
على الرغم من تصويت #الكنيست الأخير الذي يدعم بشكل رمزي السيادة الإسرائيلية على أجزاء من #الضفة_الغربية (المنطقة ج)، فإن أكاديميين إسرائيليين يرون أن الضم قد تم بالفعل من خلال التغييرات #البيروقراطية والإدارية على مدى العامين الماضيين، وليس من خلال الإعلانات الرسمية أو التشريعات.
وفي صحيفة هآرتس، طعنت البروفيسورة ياعيل بيردا من قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في الجامعة العبرية، والدكتورة تمار مجيدو من قسم العلاقات الدولية والدراسات السياسية في الجامعة نفسها، والدكتورة رونيت ليفين-شنور من كلية الحقوق في جامعة تل أبيب، في الافتراض السائد بأن الضم يتطلب إجراء تشريعيا رسميا.
ويجادل هؤلاء الأكاديميون بأن تصويت الكنيست الشهر الماضي، الذي يعترف بـ”حق إسرائيل في يهودا والسامرة” (الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية) ويعزز السيادة على #المستوطنات اليهودية في المنطقة (ج)، هو مجرد “ستار دخاني” يهدف إلى إخفاء الضم الذي تم بالفعل من خلال وسائل إدارية.
الإطار القانوني
ويستشهد الأساتذة ببحث علمي لهم نشروه مؤخرا في مجلة أكسفورد للدراسات القانونية، يرون فيه أن الضم يمكن تحديده من خلال المؤشرات الرئيسية التالية: الإطار التنظيمي المعياري الذي تستخدمه الدولة لإدارة أراضيها، وهيكل الدولة التنظيمي وآليتها البيروقراطية، فضلا عن الممارسة الرمزية للسلطة.
ويوردون هنا الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، والذي خلص إلى أن الضم لا يتطلب إعلانا رسميا، ووجد أن إسرائيل ضمت بالفعل أجزاء على الأقل من المنطقة “ج” بوسائل بيروقراطية غير معلنة.
أدلة الضم الإداري
ويُفصّل التقرير التغييرات الهيكلية المهمة التي طُبّقت على مدار العامين الماضيين:
السيطرة المدنية تحل محل الحكم العسكري: تم تفكيك الجهاز العسكري التقليدي الذي يحكم الضفة الغربية، وأصبحت الوزارات الإسرائيلية المدنية تمارس الآن سيطرة مباشرة، وغدت الإدارة المدنية الآن ترفع تقاريرها إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي يشغل منصب وزير إضافي في وزارة الدفاع، بدلا من رفعها للقادة العسكريين.
إعادة الهيكلة المؤسسية: تعمل الوزارات الإسرائيلية، بما في ذلك وزارات النقل والتعليم والزراعة، بشكل مباشر في الأراضي المحتلة، مستخدمة الجيش كمقاول فرعي لمشاريع تهدف إلى ترسيخ السيطرة على المنطقة “ج” وأجزاء من المنطقة “ب”.
تغييرات في الكادر الوظيفي: عززت التعيينات الجديدة جهود الضم، بما في ذلك تعيين نائب رئيس الإدارة المدنية ممثلا لمصالح المستوطنين، والذي يرفع تقاريره إلى الوزير بدلا من القيادة العسكرية، كما أصبح المستشار القانوني المستقل للجيش تابعا للسلطة السياسية.
تكامل البنية التحتية: يصف التحليل تغييرات منهجية في الوثائق الإدارية، وتحويلات الميزانية، ومبادئ التخطيط، وعمليات الترخيص، ونقل صلاحيات الأراضي، وتطوير البنية التحتية، مما يدمج المستوطنات في الأنظمة القانونية المدنية وأنظمة البنية التحتية في إسرائيل.
3:08
العواقب والتداعيات: يحذّر الأكاديميون من أن هذه العملية تخلق “نظام فصل عنصري” ( #آبرتاياد ) حيث تعيش مجموعتان سكانيتان في المنطقة نفسها في ظل نظامين قانونيين مختلفين، مع عدم المساواة في الحقوق والتمثيل السياسي، ويذهبون إلى التأكيد على أن آثار هذا الإجراء تتجاوز التمييز ضد الفلسطينيين، مشيرين إلى تزايد عنف المستوطنين وتآكل سيادة القانون الذي يهدد المؤسسات الديمقراطية داخل إسرائيل نفسها.
تحليل سياسي: يذهب هؤلاء الأساتذة إلى أن إعلان الكنيست ضم الضفة الغربية يخدم غرضا إستراتيجيا الهدف منه هو التضليل، إذ يسمح للسياسيين الوسطيين بمعارضة الضم “المستقبلي” ويجعلهم يتجاهلون الواقع الحالي، كما يمكّن الحكومة من العمل في دولة ذات سيادة من دون مواجهة عواقب دولية، ويخلصون إلى أن الضم كان هدفا رئيسيا لجهود الإصلاح القضائي الإسرائيلي، وهو الآن يعزز تآكل المؤسسات الديمقراطية من خلال “دورة ذاتية التغذية”.
السياق الدولي: يأتي هذا التحليل في ظل تزايد التركيز الدولي على غزة في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب التي أعقبت ذلك، حيث يشير المؤلفون إلى أن هذا السياق وفر غطاء لأنشطة الضم المتسارعة في الضفة الغربية.
وخلص المقال إلى أن الضم أصبح واقعا، بغض النظر عن الإعلانات الرسمية، وأنه يسهم في تآكل القانون الدولي والمؤسسات الديمقراطية الإسرائيلية نفسها.
ويمكن القول إن حجة هؤلاء الأساتذة تتحدى كلا من الخطاب السياسي الإسرائيلي المحلي والدبلوماسية الدولية التي لا تزال تتعامل مع ضم الضفة الغربية كاحتمال مستقبلي بدلا من كونه واقعا قائما يتطلب استجابة فورية.