أمي / يونس الطيطي

أمي

أتأمل وجهها، فرغم كل المآسي التي حلت بها، أجدها دائماً تتمردد على كل العذابات.
روحها شامخة متمردة. أعرف كيف أستفزها، وأغير قسمات وجهها.
فكلمة السر لفرحها وحزنها «فلسطين» ما أن أذكرها أمامها حتى أجدها تذهب بعيداً بفرح الذكرى، وحرقة البعد دون أن أدري أني لامست في داخلها مكاناً أقرب إليها مني.
وطن يعيش فيها.
أرضعتني إياه مع حليب صدرها، حتى سكنني.
أراه بعينيها في فرح طفولتها على ترابه.
بحنين الذكريات إلى شبابها فيه إلى أمواج سنابل القمح عندما تداعبها نسمات الصيف، الى نبع ماء طالما وردت عليه، وارتوت من عذب مائه، إلى نسيم بحره الى حيث لم تغب هي لحظة عنه تفتش عن كل الأشياء التي مضت.
أظن أنها تستطيع أن تحصي خطواتها هناك أنظر في عينها وقد غرقت في الدموع والآهات، حركت براكين الشوق في داخلها، تلامس مشاعري الظامئة، وتأجج نيران اشتياقي لوطن أسكنته فيَّ حتى همت في حبه، وتعذبت وعانيت من أجله، وذقت لوعة الحرمان التي أذابت أيامي وسنوات عمري.
أعدها بأن أحفظ الذكرى.
تفرح، تشد على يدي، المشوار طويل، لقد قسى علينا الدهر، ولكن مهما بَعُدت المسافات، ستبقى الروح هناك.
فلا تنس أني وهبتك له، فلا تفرط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى