أمام صفقة القرن الثانية: المطلوب أردنيًا موقف موحد لإنقاذ الوطن

أمام #صفقة_القرن_الثانية: المطلوب أردنيًا #موقف_موحد لإنقاذ #الوطن

بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة

يواجه #الأردن اليوم واحدًا من أخطر التحديات التي تهدد وجوده وهويته الوطنية، في ظل الحديث المتزايد عن صفقة القرن الثانية، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وجعل الأردن جزءًا من هذا المشروع المشؤوم. هذه المعركة ليست سياسية فقط، بل هي معركة وجودية ومصيرية تتطلب من الجميع، نظامًا وموالاة ومعارضة، أن يترفعوا عن خلافاتهم ويقفوا صفًا واحدًا في مواجهة هذا الخطر الداهم.

على نظامنا السياسي الأردني أن يتحلى بشجاعة وشفافية كاملة في مواجهة هذا التحدي. المطلوب هو مصارحة الشعب بحقيقة الضغوط الخارجية التي تُمارس على الأردن، والإفصاح عن طبيعة مطالب الإدارة الأمريكية ومواقف الدول الشقيقة والصديقة، خاصة تلك المعنية بشكل مباشر بصفقة القرن الثانية، كالسعودية ومصر والإمارات والسلطة الفلسطينية. هذه المكاشفة هي السبيل الوحيد لتعزيز الثقة بين الشعب والقيادة، وإشراك الجميع في تحمل المسؤولية الوطنية.

إن مواجهة هذا الخطر تستدعي إعادة النظر جذريًا في العلاقة مع حركات المقاومة الفلسطينية بمختلف أطيافها، بما في ذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي. فتح قنوات حوار مع هذه الحركات بات ضرورة وطنية، لأن المصير المشترك يتطلب وحدة الموقف وتنسيق الجهود لمواجهة المخاطر التي تهدد المنطقة بأسرها.

داخليًا، يجب أن يكون الانفتاح السياسي وإطلاق الحريات العامة على رأس الأولويات. لا يمكن بناء جبهة داخلية قوية دون الإفراج عن معتقلي الرأي وفتح المجال أمام جميع الأطياف السياسية، بما في ذلك المعارضة والحركة الإسلامية. الديمقراطية واحترام إرادة الشعب في مؤسسات الدولة هما المفتاح لبناء الثقة وتعزيز الولاء الوطني.

على الدولة أيضًا إعادة النظر في القوانين المقيدة للحريات العامة، وفي مقدمتها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي بات يُستخدم لتكميم الأفواه وحماية الفساد. هذه القوانين تعيق الإصلاح وتُضعف الثقة في النظام السياسي.

أحد أبرز المعوقات التي تواجه الأردن اليوم هو الفساد المستشري في مؤسسات الدولة. الفساد ليس مجرد مشكلة إدارية، بل هو جرح عميق يهدد مصداقية الدولة وقدرتها على مواجهة الأزمات. المطلوب تعزيز دور هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وضمان التحقيق الجاد في كل البلاغات والشكاوى التي تصلها، مع إعلان النتائج بشفافية للرأي العام. كما أن تطهير مواقع صنع القرار من عملاء السفارات بات ضرورة ملحة للحفاظ على سيادة الوطن واستقلال قراره.

أما المعارضة، فعليها أن تُدرك أن الخطر الذي يواجه الأردن اليوم يستهدف الجميع دون استثناء. عليها أن تتجاوز خلافاتها مع النظام وأن تقف في صف الوطن. الوقوف إلى جانب الدولة الآن ليس فقط واجبًا وطنيًا، بل هو موقف سيُخلد في صفحات التاريخ.

وفي المقابل، يجب على الموالاة أن تتخلى عن عقلية احتكار الوطنية أو تقسيم الأردنيين إلى موالين وغير موالين. الوطنية ليست شعارًا يُرفع، بل هي التزام حقيقي بمصلحة الوطن والعمل على وحدته. كل من يحمل الرقم الوطني الاردني ومقيم على الارض الاردنية هو مواطن اردني كامل الحقوق والواجبات، لا مجال للتشكيك في الهوية الوطنية الاردنية . يجب أن يكون الجميع في صف واحد، يدًا بيد، في مواجهة أي تهديد وجودي.

تعزيز الجبهة الداخلية هو السلاح الأقوى لمواجهة هذا الخطر. اللحمة الوطنية والتماسك هما حائط الصد الحقيقي أمام أي محاولة لزعزعة استقرار الوطن. اليوم، نقف جميعًا مع نظامنا السياسي الأردني، بغض النظر عن الخلافات السابقة، لأن التحديات الحالية لا تترك مجالًا للعتاب أو التصعيد.

المطلوب الآن هو طي صفحة الماضي، وتوحيد الصفوف، والعمل معًا لإنقاذ سفينة الوطن من الغرق. الأردن كان وسيظل نموذجًا في الصمود والوحدة الوطنية، لكن هذا لن يتحقق إلا إذا عملنا جميعًا بروح المسؤولية الوطنية.

الصف الوطني الموحد هو الرد الأقوى على كل من يراهن على زعزعة استقرار الأردن أو التلاعب بمصيره. فلنقف جميعًا، نظامًا وشعبًا، يدًا بيد، دفاعًا عن كرامة الأردن وسيادته، ولتظل هذه الأرض عصية على كل المؤامرات، قلعة صامدة في وجه التحديات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى