أمريكا: انفصال السياسة عن الإقتصاد ووجبة صراع داخلي

أمريكا: انفصال السياسة عن الإقتصاد ووجبة صراع داخلي
الدكتور كمال الزغول
إن انشغال امريكا بمسائل إضافية غير مفيدة قد تؤدي الى بعض من الصراعات الداخلية بين الليبراليين داخل الولايات والحزب الحاكم بقيادة ترامب، والذي من شأنه ان يجعل دولًا تنهض باتجاه القطبية الدولية خلال وجبة الصراع الخفيفة الداخلية في الولايات المتحدة الامريكية ،لكن طول امد التململ الليبرالي في اي ولاية وعناد القرار اليميني الامريكي يؤثران سلبا على الاقتصاد العابر للحدود الجنوبية والشمالية ،وستشهد الولايات المتحدة تنافسا بين الاحزاب على قضايا الداخل ،في حين سيكون هناك غيابا تاما عن المحاصصة الدولية على العالم بين امريكا وحلفائها اولاً، وبين امريكا وخصومها ثانياً، مثل روسيا ،الصين وبعض التيارات في كندا والمكسيك.
لقد اتقنت روسيا لعبتها بدعم صعود اليمين المحافظ الأمريكي، وبنفس الوقت ومن خلف الكواليس لعبت في الملفات النووية لكوريا الشمالية وايران، وما زال خافياً انها يمكن ان تكون دعمت دولا أخرى في الشرق الأوسط بهذه الملفات في ظل انشغال امريكا بالدولار وجلب فرص العمل الى الداخل.
المهمة الاستراتيجية بالنسبة لخصوم امريكا انتهت من المرحلة التحضيرية ودخلت مرحلة التشويش المعلوماتي والاستخباراتي في جميع انحاء الكرة الارضية لخلق العنف والفتن داخل المجتمع الامريكي بعد تهيئة بيئة نظام سياسي مناسب لذلك ، وقد صاحب ذلك تدني مستوى دخل الطبقة الوسطى في امريكا حيث بلغ معدل الدخل لنصف عمال امريكا ٣٠,٠٠٠$ في حين توفرت فرص العمل بشكل ملحوظ في عهد الرئيس ترامب حيث نزل مستوى البطالة الى ما دون ٤% لكن هناك تحليلات تقول أن الوظائف تلك قد لا تنتج مشاريعا قومية ولا نهضة بين طبقات المجتمع الامريكي ،حيث قاد ترامب المجتمع الامريكي ووضعه على مسار خطي افقي ثابت لكنه لم يراع التغيير النهضوي المبني على رفع اسعار السلع في العالم والتبادل التجاري المنشود،فما عادت الوظيفة التي وفرتها اجندة الجمهوريين تكفي الا للطعام والشراب وكفاية الحاجة الفردية، وللتوضيح أكثر، فإن الولايات المتحدة بحاجة ماسة الى اقتصاد ضخم لكي تستمر في قطبيتها واستقطابها لحلفائها من الاوروبيين والعرب وشرق آسيا.
اوروبا اليوم والتي تشهد بوادر ترانزيت سياسي اصبحت بحاجة لنفسها أكثر مما مضى للخروج من ازماتها الاقتصادية،والبريكسيت البريطاني وإن بدا غير مؤثر بالنسبة لأمريكا الا أنه اوجد ايضا انقساما في بريطانيا بين اليمين واليسار، خاصة عندما يتعلق الوضع بالصراع الاقتصادي المتوقع بين ايرلندا الشمالية من جهة وبين جمهورية ايرلندا الجنوبية من جهة أخرى عندما تخرج بريطانيا تماما من الاتحاد.
هناك مسألة جيوسياسية اقتصادية ضخمة في العالم،اولها يتعلق بترسيم الحدود الاقتصادية بين الاتحاد الاوروبي وبريطانيا ،وثانيها بين امريكا وأمريكا الجنوبية خاصة مع المكسيك، وهناك انفكاك لدى جانبي خط العرض ٣٨ بين كوريا الشمالية والجنوبية وايضا بين جورجيا وروسيا ومن الواضح أن تلك المصالح تذهب بالاتجاه الروسي .
لقد انقلبت المفاهيم الإقتصادية بقرارات ناشئة وليست مدروسة لم يكن للاقتصاد السياسي اي دور لدراسة تلك المفاهيم في ظل الادارة الامريكية الحالية ،والتي قد تقلب سياسات وتنهض بسياسات أخرى تنتج عن الفجوة التي افرزتها الانتخابات الامريكية السابقة، وفي النهاية وكنتيجة حتمية للديمقراطية الناقصة ،هنالك سيحصل تراجع واضح في ضبط البوصلة السياسية الداخلية الامريكية نتيجة التقلبات في القرارالسياسي الاقتصادي الامريكي.

كاتب مختص بالشأن الامريكي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى