الحق والقوة والسلام والجمال، نبينا وقدوتنا خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، ومن قبله كل الأنبياء والرسل الذين وقفوا في وجه محاولات تشويه البشرية والفطرة السليمة التي خلقها الله عليها وتشويه الحقائق وتزويرها وعاشوا سنوات طوال لآخر لحظات حياتهم ثابتين محافظين على نشر أجمل المبادئ وأنقاها لكل من حولهم، نعم ربما تتغير المفاهيم لدى كثيرين من حولنا ويصبح الصواب لديهم خطأ لأنهم أرادوا قلب الحقائق لأي مصلحة أو سبب لديهم، ولكن هذا لن يغير من حقيقة أن الصواب سيبقى صواباً والخطأ سيبقى خطأ مهما وضعناه في قوالب تظهره بصورة الصواب، ومهما قال لك من حولك “أنت غلطان” لأنك وقفت مع الحق لا تتردد في الثبات على موقفك، لأن نهار الحق سيظهر للجميع مهما طال ظلام ليل المتقلبين، ولذلك قال الإمام علي رضي الله عنه: “يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال فاعرف الحق تعرف أهله”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى