قصص قصيرة جداً / هارون الصبيحي

قصص قصيرة جداً
* * *
هجوم
ذبابة زرقاء في غرفتي، طيرانها مريب، تبدو ثملة، تسقط في فنجان قهوتي، ترفرف في ما ظنته بحرا، تقفز على ورقتي، تطير مخلفة رسما لخارطة وطن.
* * *
فروسية
رغبته نار تشعل حطب خياله، كلما نظر في مرآته أدرك سر حرمانه، قرأ عن بطولات عنترة العبسي، قرر أن يصبح فارساً مثله، انتهى زعيماً للزعران.
* * *
ضد الرصاص
قاتل مأجور يطارد كاتب، يترصده، تسلل إلى بيته في منتصف الليل، أشهر سلاحه، بحث عنه، وجده في غرفته يكتب، اقترب منه، قرأ…، دخل معه في حوار.
* * *
ابن حرام
قصته كتبتها رياح عاتية، آخر كل سطر غصة، عنوانها ولادته من علاقة غير شرعية، أشعل شمعة، طرد كان و أخواتها، فتح صفحة ناصعة البياض، لوّثها أبناء الحلال.
* * *
س
الطبيعة بكامل زينتها، الليل والقمر…، ثمة شاعر يكتب قصيدة شعر عنوانها قلق.
* * *
فجر
صاح الديك، لم يصح أحد، استشاط غضبا، كرر الصياح مرات عديدة، أفاق أحدهم و أطلق عليه الرصاص.
* * *
ضباب
فتح لي باب السجن، انفرجت أساريري، لقد انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر، خرجت ولم أخرج، لم أكن أعلم أن خلف ذلك الباب أبوابا.
* * * * *
قصر نظر
فتح لي باب القصر، انتظرت ذلك اليوم بفارغ الصبر، دخلت ولم أدخل، لم أكن أعلم أن خلف ذلك الباب أبوابا.
* * *
تشويه
سألته بعد أن ضاقت ذرعاً بالأمر: لماذا تحدق في صورتي طويلاً؟ أجابها دون أن ينظر إليها: لانني أحبك، ضحكت بغرور وهي تقول: شيء طبيعي أن تحبني، كان يتمتم وعيونه تدمع ليتك لم تخرجي من الصورة.
* * *
عقل
الحقيقة أنها كانت تريد أن تغير شكل أنفها الكبير لتتغير النظرة لها، هي تطمح أن تقهر الواقع، نجحت العملية، دخلت في واقع آخر لكنها لم تر أبعد من أنفها.
* * *
صلاحية
فشلت بنات أفكاره في إنتاج بطل لقصته الجديدة، طلب من صديقته الكاتبة التي لديها فيض من الأبطال أن تعيره واحدا، أرسلت له فارسا يحارب بالسيف، أركبه حصان سرده، سقط جريحا من سهم عين ثاقبة.
* * *
ذهول
أيقظتني ابنتي بعد منتصف الليل لتخبرني أن الحرب قد انتهت، قفزت من فراشي وقبلت جبينها، أسرعت لفتح التلفاز على قناة الأخبار، نظر المذيع في وجهي وبكى، صرخت، تذكرت أنها ماتت في القصف قبل ثلاثة أعوام.
* * *
فوق حفنة تراب
تعزف البنادق لحن الموت، ولد طفل وطفلة في معسكرين متناقضين، خلعا طفولتهما وكبرا، كانا مقتنعين أن كل من على الأرض شياطين، كلاهما كان يسأل لماذا تركوني وحيدا؟ كلاهما كره الوطن وما فيه، تزوجا واسسا وطنا جديدا.
* * *
جنون مزدوج
أحببتها يوم غد، عشقتني بالأمس، ما زلنا نبحث عن اليوم.
* * *
ابن شوارع
ولد على الرصيف، ترعرع على ساحل الشارع، شاهدته في ليلة ممطرة يجلس على درجات مهشمة، يرتجف من البرد، جلست بجانبه نحدق في المجهول، انفجرنا معا، صرخنا، شتمنا نصف سكان الأرض.
* * *
استجابة
هذا الصباح قال لي أبي: إنني كبرت وأستطيع أن أصرع رجلين، فرحت كثيرا، بعد منتصف الليل كانت جثته بجانب جثة أخي الكبير.
* * *
توقيت
بعد عشرين عاماً أدركت أنني لم أفتح باباً قط، كنت دائما أقفز من النوافذ، عندما حاولت أن أتغير لم أجد إلا الجدران.
* * *

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى