
ألن تخرس #أصوات ” #التمزيقيين “؟!
د. #علي_أحمد_الرحامنة
شهدت الأيام والأسابيع القليلة الماضية موجة كبيرة من الكتابات والأصوات و”المشاركات” الإلكترونية خصوصا، وكان القاسم المشترك بينها مخاطبة مشاعر وغرائز و”ثقافات” منحطّة، بعنوان جامع لها، هو الإقليمية والجهوية، وما في دوائرهما من نزعات وهويات “جزئية”. وكان مثيرا للتعجّب والمرارة إسهام أقلام معروفة، في العزف مع أوركسترا الشؤم، إلى جانب جمع من الغوغاء “المطبّلين المزمّرين”، من الذين أسهموا، عن وعي أو غير وعي، في تكوين جمهور من الانعزاليين ضيقي الأفق، الذين ردّدوا سموم الإقليمية خصوصا، واستحضروا في ذلك كلّ غثٍّ استطاعوا إليه سبيلا.
فأمّا “المثقفون” من هذه المجموعات، فإننا نقول لهم: اتّقوا الله في هذا الشعب، ولا تسمّموا أجيالنا الناشئة خصوصا بأمراض التفتيت وضيق الأفق، فالهموم والمخاطر في وادٍ آخر. فلا الإسلام يقبل، ولا العروبة تقبل، ولا الوطن يقبل، ولا القيم الإنسانية النبيلة تقبل هذا التفتيت، فيما الوطن، كلّ الوطن، وبكل مكوّناته، أيا كان منبتها، في أمسّ الحاجة إلى أعلى وأرقى مستويات التوحّد والتضامن، في مواجهة “العمل” على تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، والضغط بأقسى الأشكال على الموقف الأردني الرافض نصا وروحا لمؤامرات التهجير، والوطن البديل، وما في متنهما وفي حواشيهما من تهديد غير مسبوق للأمن الوطني الأردني، مستقبلا وكيانا، في مسارات محاولات تصفية القضية الفلسطينية …
ونستغرب أيّما استغراب من “روّاد هذه الموجة التمزيقية” ومن تبعهم فيها، بعدما سجّل الأردنيون، كل الأردنيين، أسمى صفحات التضامن مع أشقائهم الفلسطينيين، في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية، ورفضهم العميق لسياسات داعمي حرب الإبادة، كائنا من كانوا. فهل استكثر “التمزيقيون” على الأردن الوطن والدولة والشعب هذا التماسك؟ أم أن “الأوساط المتربصة” تحرّكت، وسارعت إلى “إعلان حالة الطوارئ” أمام تماسك الموقف الأردني، قيادة وأحزابا وجماهير شعبية، في رفض كل ما يمس الحقوق الوطنية المشروعة للسعب الفلسطيني؟ أم أن بعض “المنتفعين” استاؤوا من وحدة الموقف الشعبي الأردني، فتحركوا لإثارة المشاعر المنحطة، لأن مصالحهم الفئوية بالغة الضيق والتفاهة تضرّرت بهذا التماسك؟ …
قد تكون الإجابة عن هذه الأسئلة مزيجا وخليطا سِمتها في جوهرها انحطاط في الوعي، وضيق في الأفق، ولامبالاة مشبوهة تجاه أدقّ اللحظات التاريخية التي تمرّ بها المنطقة، والتي نقول فيها إن الصخرة الكبيرة الصلبة التي تتكسّر عليها موجات التآمر على القضية الفلسطينية وعلى الأردن، هي إدراك الشعب الفلسطيني والشعب الأردني، وقياداتهما، أن المخاطر مشتركة الآن، بل واحدة، وأن هذه المخاطر الواضحة بالتمام والكمال، تتطلّب أوّل ما تتطلّب، تماسك الموقف الوطني الفلسطيني وتماسك الموقف الوطني الأردني، فكلّ محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، هي فورا، وبصورة مباشرة، مؤامرة على الأردن، كلّ الأردن، وكلّ ما يهزّ الأردن يهز الموقف الفلسطيني وقدرته على المواجهة. ولكن “التمزيقيين” لا يرعوون، بل وربّما هذا ما يريدون!!
وهنا، نتمنى أن تبادر مؤسسات الدولة الأردنية، بالقانون، لمواجهة أيّ صوت تفوح منه روائح الفتنة الكريهة، والغالبية العظمى من الأردنيين، كل الأردنيين، وأيا كانت أصولهم ومنابتهم، سيكونون معها في ذلك … فالمسألة هنا تتجاوز حدود “حرية الرأي”، إلى “حرية التخريب والتشتيت وزرع الفتنة”، وشتان بينهما …