حكايات حول صوبة الفوجيكا / يوسف غيشان

حكايات حول صوبة الفوجيكا
أكتب هذا المقال وأغلب الصاحين منكم يتمركزون حول صوبة الكاز، وربما الغاز، بينما يتجول بعض المسعدين الذي يمتلكون التدفئة المركزية، في البيجامات، او يتجمعون حول التلفزيون والعرق يتصبب منهم، لأننا – في العادة- نجعل حرارة المنزل في الشتاء اعلى من الحرارة التي نتذمر منها في الصيف ولا اعرف لماذا. المهم، لأصحاب الصوبات ولذوي التدفئة المركزية اقدم هذا الحكايات لقراءتها حول المدفأة.
(1)
كنا ذات قرن أطفالا، كان للعالم طعم الشقاوة، ولم تكن الأرض قد أكملت تكورها في أذهاننا، ولا السماء قد ارست دعائمها في قلوبنا بعد.
كانت بقول الأرض وحبوبها هي طعامنا الدائم : عدس..عدس حب..عدس مجروش …عدس منفوش .. شوربة عدس …مجدرة عدس مع برغل..مجدرة عدس مع رز.
سئمنا العدس ومشتقاته، وكنا من وقت لآخر نعلن العصيان المدني، ونحاول ان نرفض تعاطي العدس. كانت امي هنا تبوح بعبارتها السرية.
– هل تعرفون ان المسيح كان يفطر عدسا كل يوم؟؟
بالطبع لم نكن نقتنع بكلام الماما الرؤوم، لكننا نعرف أن لا شيء سوى العدس لدينا، فنقتنع بالإنسحاب المشرف من العصيان.
بعد عودة الأمور لطناجرها، كانت الوالدة تتسم بخبث، لكني كنت الحظ شبح دمعة ترفض الإستسلام للأمر الواقع.
(2)
كان أبونا جورج يؤكد في كل حصة دين، بِأن لكل واحد منا ملاكا حارسا، يصحو وينام معه ويحرسه من الشيطان، ومن الوقوع في التجارب،ويحافظ عليه ويراقبه ويحمية من كل الأخطار.
في البداية، كنا نخاف من هذا الملاك، فهو يراقب شيطناتنا الصغيرة وخطايانا البائسة والتي كنا نعتقدها انذاك من الفواحش، كأن نسرق الخوخ غير الناضج من بستان الجيران، او نتلفظ بعبارات نابية تعلمناها للتو من زملاء الدراسة الأكبر عمرا.
شخصيا لم اكن اتذمر كثيرا من الملاك الحارس، وكان يتملكني احساس بالرضى والزهو؛ لأنني انا الطفل الفقير الجائع المهمل الوسخ الذي يمتلك ملاكا حارسا خاصا به، ويعمل (بدي قارد) لجنابه (جنابي).
كبرنا ونسينا قصة الملاك الحارس، كبرت همومنا وخطايانا، وكبرت الأخطار التي تواجهنا..كبر كل شر فينا، حتى صرنا نحتاج الى كتيبة كاملة من الحرس الملائكي لتحمينا من بعض شرور انفسنا، ومن شرور وأخطار العالم المحيط.
(3)
في شكتش للرحابنة يحضر ساعي البريد رسالة إلى احد ابناء القرية، وبما ان الأمية كانت سائدة آنذاك، فقد طلب الرجل من ساعي البريد ان يقرأها، فقرأها على أساس إنها رسالة حب إلى ابنته، فأخذها إلى المعلمة التي قرأتها بشكل مغاير وتنقلت الرسالة بين ابناء القرية يقرأ ولما كان الجميع أميون فان كل واحد منهم قرأ الرسالة حسب رغباته ومصالحه، ومطالبه.
الدكنجي قال ان الرسالة تقول لها بأن تدفع ما عليها لصاحب الدكان وأن تشكره على صبره علينا،، وكذلك فعل الخضرجي والفران وصاحب البيت…..!!
في الواقع نسيت التفاصيل، لكني أتذكر ان كل واحد من هؤلاء قرأ الرسالة على طريقته … وضاعت الحقيقة بين الأقدام والأرقام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى