أكبر من كوبون

مقال الخميس 14-2-2019
أكبر من كوبون
قدّمت إحدى شركات توزيع البترول مساء أول أمس عرض الشراء بعشرين ديناراً والحصول على كوبون مجاني بقيمة خمسة دنانير ، فغصّت المحطّات وازدحمت السيارات وتعطّل السير و تكالب الناس للحصول على الغنائم المدفوعة مسبقاً من جيبه ومن “بوجيّاته”..
البعض يرى ان من حق شركة التوزيع ان تقوم بتقديم العروض التي تراها مناسبة وهذا يندرج تحت الذكاء التسويقي ،والبعض الآخر يرى أن ظاهرة تهافت الناس على العروض ظاهرة في كل مكان في العالم واستدلّوا بما يحدث بــ” بلاك فرايدي” والتنزيلات الهائلة المحدودة بوقت محدود في المتاجر العالمية..
لن أتحدّث العرض الذي مسّ كرامة الناس ، ولن أتحدّث عن الحاجة أم “الكسبة” هي التي دفعت الكثيرين للوقوف ثلاث ساعات ليوفّر خمسة دنانير في قادم الأيام وهو يعرف بقرارة نفسه انه “مش جاية من خمس ليرات ولا من عشرة..الذي لفت انتباهي هو التغير في “سيكولوجية” المواطن الأردني الذي لم يكن يقبل في سابق الأيام أن يصبح فرداً في قطيع ، ولم يكن يقبل أن يرمى له الحق فيلتقطه من على الأرض، كان ينتزعه انتزاعاً ، كان ندّاً وعنيداً وصاحب الخلق “الوعر” كما يصفه الدكتور خالد الكركي، صار مدجّناً ، يسعى الى المكارم أكثر من الحقوق ، ويفرح في العطايا أكثر من حرّ المال ، ويبحث عن المجّان حتى لو كان المرور إليه نزع بعض من عزّة النفس..هذا التحوّل الذي يؤرقني ، أن طريق المال الذي يمرّ على حساب الكرامة والمبدأ ، خطير ومرعب وينذر أن أشياء كثيرة قد كسرت في هذه النفس الشامخة حتى قبلت ما قبلت..القصّة أكبر من كوبون، القصة تتكرّر عند بيع الأصوات في الانتخابات ، تتكررّ عند مرور مسؤول مهم في مدينة او قرية “التوسّل” والاسترحام والطلبات المعيشية صارت تطغى على الفروسية وعفّة النفس والندية والسجايا التي تربينا عليها..وقد تتكرر القصة بمن يحضر المال غداً ويفاوض على ما هو أغلى من “كوبون أبو الخمسة” .
التغير في سيكولوجية الانسان هو المؤرق وليس كوبون البنزين…المؤرق عندما يصبح المال ثمناً لأي شيء..وعندما ترضى بالعفارية…بدلاً من رأس الكوم..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. حديث موجة للعامة..ودليل ذلك ذكر “العفارية” و راس الكوم..يخسوا الأشرار وهم هم العفارية وأنتم راس الكوم..!

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى