أما آن الوقت!

أما آن الوقت!
م. عبد الكريم أبو زنيمة

على مدار قرابة سبعة عقود من الزمن لم تتمكن الاحزاب السياسية الاردنية من إيجاد خطاب ومواقف سياسية تلامس هواجس وطموح الشارع الأردني وتقنعه بها حتى تراجع دورها وأصبح دورها غالبًا ما يقتصر على بيان هنا وخطاب هناك وتحليلات سياسية حتى لغة خطاباتها بقيت جامدة وما عاد الكثيرون يفهمونها، للأسف طوال العقود الماضية وبالرغم من كل المصائب التي حلت بالوطن وأخطرها تمرير اتفاقية وادي عربة وما تبعها من خصخصة وبيع كل مقدرات الوطن والانهيار الاقتصادي لم تتمكن القوى السياسية من إيجاد اي شكل من أشكال التكتل لرص صفوف القوى الوطنية لحماية الأردن بل ان الحزب الواحد انقسم إلى حزبين وثلاثة متناحرين!
أمام المخاطر الخارجية التي يواجهها الأردن المتمثلة بالمشروع الصهيوني والاطماع الأمبريالية وتكبيله بالديون والهيمنة على سيادته وكذلك المخاطر الداخلية وأخطرها تحكم منظومة الفساد بكل مفاصل الدولة التي عبثت وتعبث بمصيره وكرامة شعبه وأغرقته بالمديونية العالية حيث تجاوزت نسبة خدمة الدين 102% من الناتج المحلي ودمرت القطاعات الإنتاجية الرئيسة وفي مقدمتها الزراعة والصناعة فأننا اليوم أحوج ما نكون لجبهة أو تيار أو تكتل وطني يضم كل القوى والحراكات الشعبية والشخصيات الوطنية تعد برنامجاً وطنياً للإصلاح والإنقاذ.
طوق التآمر يكتمل اليوم حول الأردن ومصيره، وكل الإجراءات الديمقراطية الشكلية التي مرت بظلالها كل الصفقات والمبيعات العامة لأملاك الدولة وكل صفقات القروض وإنشاء العشرات من المؤسسات التنفيعية وهدر المال العام ما هي إلا مظلة لتمرير فساد مبرمج يفضي إلى رضوخ الأردن للإملاءات الخارجية وعلى رأسها المشروع الصهيوني، بالرغم من وضوح المخاطر فإن الكثير من الشعب الأردني وتحت تأثير طبول الإعلام الرسمي ما زال منخرطاً بالملهاة الديمقراطية التي حتما ستفرز مجلساً نيابياً على مقاس وهوى الحكومة، والمؤسف أكثر انخراط معظم الأحزاب القومية واليسارية والإسلامية بهذه الملهاة بالرغم من فشلها على مدار ثلاثة عقود من إيصال إلا عدد محدود جداً منهم لقبة البرلمان كانت درجة تأثيرهم على القرارات الحكومية صفرية مما أدى إلى تلاشي تأثيرهم على الشارع الاردني وفقدان ثقة الشعب بهم.
الأمل اليوم معقود على الكتل السياسية والحراكات الوطنية والشخصيات والرموز الوطنية من سياسيين واقتصاديين واعلاميين وتجارييين وزراعيين وصناعييين ونقابيين وفنانين وعلى كل الفئات الوطنية لحشد كل الطاقات والحراكات الشعبية وتوحيدها بجبهة عريضة أو تجمع وطني يعد برنامجاً وطنيا للاصلاح والانقاذ للتصدي للأطماع الصهيونية ونهج السياسات النيوليبرالية والتبعية والفساد وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين تقودنا إلى بناء الدولة الديمقراطية العصرية أساسها وركيزتها تعديلات وإصلاحات دستورية جوهرها أن الشعب هو مصدر السلطات والتداول الديمقراطي السلمي للسلطة مع فصل حقيقي بين السلطات مع استقلالية تامة لأجهزة الرقابة والمحاسبة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص للجميع في ظل دولة تبني اقتصادها على أسس وقواعد وركائز الإنتاج الوطني، لا دولة تعيش على الهبات والمنح والمساعدات المذلة، دولة تسودها العدالة الضريبية “ضريبة الدخل التصاعدية” بحيث يساهم رأس المال والرأسماليون بالجزء الاكبر من إيرادات الخزينة لا ضريبة المبيعات التي يتساوى فيها الغني مع الفقير، دولة تعمل على تأمين فرص العمل وجودة الرعاية الصحية والتعليم بأقل الكلف، دولة يجرّم بها كل أشكال الفساد المالي والاداري، دولة يقدس بها ويضمن حرية التعبير والرأي والتنظيم السياسي والنقابي.
لقد آن الاوان لأن تتشكل هذه الجبهة وتنتشر أفقيًا بين كافة شرائح المجتمع الأردني على كامل الجغرافيا الأردنية، الأردنيون في مدنهم وقراهم وأريافهم وبواديهم يكابدون البؤس والشقاء بالوقت الذي فيه 7% يكنزون الذهب والفضة ويستحوذون على المكاسب والمغانم، نريد جبهة تقودها رموز وطنية موثوقة يلتف حولها كل الأردنيون الذين يرون المخاطر والتهديدات الداخلية والخارجية قد أحكمت قبضتها على حاضر ومستقبل الوطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى