أما أنا فأريد أن أكون عثمان
#مصعب_البدور
جرت عادة #المشيخة والوعاظ في دعوة #الناس إلى #الزهد تارة، وإلى الترفع عن الدنيا ومتاعها تارة أخرى، وفي كل مرة ينبهون شكر الله لهم الناسَ إلى خُلق عظيم يتحلى به أهل المراتب والرتب من الصالحين هو #الصبر على #الفقر، الصبر على متاع الدنيا، وكلهم يهرعون إلى تذكيرنا بالحديث ” بحسب ابن آدم لقيمات…” وكأن في هذا الحديث دعوة إلى الافتقار أو الرضا به، ويحشدون الأدلة على ما يقولون فيسوقون دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه “اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأنسى” دليلا على الاستسلام للفقر، والعجيب كل العجب أنهم ينسون أو يتناسون الجملة التالية “ولا تقلل لي منها فأضل” .
وليتهم تذكروا أن يعلمونا “المؤمن القوي خير…”وليتهم عرفوا أن الثراء قوة، وأن المال عصب الحياة، وليتهم عرفوا أن دعوى الزهد للمعدم، إنما هي دعوى باطلة فبأي شيء يزهد وهو لا شيء.
كنت دائما أتساءل، لماذا مازالوا يكثرون من الحديث عن أصحاب الأعين التي تفيض دمعا، يوم العسرة؟ وأذكر معاتبة بعضهم حين دعوت الله: اجعلنا يا رب ممن صدقت فيهم الشكاية ذهب أهل الدثور بالأجور.
أليس من العجيب، أن ندعو أهلنا وشبابنا إلى أهل الصُّفَّة أنموذجا في الفقر المؤدي إلى الجنة؟ و بذاك نكون دعونا شبابنا إلى التمسك بفقرهم، والحري بنا في هذا المقام أن ندعوهم إلى العمل والكسب وخوض غمار الأموال، أليس من المعيب أن نخلط الإيمان بالفقر؟
لا أحب التكرار وإعادة الحديث، ولا فلسفة الأمور، بل أحب الصراحة المفرطة، والقول الواضح، لذلك سأقول: يعجبني الصديق -رضي الله عنه- مؤمنا غنيا وجيها تقيا، فاز بالصحبة وفاز بعين الزهد الصادق، ولا أخفيكم بصدق حبي لابن عمير الشّاب الغني الزاهد الشهيد.
ولأكون صادقا لو خُيّرتُ لاخترت تجربة ذي النورين عثمان -رضي الله عنه-، الذي دخل المدينة لا يملك شيئا، ثم كان -رضي الله عنه- أنموذج للاستدامة ولفقه التثمير، ولما مات، مات ثريا فائق الثراء، وجيها، بل كان خليفة المسلمين ليس بينه وبين الله أحد، ومات -رضي الله عنه- شهيدا.
وأنا أحب تجربة عثمان ثريا وجيها شهيدا، وأنا جادّ في ذلك وأعي اختياري وعيًا حقيقيًا، وأرفص دعوة الفقر والإقلال، وأرجو من أهل الموعظة أن يعظوني بقصص الأثرياء الأتقياء.