سواليف – رصد
ذكر مرصد مصداقية الاعلام الاردني” أكيد ” ان وسائل إعلام محلية لم تقرأ “تعليمات منح الإذن بالزواج لمن أكمل 15 سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة” التي نشرت في الجريدة الرسمية بشكل دقيق، ما أدخل الجمهور في إرباك ظهر جلياً على منصات التفاعل الاجتماعي.
و أضاف المرصد ان وسائل الإعلام تلك تعاملت مع التعليمات على أنها “سماح بزواج القاصرين والقاصرات”، على الرغم من أن قانون الأحوال الشخصية لسنة 2010 وسابقه القانون المؤقت لعام 2001 (التعديلات على القانون الصادر عام 1976)، قد حددا سن الزواج بالثامنة عشرة للزوج والزوجة مع جواز تزويج من أتم الخامسة عشرة منهما ولم يكمل الثامنة عشرة بشروط.
وخلطت مواقع بين دائرة قاضي القضاة ودائرة الإفتاء العام، وضللت وسائل إعلام الجمهور بإظهار التعليمات على أنها تخفيض لسن الزواج من 18 سنة إلى 15 سنة، كما تجاهلت معالجات صحافية جزئيةً مهمةً تتمثل في وضع قيود جديدة على زواج من لم يكمل الثامنة عشرة.ووصل الأمر بتغطيات إعلامية أن اعتبرت أن التعليمات المشار إليها خاصة بالفتيات دون الشباب، على الرغم من مساواة القانون بين سن الرجل وسن المرأة.
وبعد ساعات من الإرباك الذي ساد وسائل إعلام ومنصات تفاعلية، كتب نوفان العجارمة رئيس ديوان التشريع والرأي على صفحته التفاعلية منشوراً يوضح فيه أن سن الزواج ما يزال 18 عاماً، وأن التعليمات ما هي إلا تشديد للشروط.، وسارعت وسائل إعلام إلى تناقل هذا التصريح.وتوالت منشورات تفاعلية لقانونيين ومتخصصين وصحافيين توضح ماهية التعليمات، قبل أن تصدر جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن) بياناً أثنت فيه على القيود التي فرضتها التعليمات على تزويج من هم دون الثامنة عشرة، وجددت فيه مطالبتها بموقفها الرافض لتزويج الأطفال مع وجود استثناءات محددة لمن أكمل السادسة عشرة، وهو ما أوردته صحف في تقارير قرأت التعليمات بشكل أكثر توازناً، وطرحت فيه أسئلة جديدة.
ونشرت وسائل إعلام تحليلات تناولت جزئيات قانونية تتضمنها التعليمات، في حين نشرت أخرى إدراجات تتضمن مقارنات في مسألة زواج من هم دون الثامنة عشرة بين الأردن ودول أخرى.وعقب صدور بيان من دائرة قاضي القضاة بثته وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، وأوضحت فيه أن التعليمات حوت قيوداً جديدة على زواج من هم دون الثامنة عشرة، سارعت وسائل إعلام إلى نشر البيان التوضيحي بعد تعديل قصصها الإخبارية أو نشر البيان بشكل منفصل.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تواصل مع الدكتور أشرف العمري مستشار قاضي القضاة الذي وصف الجدل الذي جرى حول التعليمات بأنه نتيجة “تخبط في الإعلام الأردني لأن الصحافيين لم يستقوا المعلومات من المصدر”.
وبرر العمري عدم إصدار دائرة قاضي القضاة بياناً توضيحاً متزامناً مع صدور التعليمات بـ “تأخر نشر الجريدة الرسمية على الموقع الالكتروني إلى ما بعد انتهاء الدوام الرسمي”.وأضاف: “فور نشر الجريدة الرسمية على الموقع الالكتروني لرئاسة الوزراء، تلقف صحافيون التعليمات، وأعادوا تحريرها دون التزام بالنص الوارد، ما أوقعهم في جملة أخطاء مثل الخلط بين دائرة الإفتاء العام وقاضي القضاة، إضافة إلى أن عدم الإشارة إلى إلغاء التعليمات السابقة، فصيغة الأخبار أوهمت المتلقي بأن التعليمات تصدر للمرة الأولى وتسمح بزواج ممن أتم الخامسة عشرة من عمره دون قيود”.
وأوضح أن التغطيات الصحافية الأولية لم تنشر نص التعليمات كما جاءت في الجريدة الرسمية، كما أنها لم تطلب رأي دائرة قاضي القضاة للاستيضاح، مشيراً إلى أنه بعد نشر وسائل الإعلام لهذه القراءة “الخاطئة”، تعاطى الجمهور واقعياً وافتراضياً مع تلك القراءة باعتبارها من “المسلم به”.وتابع أن جمعيات حقوقية بنت آرائها على ما طرح في وسائل الإعلام، ما دفع دائرة قاضي القضاة إلى التواصل مع إذاعات محلية لتوضيح فحوى التعليمات، قبل إعداد بيان توضيحي بثته وكالة الأنباء الأردنية (بترا).
ورداً على سؤال حول عدم استباق الدائرة للجدل بإصدار بيان للأسباب الموجبة لإصدار التعليمات، قال العمري إن الدائرة سبق أن طرحت مسألة تعديل التعليمات في الإعلام على فترات متباعدة، “وظننا أن يربط الصحافيون بين تصريحاتنا السابقة وصدور التعليمات الجديدة، لكن يبدو أن الفاصل الزمني كان كبيراً”.
وعرج المستشار على “تطور” التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية منذ صدور قانون الأحوال الشخصية لسنة 1976، الذي حل محل قانون حقوق العائلة الأردني، حيث نص القانون على أن السن المؤهلة للزواج 16 سنة قمرية للذكر و15 سنة قمرية للفتاة، واستمر العمل به حتى صدور قانون مؤقت عام 2001، عدل السن القانونية للزواج لتصبح 18 سنة قمرية، واعتبر الزواج لمن أتم الخامسة عشرة من عمره استثناء بموجب تعليمات يصدرها قاضي القضاة.وزاد: في عام 2010، صدر قانون الأحوال الشخصية 36 الذي ألغى قانون 1976 وتعديلاته، حيث أبقى على شروط الأهلية للزواج إلا أنه استبدل السنة الشمسية بالسنة القمرية.
وفي العام 2011، صدرت تعليمات حوت قيوداً على الزواج لمن لم يكمل الثامنة عشرة، لكنها منحت سلطة أكثر للقاضي، بحسب العمري.
وشرح أنه “من خلال اطلاعنا على الحالات التي استقبلتها المحاكم، فضلاً عن عملية تطوير الهيكل التنظيمي داخل الدائرة، عبر استحداث مديرية شؤون القاصرين تتبع لقاضي القضاة مباشرة، وإنشاء معهد قضاء شرعي ومكاتب للإصلاح الأسري، ارتأينا إصدار تعليمات جديدة تقلل من السلطة التقديرية للقاضي، وتضيف تسعة اشتراطات جديدة تقيد وترشد من الزواج لمن لم يكمل الثامنة عشرة”.
ووجد مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أن معالجات صحافية لصدور التعليمات المشار إليها قد جانبت الدقة من حيث تقديم معلومات ناقصة يعني افتقادها تشويه الوقائع، كما أغفلت تغطيات معيار التوازن والحياد الذي يفترض استطلاع آراء من مختلف الأطراف.