أصدقاٸي اللا Gooale يين

#أصدقاٸي اللا Gooale# يين

شبلي العجارمة

إن صديقيك أبو ليان الحسامي وأبو جواد الدوايمة لا يمکن أن يكونا علی محرکات البحث في جوجل ,هذه العبارة التي قالها لي ولدي ليث ليلة البارحة عندما أوصلني إلی بيت أٛبي جواد العداربة .
تبسمت وقلت له يا ولدي; إن هذه البيوت التي أرتادها تٶيني من عبثية الحاضر المزرکشة المتعبة,أنظر إلی بيت عمك أبي جواد,أدراج من الطوب ومرصوفة بالحجارة والإسمنت ,ترحب بك تينته العجوز الزراقية التي غرستها أمه ذات يوم رحمها الله ,تمعن في مصاطب حاکورة التراب التي کانت تعني الاکتفاء الذاتي لبيتهم ,حتی بيت الأدب _کما کان يسميه أٛجدادنا _ خارجي ,هذه البيوت التي لا يستقبلك علی عتباتها کلاب الحراسة ,ولا البواب ولا حتی الجنايني,بلا أسوار وبلا کاميرات مراقبة ,سنسلة حجارة قديمة تحجب فضول بيته عن الشارع ,أمام بيته مصطبة نصفها اسمنت والآخر تراب مربوص بالماء علی ربعه سجادة قديمة زرقاء ,کل ما يلزم يا ولدي هنا للحفاوة باستقبالي ; جنبية إسفنجٍ ومخدتين ,ثم ينادي علی ابنته جمانة “يابه يا جمانة احك لامکي بدنا ابرٕق شي “.
نتمدد بلا حرج ,نمازح بعضنا ,ندغدغ الضحك من خواصر الألم ,ثم يحضر علبة سجاٸره ابتهاجاً بالسهرة الطويلة .
نجوب شوارع طفولتنا ,يحدثني عن والده أبي الراٸد وعمه کيف هاجروا من دوما _الخليل ومعهم سلالات الحمام الأصيلة , يسرد لي عن أسطح بيوت عمان في جبل النظيف ,قصص عن الحمام ,عن هواة الحمام ,وعن أصول تربيته عندما کانت هذه الهواية منوطة فقط بالرجال الرجال أصحاب الذوق والخلق وقواعد لعبة تربية الحمام الطاٸر ,وليست قواعد الرجال علی شاکلة أطفال هذا الزمن ,في إحدی مصاطب بيته مقبرة سرية من نوع خاص ,فقط يواري في ترابها بعض جثامين وريش طيوره التي ماتت وکان لها قصص من الوفاء تشبه الخيال ,ثم يقول لي “لقد دفنت بهالحاکورة سبع طعشر طير غوالي علی قلبي”,ثم يذرف عليها دمعتين ويمج سيجارة فش الغل ,ويختتمها بعبارة ممزوجة بالابتسام الحزين “أنا عارف يا ابو الليث ,والله الواحد ما هو عاف شو بده يسوي!”.
أما أبو ليان الحسامي ,يأخذني من البيت ,ونمر بأبي جواد لنأٛخذه لبيت أبي ليان ,نمر اضطرارا من أمام بيت أهله ,نتطفل علی تينتهم الکبيرة ,ثم يوقفنا أبو ليان الحسامي علی باب البيت من جهة المطبخ,يفتح باب ثلاجته ,يعطي لکل واحد منا زجاجة مشروب غازي باردة وزجاجة ماء صحية ,ثم يمازحنا وهو يقول “هذا استحقاقکم الليلة لا تزهقونيٕ “.
نجلس علی سطح بيته, نتصبب علی طيوره ,تأخذنا الحکايا عن الحمام ,نتبادل ذات القصص ,ربما نبتاع من بعض أو نشتري من بعض ,أو نأخذها علی سبيل الهدايا

أعود يا ولدي من هذه البيوت التي لا خدم فيها ولا برستيج سوی برستيج البساطة الطيبة ,ثلاثتنا لا نلتق في طبيعة أٛعمالنا ,لکل منا عمله وحرفته الخاصة ,لکن جمعتنا هواية مشترکة ,وقصص نصفها ربما لم يعد يلزم ,أو بالأحری لن تفيدك أنت ,أتعرف لما يا ولدي ?,لأن الوفاء الذي عرفناه عن کثب مع هذه المخلوقات من الحمام کدنا أن نکفر بنرجسية قاموسه وبکل أشکاله مع سوی أبطال حکاياتنا ممن عايشناهم واقعا وخاصمناهم قصصا ورحلاً بنهاياتها,
أنا الهارب من الجوجل يا ولدي ,لأنه أصاب فکرنا بالشلل وثقافتتا ذبحها بالضمور والجمود والنسيان ,فهل تستکثر علی أبيك يا والدي وسط هذا الصخب الممل صديقين بلا عناوين کونية ?,أو أنهما ليسا مثلي قد هربا من خريطة العالم الإلکترونية ,لأن شوارعهم بلا أسماء لقادة لم ينتصروا أٖۭٛصلا ,وبيوتهم بلا أرقام زرقاء حرمت من کل خدمات البلدية والرفاه ,ولأن بيوتهم بلا کراجات ومداخل خاصة ,ولأن شايهم المعتق ألذ ما يشربه الضيف بارداً لأنس الحکايات ودماثة معازيبها !.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى